بيان الهيئات العلمية حول وثيقة المساجد الفرنسية
الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على خاتم النبيين وآله وعلى إخوانه المرسلين.
أما بعد:
ففي الوقت الذي ينتظر فيه المسلمون من حكومة فرنسا تصحيحًا لعلاقتها بالإسلام وأهله- داخل فرنسا وخارجها- إذا بالدولة تقدم وثيقةً لأئمة المسلمين بفرنسا للتوقيع عليها، وبعد النظر في بنودها، فإن الهيئات العلمية الموقعة على هذا البيان تعلن ما يلي:
أولًا: يعلن علماء المسلمين لكل من سأل من أهل ملتهم في أوروبا وفرنسا أنه يحرم التوقيع على وثيقة ترفع مبادئ الجمهورية الفرنسية ودستورها، وتقدمها على القرآن والسنة وثوابت العقيدة الإسلامية والشريعة المطهرة.
ويتأكد ذلك إذا عُلِم أن التوقيع على هذه الوثيقة ما يزال اختياريًا، وليس إلزاميًا.
ويشيد علماء المسلمين بكل من رفض التوقيع على هذه الوثيقة ويشد على أيديهم، ويدعو الجميع للحذو حذوهم.
ثانيًا: إن هذه الوثيقة التي عُرفت باسم: «وثيقة المساجد»، والتي طُلب من أئمة المساجد بفرنسا التعهد بمضمونها، والتوقيع عليها، هي انقلاب صريح على كل ما فتئت دول العالم أجمع-ومنها الدولة الفرنسية- والمنظمات والمؤسسات الدولية تنادي به وتشدد عليه من حرية الاعتقاد ورفض التمييز المبني على اللغة أو العرق أو الجنس أو اللون أو الدين.
ثالثًا: إن هذه الوثيقة هي إعلان اتهام صريح للإسلام مرفوض شكلًا وموضوعًا ومضمونًا، ويتنافى مع ما تعارف عليه العالم المعاصر كله وأثبت في دساتيره وأقرت به مؤسساته ومنظماته وهيئاته من احترام الأديان السماوية، والتي منها دين الإسلام العظيم الذي يدين به قرابة ملياري نسمة.
رابعًا: إن هذه الوثيقة الخطيرة لاتمثل انتهاكًا صريحًا لحقوق مسلمي فرنسا ومصادرة حرياتهم وتمييزًا عنصريًا ضدهم فحسب؛ بل هي تمثل كلَّ ذلك لجميع مسلمي العالم، فهي تأسيس لكل الممارسات العنصرية والاضطهادات الدينية وانتهاكات الحريات والحقوق والكرامة الإنسانية.
خامسًا: إن جميع الأعراف والدساتير الدولية والمواثيق الحقوقية تنصُّ بما لايدع مجالًا للشك على أن المسلمين الفرنسيين والمسلمين المقيمين بفرنسا- وهم بالملايين- جزء من المجتمع، وهم على قدم المساواة مع سائر المواطنين، يتمتعون بالقدر نفسه من الحريات والحقوق والكرامة الإنسانية.
وهذه الوثيقة المعلنة من الحكومة الفرنسية تناقض وتصادم ذلك كله، كما أنها تمثل سابقةً خطيرةً في تهديد الوجود الإسلامي ليس في فرنسا وحدها بل في العالم الغربي كله.
سادسًا: إن هذه الوثيقة تمثل إعلانًا صريحًا ونموذجًا سيئًا يحتذى لاستهداف الأقليات الدينية والعرقية في العالم كله؛ فكما هو معلومٌ فإنَّ كل المجتمعات البشرية لا تخلو من أقليات دينية أو عرقية، وفي الوقت الذي يسعى العالم بأَسْره لرعاية حقوق الأقليات، وحفظ خصوصياتها وهُويَّتها في إطارٍ من التعايش والاحترام، وقيم التسامح، وحسن الجوار، فإذا بالحكومة الفرنسية توجه لهذه الجهود ضربة قاصمة تستهدف السلم الاجتماعي.
سابعًا: تهيب الهيئات العلمائية بجميع شعوب دول العالم الحر عامة ومسلمي أوروبا خاصة، وبجميع المنظمات والهيئات والمؤسسات الحقوقية والشرعية القيام بواجبها المنوط بها في رفض هذه الوثيقة العنصرية.
ثامنًا: إن الحوادث الفردية التي تقع في جميع البلاد لا يمكن أن تَصِمَ أي دينٍ إلهيٍّ بوصمة الإرهاب والعنف.
وعلى جميع الحكماء التصدي لبوادر الغلو والتطرف بكل أشكاله في كل مجتمعٍ، ومن كل دينٍ.
وحماية سفينة المجتمع واجب يشترك فيه الأقلية قبل الأكثرية، والأمة قبل الدولة.
وفي القلب من ذلك أئمة المساجد وقادة المراكز والجمعيات الإسلامية في الغرب وهم أجدر وأولى مَن يُعْلي مِن قيم التعايش، والتعاون، والانفتاح المتزن مع مجتمعاتهم.
وأخيرًا؛ فإن المسلمين أيديهم ممدودة للتصالح، لا للتقاطع، وللتواصل لا للتدابر، وكل ذلك جزء من سماحة دينهم، ورقي حضارتهم.
والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
الهيئات الموقعة على البيان :
- رابطة علماء المسلمين
- هيئة علماء لبنان
- رابطة علماء المغرب
- الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدُّعاة
- المجلس الشرعي في محافظة حلب
- رابطة علماء أهل السنة في العراق
- مركز تكوين العلماء في موريتانيا
- هيئة علماء فلسطين
- رابطة علماء إرتريا
- رابطة العلماء السوريين
- هيئة علماء المسلمين في العراق
- رابطة علماء أهل السنة
(المصدر: رابطة علماء المسلمين)