مقالاتمقالات مختارة

بين العلمانية العربية والإسلام السياسي وتجاهل التاريخ

بين العلمانية العربية والإسلام السياسي وتجاهل التاريخ

بقلم عبد الرزاق الحسيني

بعد قرن من حكم العلمانية العربية بجميع أشكالها، ونتائجها الكارثية على البلاد والشعوب العربية، لا تزال تنسب فشلها وأخطاءها للإسلام السياسي، الذي لم يحكم يوماً واحداً.

إنّ العداء للإسلام السياسي ناجم عن عدم قدرة الأنظمة القمعية على مواجهة التأييد الشعبي له في المنطقة العربية، وعجز العلمانية العربية عن تغطية فشلها في تقديم نموذج حضاري ديمقراطي.

يقول المستشرق لويس برنارد عن الحركات الإسلامية:

 إنها كانت ردًّا على الأنظمة العربية القمعية، والاستبداد العلماني. وقال إن الديمقراطية هي الحل لكلتا الحالتين (الأنظمة القمعية والاستبداد العلماني) وقال: إما أن نوفّر لهم الحرية أو سيدمروننا. (١)

خلال أزمة انتشار وباء كورونا، انتشرت معه بعض الممارسات الإعلامية التي تتصف بالجهل، أطلقها الكثير ممن ينتسبون لبعض التيارات السياسية والتنويرية الحداثية المؤدلجة.

خاصةً مع انكشاف عجز المنظومات الطبية في كثير من الدول المتقدمة والنامية على حدّ سواء، أمام هذا الفيروس القاتل.

حيث انكشفت الكثير من عيوب الرأسمالية العالمية، بجشعها، وتغولها في استغلال الإنسان، وتوحشها المريب في صناعة الأسلحة المدمرة، على حساب بقية المنجزات الحضارية الأخرى، ومنها المنظومة الطبية.

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي شبهات إعلامية غريبة، تتّهم الإسلام بالرجعية والتخلّف، مع صورة لمسجد، وتعليق يقول:

بدلاً من بناء مسجد لا يفيد ولا يقدّم شيئاً للإنسانية، لماذا لا يُبنى مشفى، ينقذ المرضى في مثل هذه الظروف؟

أو صورة لرجل دين مسلم أو كاهن مسيحي، وتعليق آخر يقول:

الآن ظهرت خزعبلاتكم، هيا: ابحثوا عن علاج لوباء كورونا إن كنتم صادقين، دعواتكم وخزعبلاتكم لم تعد تنفع مع العقل والمنطق، ويجب القضاء عليكم.

وكأن رجل الدين صار طبيباً أو باحثاً في المختبر، متجاهلين عامل الاختصاص، الذي يوجب أن يعمل كل فرد أو مؤسسة في الحقل الذي يختصّ به.

 ما هذا الفكر الغريب؟ هل تستطيع أن تطلب من محامي أو من مهندس أن يكتشف علاجاً طبياً؟ أو أن تطلب من طبيب أن يترافع أمام القاضي في المحكمة؟

والأغرب أن أغلب من يطلق تلك الشبهات هم من المحسوبين على الطبقة العربية المثقفة، أو المتنورون الجدد. تراهم يشنون الهجمات تلو الهجمات على الإسلام، متهمين إياه بأسباب البلاء والمصائب.

يحتار ذا العقل:

هل يردّ على تلك الدعوات والشبهات الغير منطقية؟ فيخشى أن ينزل إلى مستوىً فكري لا يرضاه لنفسه.

أم يسكت، فيُظَنّ أنه عاجز عن الردّ، ويزداد غيّ وانتشار تلك الشبهات بين العامّة.

ألم يفكر أولئك المتنورون، أن بلداً مثل إيطاليا، لا توجد فيها مساجد، كيف عجزت منظومتها الطبية عن استيعاب المصابين بالوباء؟

وما الرابط بين بناء المساجد، التي تُبنى بتبرعات الناس، ولا تُبنى من ميزانية الدول، وبين بناء المشافي؟ الذي بالأصل هو الواجب الأول للدولة، وهو مرفق صحّي خدمي بامتياز، لماذا لا يلومون الحكومات عن تقصيرها في تطوير منظوماتها الطبية؟

وعلى فرض أن بعض الدول تبني المساجد من ميزانية الحكومة، كالسعودية أو ماليزيا أو تركيا، ألم يلاحظوا أن تلك الدول قد تفوقت منظوماتها الطبية على الكثير من منظومات الدول المتقدمة التي لا تبني المساجد، كإيطاليا وفرنسا ومعظم الدول الرأسمالية؟ وأنّ بناء المساجد لم يكن عائقاً أمام التقدم والازدهار؟ (لن نتكلم هنا عن دور المساجد ودور العبادة في المجتمع).

