بيان رابطة علماء المسلمين بشأن إلغاء منصب مفتي الجمهورية السورية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد؛
فامتدادًا لما يقوم به النظام النصيري في سوريا من جرائم طائفية بغيضة بحقِّ الشعب السوريِّ ذي الأغلبية السُّنيَّة، واستمرارًا للاستهداف المنهجي المتعمَّد لهُويَّة أهل السنَّة، التي ترسَّخت هناك منذ أن دخل الإسلام أرضَ الشَّام؛ فإنَّ ذلك النظامَ الطائفيَّ يعمد اليوم إلى تمكين الكيان الإيراني وأوليائه من مفاصل الدولة السورية، ومن ذلك قيامه إجراء تغييرات ديموغرافية سكانية واسعة في أنحاء المدن السنيَّة، من خلال تهجير أهلها قسريًّا، وإحلال مستوطنين مرتزقة رافضة مكانهم.
وقد أقدم هذا النظام الساقط المشروعية على إجراء خبيث، يُمثِّل عدوانًا صارخًا، لا يقل خطورة عن جرائمه السابقة في شام الإسلام ؛ حيث أصدر رئيس النظام مرسومًا يقضي بإلغاء وظيفة مفتي الجمهورية بوصفه سنيًّا، مع إسناد أمر الفتوى إلى مجلس فقهي أعلى في وزارة الأوقاف، وقد صاحب هذا الإجراء تعزيز دور ذلك المجلس وإعطاؤه صلاحياتٍ واسعةً في إدخال عناصر سورية أو من جنسيات أخرى لعضوية المجلس، وهو ما يسمح لملالي النظام الإيراني الرافضي وغيرهم من الطوائف المنحرفة، بالتغلغل في تلك المؤسسة السنيَّة وفرض هيمنتهم عليها، تمهيدًا لتمكين عمائم الولي الفقيه وأوليائه من أهم المنابر السُّنيَّة السورية ومساجدِهم التاريخية، ووضع أيديهم على الأوقاف السُّنيَّة.
وإضافة إلى ما يترتَّب على هذا القرار من تداعيات خطيرة، فإنه يُفقدُ “الفتوى” مصداقيتَها واستقلاليتَها؛ بعد تحويلِها إلى إحدى مهام السلطة التنفيذية المؤتمرة بأمر النظام.
وهو ما ينشأ عنه خللٌ عريض وفسادٌ كبير لدى أبناء الشعب السنيِّ السوريِّ؛ حيث إن هذا القرار لا يقتصر على منصب المفتي العام للجمهوريَّة؛ بل يمتدُّ ليشملَ جميع المُفتين؛ في المحافظات والمدن؛ ليجد السنَّة فتاويهم صادرةً وفق مرجعيَّة مختلطة مع الروافض والدروز والنصيرية والإسماعيلية، وليجد الشعب السوريُّ نفسَه ما بين يوم وليلة بلا مرجعيَّة شرعيَّة سنيَّة ولا مفتٍ يرجع إليه فيما يحتاجه من أمور دينه ودنياه وأحواله الشخصية ومعاملاته الاقتصادية وعلاقاته الاجتماعية وغيرها! لتكتمل بذلك فصولُ مأساة السنَّة في سوريا؛ فبعد تدمير حواضرهم وتهجيرهم والاستيلاء على ديارهم من خلال المراسيم التي شرعها النظام لمصادرة ملكياتهم وتجريدهم من حقوقهم؛ تأتي خطوة تخريب المشيخة السنيَّة في سوريا لتعمِّق أزمتهم وتكرِّس تهميشهم وسلب هُوِّيتهم!
وأمام هذا الاستهداف الخطير والعدوان الأثيم من نظام فقد شرعيته السياسيَّة والقانونية والأخلاقية؛ فإن رابطة علماء المسلمين إذ تعلن رفضها القاطع لهذا العدوان الخطير على منصب الفتوى وتجريده من مرجعيته السنية- فإنها تؤكد على الآتي:
1- وجوب اضطلاع المؤسسات والمجامع العلمية السورية باختلاف انتماءاتها ومدارسها ورموزها الشرعية بمهامها التاريخية الاستثنائية، وإعلانها رفض هذا القرار جملة وتفصيلًا، مع ضرورة السعي الجاد والحثيث إلى تشكيل قيادة شرعية بديلة وأصيلة، واختيار هيئة فتوى عامة مؤهلة لهذه المهمة؛ لتكون مرجعًا في الفتوى لجمهور الشعب السوري.
2- تدعو الرابطة مؤسسات الفتوى الرسمية والمجامع الفقهية والرموز الإسلامية في جميع الدول العربية والإسلامية إلى اعتماد الهيئة الجديدة، ورفض هذا العدوان، وما يترتب عليه من خطوات، وبيان تداعياته الخطيرة على الخصوصية الشرعية للفتاوى السنية.
3- تؤكد الرابطة على ما سبق أن صدر عن علماء المسلمين ومجامعهم العلمية بالإجماع، في كفر الطوائف النصيرية والدروز والإسماعيلية، والتي أصبحت بموجب هذا القرار الأثيم جزءًا من هيئة الإفتاء، ومرجعية شرعية للمسلمين!
4- تدعو رابطة علماء المسلمين جموع أهل السنَّة بسوريا إلى التمسك بالإسلام ومحكمات عقيدته وشريعته، والمرابطة على حراسة ثغور السنَّة، والاجتماع مع علمائهم الصادقين، والصدور عن رأيهم، والصبر والثبات إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ) [آل عمران:200]
بيان رقم (161)
صادر عن الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين
الخميس 13 / ربيع الآخر / 1443هـ
الموافق 18/نوفمبر/2021م
المصدر: رابطة علماء المسلمين