بين العباد و العبيد
بقلم د. محمد فتحي الشوك (منتدى العلماء)
بين ألف و ياء العبيد تنقلب المعاني..بين صيغة العبادالمنسّبة دوما لله او لاسمائه(الرّحمن):
_«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي»
_” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا “.
و قد وردت في القرءان على عدد اسمائه(انّ للّه 99اسما من حفظها دخل الجنّة).
وردت كلمة عباد دوما منسّبة و بعدد اسماء الله الحسنى.
امّا كلمة عبيد فوردت خمس مرّات غير منسّبة و مقرونة دوما بلفظ “بظلّام”:
قال تعالى:
_1_ لقد سمِع اللهُ قول الذين قالوا إنّ الله فقيرٌ ونحن أغنياءٌ سنكتبُ ما قالوا وقتلهُمُ الأنبياء بغيرِ حقٍ ونقولُ ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدمت أيديكُم وأنّ الله ليس بِظَلامٍ للعبيد(182)(آل عمران).
_2_ : (( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملآئكة يضربون وجُوهَهُم وأدبارهم وذُقوا عذاب الحريق (50) ذلك بما قدمت أيديكُم وأن الله ليس بِظَلامٍ للعبيد(51)( الأنفال)
_3ـ : ومن الناس من يُجادل في الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتابٍ منير (8) ثَانِيَ عِطفِهِ لِيُضِلَّ عن سبيل الله له في الدنيا خزيٌ ونذيقه يوم القيامةِ عذاب الحريق (9)ذلك بما قدَّمت يداك وأنّ الله ليس بِظَلامٍ للعبيد(10)(الحجّ)
_4_ : قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد (27)قال لا تختصموا لدىَّ و قد قدمتُ إليكم بالوعيد (28) ما يُبدَّلُ القولُ لدىَّ وما أنا بِظَلاّمٍ للعبيد).(29) (ق).
_5_: من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربُّك بِظَلامٍ للعبيد)(46(فصّلت).
_ا_دراسة تحليليّة للايات الخمس الواردة فيها كلمة العبيد:
انّ دراسة سريعة للايات كما وردت مرتّبة في القرءان(بيوتها:العمران(2), الانفال(7),الحجّ(22),قاف(50) و فصّلت(61) و بالرّجوع الى محيطها و سياقها نستنتج الآتي:
_1_حديث عن الفقر و الغنى اي المعطى و الحاجة الحسّية المادّية و المعنويّة..انكار للفضل و ارجاعه للذّوات بل و احتكار التصرّف فيه و التشبّث بالمصلحة الذّاتية و رفض كلّ تصحيح و اصلاح الى حدّ الاعدام و القتل و التدمير:باب عبيد المصلحة و هو مرض معد قادر على التّفشّي و الانتشار..ورد في سورة ال عمران ذات الدّلالات على البناء و الاعمار…بما يعني انّه سبب للخراب و الدّمار.(بما قدّمت ايديكم:بصيغة الجمع ).
_2_حديث عن الملائكة الّتي لا ترى اي عالم الغيب الّذي لا يدركه الحسّ و اثبات لوجودها لمن انكرها في حياته و كان سجين ادراكه النّسبي المحصور في البرهان الحسّي المبتور من الجانب الغيبي..وردت في سورة الانفال :اقتسام الغنائم المادّية و يطلق عليها ايضا سورة القتال و الفرقان:باب عبيد المادّة الحسّية و النّفعية و الرّبحية.
_3_حديث عن الجهل و العلم ،النّور و الهدى و الضّلالة و الجدال العقيم…وردت في سورة الحجّ(و الحجّ عرفة اي عرفه)..باب عبيد الهوى و الجهل و الادّعاء و الشّعوذة و التّعالم .
_4_حديث عن مكافحة بين الضّالّ و قرينه الّذي يتبرّا منه..قرينه الّذي اعماه الكبر فنفخه فيما يغويه طغيانا و استكبار..باب عبيد الكبر و الطّغيان و الاستكبار و الاستعلاء.
_5_حديث عن الاعمال الصّالحة و السّيئة..عن الطّاعة و المعصية..و اشارة الى النّفعية المباشرة او المضرّة النّاتجة للعمل على من قام به و تذكير بانّ الله غنيّ عن العالمين و انّه الحقّ المقسط العدل(و أن ليس للإنسان إلّا ماسعى..لها ما كسبت و عليها مااكتسبت..)وردت في سورة فصّلت..فيها اشارة الى انّ ظلم الانسان لنفسه ليس فقط بمعصية ربّه (مطالب حينها شرعا بالتّوبة)و لكن ايضا بالمنّ في طاعته و عدم إرجاع الفضل لصاحب الفضل من هداه و اكرمه بها:باب عبيد المعاصي و حتّى الطّاعات(بالمنّ و الرّياء و عدم الادإخلاص للّه).
كلّ كلمات العبيد اتت مقترنة بالظّلمة..و الظلّام هو من يطفئ نوره فيه..و الظلّام هو من يجعل نفسه معزولا و عازلا للانوار..و الظلّام هو من يبثّ ظلمته على الأجوار..
_ب_دراسة رقمية شمولية للايات الخمس:
الاية 182(ال عمران)و الاية 51(الانفال):عدد الكلمات كلّ منهما:9,عدد الحروف:36 , العدد الجملي:2763.
الاية10(الحجّ):عدد الكلمات 9,عدد الحروف:34,العدد الجملي:2713.
الاية29(قاف):عدد الكلمات:8,عدد الحروف:29,العدد الجملي:1515.
الاية46(فصّلت):عدد الكلمات 11,عدد الحروف 43, العدد الجملي:2405.
عدد الكلمات للايات الخمس:46(عدد صبغياتنا كذلك اسم الجحيم:1+30+3+8+10+40=46*2)
عدد الحروف للايات الخمس:178=89*2.(المذلّ 89*9=801)
العدد الجملي للايات الخمس:12159=193*63.(الانسان:1+ 30+1+50+60+1+50=193مع العلم بانّه في القرءان لم يذكر الانسان الّا بالف باطنة(اي بعدد جملي=192 و هو اسم الله المانع(هل أتى على الانسن حين من الدّهر…خلق الإنسن…)فالألف الظّاهرة في الإنسان هي ألفه أي إضافته الذّاتية و قيّوميّته النّسبيّة .
باعتبار كلّ المعطيات أي 193*63*46*178 يمكن أن نستنتج أنّ لانسان صاحب 46 صبغيّة المعتمد اأساسا على ذاته في إنكار أو استنقاص لمسبّب الأسباب في الجحيم و و اقع تحت هيمنة المذلّ..فهو مفعول به في الذلّ ..ذليل و مٌذٓلّ..و ياء العبيد الّتي وقع التّركيز عليها في اختلافها مع ألف العباد (ألف القيّوميّة الحقيقيّة المرادة من المريد)هي ياء إذلال و مذلّة و هي ياء الجحيم.
اللّهمّ اجعل قيّوميّتنا في قيّوميّتك الأزلية المتجلّية فينا شريعة و حقيقة محمّدية.