لماذا لم نرَ دعوات من أولئك التنويريين الجدد، لوقف بناء البارات وبيوت الدعارة ومراكز القمار، والملاهي، التي يُنفَقُ فيها ملايين الدولارات كل ليلة، على الجنس والمخدرات، وتدمير المجتمع والعلاقات الأسرية، وتحويل إيراداتها لتحسين الخدمات الطبية؟

ألم يعلم أولئك أن المساجد في كثير من الدول العربية والإسلامية، تقدّم للدولة أموالاً من خلال ريع العقارات والأوقاف الملحقة بالمساجد؟ ولا تستفيد من أي مخصصات من ميزانية الدولة؟ عدا عن احتضانها للكثير من الفقراء ودور الأيتام والمشافي المجانية والجمعيات الخيرية التي ترعى آلاف العائلات الفقيرة، وهذه المهمة هي أصلاً من واجب الدولة.

كما أن المساجد في أوروبا، تموّل نفسها من خلال تبرعات المسلمين، الفقراء منهم قبل الأغنياء، بل وتدفع ضرائب للدولة، خاصةً بعد صدور العديد من القوانين بمنع تمويل المساجد من خارج أوروبا.

إنّ بلاد الحرية والرأسمالية، الغارقة في مصائبها الاجتماعية، وتفككها الأُسَري، لم تصل إلى ما وصلت إليه من بنية صناعية متقدمة، إلا من خلال نهب ثروات الشعوب الأخرى في أفريقيا وآسيا، ولا زالت، أما تفوقها من الناحية الإنسانية، وأنظمة الرعاية الاجتماعية، وحرية التعبير، فقد حصلت عليها من خلال المطالبات الشعبية المستمرة على مدى عقود طويلة، ولا دخل لمحاربة الدين فيها، آخرها كان في فرنسا منذ عام واحد فقط، حيث طالبت جماهير الشعب بتحسين الأجور، وظروف التقاعد، وساعات العمل، فما دخل الدين بمثل هذه المطالب الشعبية الاجتماعية؟ ردّاً على من يدّعي أنّ أوروبا تفوقت حضارياً بعد طلاقها من الدين المسيحي، واتخاذ العلمانية نهجاً سياسياً. فهذه المطالب الشعبية قد تحصل في أية دولة، علمانية كانت أو دينية أو محايدة.

لم تصدّر هذه الأنظمة الرأسمالية لدول العالم سوى السلاح والدمار والتخلف، ومنعت عنها المنجزات الحضارية والصناعية والثقافية، لتبقى ضعيفةً متخلّفة، وتنهب ثرواتها، وتبني أمجاداً على حساب تلك الدول.

ماذا قدّمت تلك الأنظمة للإنسانية؟ هل قدّمت غير الاستعمار والقتل والعبودية وزرع الطغاة؟

لقد سمحت الحكومات الغربية بـ “الاستثناء” العربي لأنها كانت تعتقد أن أفضل من يخدم مصالحها في المنطقة هم الحُكام المستبدون، بوعدهم الوهمي بـ “الاستقرار”، وفضلت هذا الاختيار على مسار الحكومات المنتخبة المليئة بالاحتمالات.(2)

هل ينكرون ما فعلت علمانية الهند بالمسلمين على مدى التاريخ وحتى اليوم؟ أم علمانية الصين، أم علمانية روسيا وقبلها الاتحاد السوفييتي؟

بينما عاشت جميع الأقليات طيلة خمسة عشر قرناً جنباً إلى جنب مع المسلمين، كمواطنين، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، ولا ينكر هذه الحقيقة إلا جاهلٌ بالتاريخ، أو موتور حاقد لا يريد أن يرى إلا كتب جورجي زيدان الخيالية، التي نسجتها أقلام المخابرات الغربية وإداراتها الاستعمارية.

لم ينسى المتنورون الجدد أن ينسبوا للإسلام كل مصائب الشرق، من تخلف حضاري واقتصادي وثقافي واجتماعي.

متناسين أنّ ١٠٠ عام، ما حكم البلاد العربية فيها إلا علماني أو ديكتاتور، فماذا كانت النتيجة؟ قتل وخراب ودمار وفقر وظلم وتخلّف. والغريب أن أغلب أدعياء التيار العلماني العربي يتهم الإسلام بهذه النتيجة، رغم أن الإسلام السياسي لم يحكم ولا يوم واحد في هذه البلاد (باستثناء عام واحد في مصر)، بل العكس تماماً، جميع الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية طيلة قرن من الزمن حاربت الإسلام والمسلمين، ولم يكن للإسلام إلا الاعتقال والسجن والنفي والموت.

