بين الإيمان بالغيب.. والإيمان بالخرافة
بقلم د. محمد عياش الكبيسي
الأصل أن الإنسان يتعامل مع العالم المحسوس (عالم الشهادة) وهو مزوّد بالأدوات التي تساعده في ذلك، أما الذي هو خارج مداركه فهذا هو الذي نسميه (عالم الغيب)
والدين -أي دين- من حيث المبدأ يعتمد على الغيب، وهذا هو الفارق بينه وبين العلوم التجريبية والقوانين الوضعية والفلسفات العقلية ..الخ
ولكن هذا قد يكون مرتعا خصبا لنموّ الخرافة والأساطير التي لا علاقة لها بالحق ولا بالحقيقة.. كما نرى ذلك في كثير من الطوائف الباطنية المنحرفة..
بينما الإسلام يحصّن أتباعه بقاعدة ذهبية خلاصتها: أن الوحي هو النافذة الوحيدة لاطلاع الإنسان على علم الغيب (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)
فإذا حدّثنا الوحي عن الغيب صدّقنا من دون تشكيك ولا إضافة ولا نقصان..
فالوحي ذكر لنا: الجنّة والنار، والملائكة والجن، بصفات محددة وأخبار معينة، فهذا هو الذي نصدقه ولا نشك فيه، أما زيادات الناس فهي منزلق نحو الخرافة.
سمعت مرة أحد الوعّاظ يحذّر من أن اليهود قد بعثوا علينا سبعة آلاف جنّي يهودي …الخ قلت يا شيخ ما مصدر هذا الخبر؟ قال: سبحان الله أتنكر وجود الجن؟! انظروا إلى جوابه، يعني أنه إذا كان القرآن قد ذكر الجن، فأنا ملزم بتصديق هذا الشيخ بكل ما يقوله هو، وإن كان مصدره جنيّة يهودية-كما عرفت فيما بعد-!!
هناك (شيوخ أطباء) يصفون أدوية للمرضى، بعد أن يجري الشيخ اتصالا سرّيا مع طبيبه الجنّي!! وقد رأيت هذه الحالة بنفسي.
وكذلك مثالنا السابق (العين حق) انظروا هذا النص كم حمّل من الخرافات والشعوذات، والمتاجرة بادعاء أن هذا الشيخ قد ألهمه الله معرفة العائن أو الحاسد ..الخ وكل هذا منزلق خطير للدجل وخلط جاهل أو ماكر بين الإيمان بالغيب والإيمان بالخرافة.
الخلاصة يا إخوة من حدّثكم حديثا عن الغيب طالبوه مباشرة بالنص الواضح الصريح، ولا يخدعكم بالإحالة إلى النصوص العامة أو المجملة ..
والله يسددكم ويرعاكم.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)