بلا مسخرة
بقلم الدكتور عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)
المتابع للحرب الدائرة رحاها في قطاع غزة يلحظ أن أطرافا عدة تتعامل مع سكان القطاع – البالغ عددهم ما يزيد عن مليوني نسمة – كأنهم خراف معدة للذبح أو مجرد أرقام تخضع لحسابات رياضية.
أما كونهم مثل الخراف فهذا ما صرح به وزير الدفاع للكيان الصهيوني (غالانت) عندما فرض حصارا كاملا على سكان قطاع غزة، معللا ذلك بقوله: “نحن نحارب حيوانات بشرية”.
لذلك شرعوا بإقتراف ابشع المجازر المروعة عبر التاريخ بحق السكان المدنيين حيث قصفوا البيوت على قاطنيها مما أسفر عن استشهاد وجرح ما يزيد عن مائة ألف شهد جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
كما تم تدمير كافة مقومات الحياة من مستشفيات وآبار مياه وأسواق ودور عبادة ومدارس ومخابز وحرق لمخازن الأدوية …الخ.
إضافة إلى فرض حصار مطبق على كافة القطاع للحيلولة دون وصول أي شيئ من مقومات الحياة للسكان.
وزيادة في التنكيل الإجرامي للسكان المدنيين العزل دفعوا بهم للنزوح إلى إمكان عدة بحجة الايواء لأماكن آمنه وفق زعمهم ثم قاموا بقصفهم.
والأسوأ من ذلك أن الدول المشاركة للكيان الصهيوني في عدوانها على غزة والتي قدمت له كافة أنواع الأسلحة الفتاكة اخذت تتباكى بدموع التماسيح على المجاعة التي حلت بالسكان وطالبت الكيان الصهيوني بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية للسكان المنكوبين.
ومن سخريات هذه الدول أنها تطالب بذلك في الوقت الذي تستخدم فيه حق الفيتو لمنع وقف إطلاق النار.
فأي مسخرة هذه؟
ومن المسرحيات الهزلية ما يحدث هذه الأيام من محاولات لتقديم مساعدات تحت مسمى انزالات جوية حيث يشارك فيها العديد من الدول بعملية انزال طرود غذائية من طائرات حيث تسقط الطرود تارة في البحر وتارة بالقرب من المستوطنات واحيانا تقع على رؤوس الأطفال واحيانا تسقط في ساحات فيجتمع عليها الجوعي فيتم قصفهم من قبل اليهود ليتخضب الطرد الغذائي بدم الجوعى.
ومن السخريات أن الذين يقومون بذلك يشاركون الكيان الصهيوني بحرب الإبادة على سكان القطاع ويدعمونه بكافة أنواع المساعدة.
فأي مسخرة هذه؟
أما بالنسبة للتعامل بلغة الأرقام فنلمس ذلك من خلال تصريحات قادة الغرب الصليبي الحاقد وعلى رأسهم أمريكا وذلك بمطالبة الكيان الصهيوني بتقليل عدد القتلى والانتقال إلى ما يسمي بالمرحلة الثانية وكأن سكان القطاع محطة تجارب لأعداد الموتى أو مجرد ارقام غير بشرية ينظر إليهم وفق حسابات رياضية.
فليس في عرف هؤلاء الاوغاد المجرمون النازيون أدنى شعور تجاه قتل أطفال ونساء وشيوخ أهلنا في غزة وغاية ماعندهم هو التقليل من نسبة القتل.
فأي مسخرة هذه؟
بالفعل هؤلاء القوم لا حياء عندهم ولا ضمير بل هم بمثابة حيوانات كاسرة تعيش داخل غابات .
من المؤسف جدا أن الجميع ينظر إلى الجرائم النازية وحرب الإبادة الجماعية التي يقترفها الكيان الصهيوني المجرم بحق أهلنا في غزة من زوايا مختلفة.
فالكيان الصهيوني يعتقد أن أمنه واستقراره يكمن في القضاء على حماس.
وتهجير السكان المدنيين ليخلوا له القطاع وشاطئه وما يحتويه من موارد طبيعية .
والغرب الصليبي الحاقد يريد المحافظة على طفلهم المدلل ليبقى شوكة في قلب العالم الإسلامي ويحقق لهم نبؤاتهم الدينية.
والمطبعون من الأنظمة العربية يريدون القضاء على حماس باعتبارها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وفق تصنيفهم.
هكذا تكالب الجميع على المقاومة.
وهكذا جمعهم هدف مشترك ؟
ولكن بعد مرور عدة أشهر من صمود المقاومة وتعاطف أغلب شعوب العالم معها بدأنا نسمع من أكابر مجرمي العدوان المطالبة بهدنة من أجل تحرير الأسرى لدى المقاومة….
بدأنا نرى انزالات غدائية جوية…بدأنا نسمع مناشدات لتخفيف عدد القتلى…بدأنا نسمع بمساعدات بحرية سوف تصل ودعوة لعمل ميناء من أجل استقبال مساعدات إنسانية…الخ.
لا أدرى مالهدف ؟
هل من أجل أجندات انتخابية قريبة؟
هل من أجل امتصاص غضب الشعوب؟.
هل من أجل صرف الأنظار عن المأساة الحقيقة مأساة الإبادة الجماعية ؟.
هل من أجل ذر الرماد في العيون وإدعاء الكيان بعدم الممانعة من وصول المساعدات الإنسانية ؟
هل من أجل تهجير السكان عبر الميناء؟
هل…هل…؟؟؟؟
أما قناعتي فكل ما يحدث مجرد مسخرات.
فكفى…كفى مسخرات فسكان القطاع ليسوا حيوانات كما يعتقد اليهود …وليسوا أرقاما كما يعتقد الغرب الصليبي…وليسوا إرهابيين كما يعتقد الحاقدون المستبدون .
وإنما هم أبطال مقاومون نذروا أنفسهم لله لتحرير أرضهم من دنس أحفاد القردة والخنازير.
هم طلاب حرية وكرامة.
هم رجال في زمن عز فيه الرجال.
هم أبطال لم تلن لهم عزيمة أو تفتر لهم همة.
هم تاج على رؤوس الجميع شاء من شاء وأبى من أبى
وسيثبت التاريخ ذلك بإذن
الله تعالى.