بيان رابطة علماء المسلمين حول زيارة الرئيس السوداني الى رأس النظام النصيري
الحمد لله وليِّ الصابرين، ينصُر عباده المؤمنين ويملِي للظالمين المعتدين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه الغرِّ الميامين.
أما بعد.
لقد مضى زهاء سبع سنوات على ثورة الشعب السوري ضد النظام البعثي الغاشم، ولإيزال السفاح، يلجّ في طغيانه، ويسدِر في غوايته، فيقتل الرجال، ويسبي النساء، ويسحل الأطفال، ويشوِّه الأجساد، ويجوع الأحياء، ويحاصر المدن، ويقتحم البيوت، وينتهك الحرمات؛ مع التمكين واستيطان الإيرانيين الرافضة وسواقط شيوعيي روسيا في مدن الشام.
ولما كان مقتضى ولاية المؤمنين أن يكون المؤمن مع إخوانه، ينصرهم، ويذب عنهم، يتألم لألمهم، ويفرح لفرحهم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله] رواه الستة إلا النسائي، فإنه كان حتماً واجباً على المسلمين جميعاً أن ينصروا إخوانهم في سوريا، وكان هذا هو الظنَّ بالسودان شعباً وحكومةً، وقد وقف السودان موقفاً حسناً مشرفاً إبان الثورة بإيواء القاصدين أرضه بأنواع من التسهيلات ، ولكن ما فاجأنا به الرئيس السوداني عمر البشير من زيارة رئيس النظام وأعوانه في دمشق لأمر عجب ، يشي بتزكية القتلة وكسر العزلة التي يعيشها النظام لسنوات دون النظر الى معاناة آلاف المشردين والمهجرين، في محاولة لتحسين صورة نظام الأسد، الذي عرف جرائمه القاصي والداني .
ومهما كانت التعليلات السياسية اللا أخلاقية لهذه الزيارة فإننا على يقين بأن هذا الموقف لا يعبر عن تطلع السودانيين في نصرة المظلومين،ونذكر الحكومة في السودان بأن التذبذب في مثل هذا الشأن من نصرة المستضعفين وإنصافهم من الظالمين، ليس من شيمة المسلمين الصادقين،بل ذلك ما حذرنا الله عز وجل منه في قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (الممتحنة:1).
إن على الشعب السوداني وغيره من الشعوب العربية والمسلمة أن ينصروا إخوانهم المستضعفين في بلاد الشام بكل الوسائل وأن يقوم كل بواجبه الذي أناطه الله به، من الكتابة، والخطابة، وإيصال المساعدات، ولزوم الدعاء لهم ، وغير ذلك من أنواع النصرة، وذلك واجب شرعي وأخلاقي وانساني ؛ قال الله تعالى: (( إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)) وفي الحديث عن عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من مسلم يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وتنتهك فيه حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته} رواه أحمد وأبوداود بسند حسن.
ورسالتنا الى إخواننا المكلومين في سوريا , أن أثبتوا فإنما النصر صبر ساعة، واعلموا أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا , قال تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف:110] فبمعونة الله تعالى وتثبيته لكم ،ستطوقون سائر المؤامرات التي تحاول إجهاض ثورتكم ،وستهزمون الحلف الروسي الإيراني ،ومن مضى في ركابهم ،قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
والله المسؤول أن ينصر إخواننا في سوريا، وأن يقطع دابر الظالمين، وأن يحق الحق بكلماته، إنه نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بيان صادر عن
الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين
الثلاثاء 11 / ربيع الآخر / 1440هـ
الموافق 18 / 12 / 2018م
(المصدر: رابطة علماء المسلمين)