بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين …وبعد:
فإن مما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام ؛ وجوب الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل شؤون الحياة ،مصداقاً لقوله الله تعالى: “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”، وقوله تعالى : ” إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ “،وقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة” ، أي في الإسلام بكافة شرائعه،والنصوص في هذا المعنى كثيرة.
وإن مما أثار الدهشة وبعث على الحزن؛ ما صدر من تصريحات صادمة لبعض الساسة العرب ،يعبرون فيها عن أمانيهم بأن تصبح بعض دول المنطقة العربية المسلمة ،وعلى رأسها بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية؛ دولاً علمانية!!
مع أنه لا يخفى على من لديه مسكة من علم ، بأن العلمانية نظام طاغوتي يتنافى مع عقيدة التوحيد من ناحيتين أساسيتين متلازمتين :من ناحية كونها حكما بغير ما أنزل الله،ومن ناحية كونها شركاً في عبادة الله …ولذا فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في دورته الحادية عشرة بتاريخ 25-30 رجب 1419هـ ما نصه: ” إن العلمانية نظامٌ وضعيٌّ يقومُ على أساسٍ من الإلحادِ يُناقض الإسلامَ في جملته وتفصيله، وتلتقي مع الصهيونيّة العالميّة والدَّعَواتِ الإباحيّة والهدّامة، لهذا فهِي مذهبٌ إلحاديٌّ يأباهُ اللهُ ورَسولُه والمؤمنون”.
كما وصفت فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ذات الرقم(18396) برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، العلمانية بأنها:”دعوةٌ فاجرةٌ كافرةٌ يَجِبُ التحذيرُ مِنها وكشفُ زَيفِها، وبيانُ خطرِها… فإن شـرَّها عظيم وخطرَها جسيم..” .
وبناء على ما سبق فإن رابطة علماء المسلمين ،وانطلاقاً مما أخذه الله على أهل العلم من بيان الحق وعدم كتمانه؛لتجد لزاماً عليها توضيح ما يلي:
أولاً: أن الدعوة لعلمنة أنظمة الحكم وتسويغ ذلك ؛لهو دعوة آثمة خاطئة، يجب الحذر منها وإنكارها،وبيان أن الواجب على جميع ولاة أمر المسلمين تحكيم شرع الله تعالى في كافة مجالات الحياة .
ثانياً: تناشد رابطة علماء المسلمين ،جميع المؤسسات العلمائية ، وفِي مقدمتها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، ومشيخة الأزهر، والمجامع الفقهية بمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي،وغيرها من الروابط والهيئات وكافة العلماء ؛القيام بواجبهم في التحذير من هذه الدعوات الخطيرة التي تمس أصل الإسلام وأساسه،وبيان وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة.
ثالثاً: أن السبب الرئيس لما يعاني منه المسلمون من ضعف وتخلف ؛هو بعدهم عن تطبيق شرع الله تعالى على التمام،والذي يقتضي الأخذ بجميع أسباب القوة المادية والمعنوية،وفيه صلاح الدنيا والآخرة،وهو سبب التمكين والاستخلاف في الأرض ،مصداقاً لقول الله تعالى:” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ليستخلفنهم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ”
نسأل الله تعالى أن ينصر دينه ويمكن لعباده الصالحين وأن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين لتحكيم شرعه،إنه ولي ذلك والقادر عليه…
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…
الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين
الأربعاء 24 / ذي القعدة / 1438هـ
16 / أغسطس / 2017م
(المصدر: رابطة علماء المسلمين)