بين البلاغ المبين والملتبس
بقلم د. سعد الكبيسي (خاص بالمنتدى)
يقول سبحانه:”فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ”.
ويقول: “وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ”.
ويقول: “وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ” .
ويقول: “وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ”.
ففي هذه الآيات وامثالها يصف البلاغ النبوي بأنه مبين وذلك لأن الكتاب المنزل (القرآن) هو كتاب مبين كما قال سبحانه: “تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ”.
يعتقد جمع من العلماء والدعاة والمخلصين أن البلاغ لوحده كاف في إقامة الحجة على الناس دون أن يتأكد أن بلاغه هذا هل هو بلاغ مبين ومفصح أو بلاغ غامض وملتبس.
يقول سيدنا علي رضي الله عنه: “حَدِّثُوا النَّاسَ، بما يَعْرِفُونَ أتُحِبُّونَ أنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ ورَسولُهُ”
والتحديث بلاغ والبلاغ حين لا يكون مبينا حسب عقول المخاطبين سيؤدي للتكذيب والكفر اي بعكس مراد البلاغ ومقصده تماما.
ويؤكد ذلك ابن مسعود رضي الله عنه فيقول: ” ما أنت بمحَدِّثٍ قَومًا حديثًا لا تبلُغُه عُقولُهم إلَّا كان لبَعضِهم فِتنةً”
فمن الناس من يفتن ويضل الناس ببلاغه الملتبس وهو يريد هدايتهم وصلاحهم.
ودققوا في قوله تعالى: : “وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ” فالطاعة والهداية هي ثمرة للبلاغ المبين للرسول!!!
والبلاغ المبين هنا ونوع ودرجة إبانته يختلف زمانا ومكانا وشخوصا ومجتمعات وأحوالا والاجتهاد كما يكون في صحة البلاغ فينبغي أن يكون الاجتهاد في صحة كونه مبينا لا ملتبسا.
والبلاغ المبين هنا في احيان كثيرة يحتاج إلى علم ومهارات وإدراك لواقع المخاطبين ومفاتيح الدخول للتأثير فيهم.
وينبني على كل هذه المفاهيم احكام عقدية وفقهية لا يتسع المقام لبسطها.
فيا أيها العالم والداعية والخطيب والمثقف والإعلامي والمربي والناصح والمعلم والأب والأم:
قد تكون المشكلة في بلاغك غير المبين وليس في استجابة المُبلَّغين !!