يقول الصحفي البريطاني روبرت فيسك:

الطغاة والحكومات العربية العنيفة في الشرق الأوسط تتاجر بتلك القمامة (محاربة الإرهاب والإسلام السياسي) على مدى عقود، حيث فعل ذلك أنظمة السادات ومبارك والسيسي وملوك الخليج الذين يخورون بتلك الأوهام في شعوبهم، ويهددون أي شخص يختلف معهم. (٣)

من ينكر أنّ مجرد تربية اللحية في سوريا كانت جريمة، ومن يصلي الفجر في المسجد كان يُعتقل، ومن يتكلم بالدين ولو همساً، كان السجن مصيره.

هل ينكرون من حكم ويحكم في العراق؟ وما فعله بالشعب العراقي؟

هل يذكرون ديكتاتورية العسكر المصري، وفظائعهم منذ عبد الناصر إلى اليوم؟ وقبلهم ملوك أسرة محمد علي، بفسادهم وظلمهم للشعب؟

هل يعلمون كيف حارب بورقيبة المجتمع في تونس؟ ومن بعده الديكتاتور زين العابدين؟ الذي بلغ به بجواره في خصومة الدين الإسلامي أن حارب الدمية (فلّه) لأنها محجبة، وكل الشرطة بتتبع المحلات التجارية التي تبيع هذه الدمية المحجبة ومصادرتها، لئلّا تنتشر مظاهر التدين في الشعب التونسي. (٤).

ماذا فعل عسكر الجزائر بالشعب الجزائري وما جرّه عليه من تخلف وقتل وديكتاتورية؟

لم يحكم ديكتاتور أو علماني عربي أو قومجي إلا اتخذ الإسلام عدواً له، لأن من نصّبه على عرش الطغيان، هو الغرب الرأسمالي، الذي يريد لهذه البلاد أن تبقى متخلفة، ولا تتنسم رياح الحرية والديمقراطية.

يقول كينيث روس المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش:

على المجتمع الدولي أيضاً أن يتصالح مع الإسلام السياسي وقت أن يكون الإسلام السياسي هو ما تفضله الأغلبية. الأحزاب السياسية الإسلامية تتمتع بجماهيرية حقيقية في أغلب مناطق العالم العربي، السبب يعود لأن الكثير من العرب رأوا أن الإسلام السياسي “ضد” الحكم المستبد، لأن الأحزاب الإسلامية بشكل عام أحسنت تمييز نفسها من خلال برامج الخدمات الاجتماعية، وهو ما لم توفره الدولة الفاسدة التي لا تخدم إلا نفسها، والسبب أيضاً لأن الإسلاميين يتمتعون بمزايا تنظيمية لم تتوفر لنظرائهم من الأطراف العلمانية، وجزء من السبب لأن الإسلام السياسي يعكس القيم المحافظة والدينية للكثير من الناس في المنطقة، وتجاهل هذه الشعبية يعني انتهاك مبادئ الديمقراطية.(٢)

وهو يعود ليؤكد ذلك بقوله:

في مناطق أخرى من العالم، انتشرت الديمقراطية، لكن يبدو أن الغرب راض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدعم طائفة من المستبدين العرب، طالما هم يدعمون المصالح الغربية ويرعونها. في مناطق العالم الأخرى، متوقع من الحكومات – من حيث المبدأ على الأقل – أن تخدم شعوبها، لكن الغرب ينظر إلى أباطرة ومستبدين العالم العربي وكأنهم ضمانة “الاستقرار”، حتى لا ينزاح الغطاء عن صندوق المطالب الشعبية. العالم يروج لحقوق الإنسان كقاعدة عامة، لكن العالم العربي هو الاستثناء في نظر العالم. أما مسألة تعذيب هؤلاء الطغاة وقمعهم لشعوبهم فهي مسألة ثانوية للغرب. (٢)

ألم يدرك المتنورون الجدد أن تلك الأنظمة (اللاإسلامية) هي من دمّرت البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والأخلاقية لبلادنا؟

لماذا لم يتحدثوا عن خياناتهم وعمالتهم وتجاربهم في بناء السجون وتهجير العقول ومحاربة الإبداع؟

لماذا هذا التزييف للوعي والتاريخ والقيم والأخلاق؟

بل تراهم من أشدّ المؤيدين للطغاة والديكتاتوريات، لمجرد أن أولئك الطغاة يعادون التيارات الإسلامية.

ربح الإسلام السياسي أتباعاً إذ أصبح تيار التعبير الأول عن الغضب من حُكام المنطقة الفاسدين غير المستجيبين لمطامح الشعوب. لأن المسجد كان في العادة المؤسسة الأكثر حرية في مجتمع مدني مقموع؛ أصبح المسجد نقطة تجمع طبيعية للغاضبين. ودأب زعماء العرب في أغلب الحالات على التلويح بتهديد الإسلاميين العدوانيين كبديل لهم حتى يضمنوا دعم الغرب في حملاتهم القمعية وحتى يتجاهلوا مطالب الانتخابات النزيهة.(٢)

العلمانية العربية والامبريالية العالمية، والديكتاتورية لم تحتمل الديمقراطية بمصر إلا عاماً واحد (وهو الاستثناء الوحيد لحكم الإسلام السياسي )، وأسقطت أول رئيس شرعي في التاريخ، لمجرد أنه إسلامي، بينما الإسلام السياسي صبر على الديكتاتوريات والعلمانية العربية قرناً كاملاً.

 خلال هذا العام الوحيد، هل تم اعتقال صحفي أو سياسي أو أي إنسان خارج نطاق القانون كما كان يفعل طغاة العرب اللاإسلاميين؟ هل شهد العالم حريةً سياسية وفكرية وحقوقية وصحفية كما شهدتها مصر خلال هذا العام الوحيد؟

٨٠ سنة من علمانية تركيا المعادية للإسلام لم تجلب لتركيا إلا الفقر والتخلف، لدرجة أن رغيف الخبز كان ثمنه ثلاثة ملايين ليرة تركية. بينما الإسلام السياسي بأقل من ١٥ سنة جلب لتركيا ما لم تجلبه أوروبا من الحضارة بخمسة قرون، بل وتفوق عليها، وانضمت تركيا لنادي الكبار.

لماذا لا تُترك للشعوب حرية اختيار النظام السياسي والاجتماعي وفق مبدأ الديمقراطية الذي يتغنى به أولئك الموتورون؟

أم أن الديمقراطية تصبح مرفوضةً عندما يختار الشعب الإسلام السياسي؟ كما حصل في مصر والجزائر وغيرها من الدول.

من منا لا يتذكر التصريحات الأمريكية في عدة مناسبات على الإعلام، وأيّدها الكثير من أدعياء التنوير العرب: فلتذهب الديمقراطية إلى الجحيم، إذا كانت ستجلب الإسلام إلى الحكم.

ألم يصرّح نائب الرئيس الروسي ميدفيديف بأنه لن يسمح بوصول المسلمين (السّنّة) إلى الحكم في سوريا؟ وكذلك صرّح وزير الخارجية لافروف. (٥)

هل يستصعبون قيام نظام حكم مدني قائم على الديمقراطية، ويتفاعل مع المجتمع، بتوجه إسلامي معتدل؟ في حال رغبت الشعوب ذلك وكان اختيارها حرّاً؟

أم أنّ الشعوب قاصرةً ولا يجب منحها حرية الاختيار إلا عندما يكون الخيار علمانياً أو ديكتاتورياً؟

 أما مسألة تعذيب هؤلاء الطغاة وقمعهم لشعوبهم فهي مسألة ثانوية للغرب.

أليس من حق الإسلام السياسي أن يأخذ دوره وفرصته في الحكم، أسوةً بالعلمانية والديكتاتورية الجاثمة على صدور بلادنا منذ قرن كامل؟

كل المصائب ينسبها العلمانيون العرب إلى الإسلام السياسي، وهم أنفسهم من ارتكبها، ولا يجدون مهرباً من مصائبهم إلا بتعليقها على شماعة الإسلام السياسي، لأنهم يعرفون أن الإسلام لو حكم في أي بلد، فسوف يفضح عجزهم وتقصيرهم وجرائمهم، بحضارته وإشعاع نوره الثقافي الحضاري الإنساني، وسيتفوق حضارياً على جميع الأنظمة في العالم.


المصادر:

  • برنارد لويس: كتاب المعتقد والسلطة، ٢٠١٠

مستشرق أمريكي من أصل بريطاني، معادي للعرب والإسلام، ومؤيد لسياسات الغزو الأمريكية للدول العربية والإسلامية، عمل محاضراً بجامعة برنستون. ألَّف 20 كتابًا عن الشرق الأوسط من بينها: الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط الحديث، وحرب مندسة وإرهاب غير مقدس.

  • كينيث روس، حان وقت التخلي عن الطغاة، موقع هيومن رايتس ووتش، ٢٠١١.
  • روبرت فيسك، مقال بصحيفة الإندبندنت بعنوان: ثمة سبب لاتصال أكثر من طاغية عربي بدونالد ترامب، ١٤/٢/٢٠١٧
  • حامد بن عبد الله العلي، أستاذ الثقافة الإسلامية في جامعة الكويت، مقال منشور في موقعه بتاريخ ١٨/١/٢٠١١
  • نائب الرئيس الروسي مدفيديف ووزير الخارجية لافروف، صحيفة المدينة نيوز، ٢٩ كانون الثاني/٢٠١٣

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى