بعد كورونا.. هل تحل الصين محل الإسلام كعدو جديد للغرب؟
توقع الكاتب الصحفي البريطاني بيتر أوبورن أن يسفر تفشي وباء كورونا عن انحسار العداء للإسلام، وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية على نحو يجعل من الصين العدو الأول للغرب.
ورأى في مقال بصحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية بعنوان “هل تحل الصين محل الإسلام كعدو جديد للغرب؟” أن نظرة الغرب للإسلام كعدو أول برزت بعيد سقوط جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفياتي، وأطرتها نظرية تدّعِي حتمية صدام الحضارات.
فقد مهد مقال شهير كتبه السياسي الأميركي صاموئيل هنتنغتون منذ ربع قرن -ينظر فيه لفكرة صراع الحضارات- لسلسلة من الحروب حيث تنبأ بصراع جديد بين ما اعتبره نقيضين لا يمكن التوفيق بينهما هما الإسلام والغرب.
وحسب الكاتب، اتبع ساسة الغرب -مثل الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير- نظرية هنتنغتون، فكانت العديد من الدول الإسلامية هدفاً للولايات المتحدة وحلفائها خلال ربع القرن الماضي.
كما دأبت وسائل الإعلام الغربية على تصوير المسلمين على أنهم متطرفون خارجون عن القانون ويشكلون تهديدا وجوديا للعالم، الأمر الذي أدى إلى تصاعد مشاعر العداء ضد الإسلام (الإسلاموفوبيا) في الغرب، مع صعود الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة في أوروبا وفقا للكاتب.
لماذا الصين؟
وقال الكاتب إن كثيرا من ذلك العداء البغيض ضد الإسلام قد يشهد انحسارا بالمستقبل القريب في أعقاب أزمة تفشي وباء كورونا، وذلك نظرا لعدة عوامل من بينها التضحيات العظيمة والجلية التي قدمها المسلمون، خاصة في بريطانيا حيث كان أول أربعة أطباء يفقدون أرواحهم بسبب كورونا مسلمين، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير موقف الرأي العام من المسلمين.
أما العامل الثاني -حسب المقال- فهو أن جائحة كورونا ستعيد تشكيل الجغرافيا السياسية للعالم، وأن الغرب يحتاج إلى عدو وقد باتت الصين هدفه مؤخرا.
وأشار الكاتب إلى أنه بعد الهجمة التي شنت ضد الإسلام والتي بدأت بمقال هنتنغتون الشهير، يوجه الغرب انتباهه الآن نحو الشرق الأقصى.
وقال أيضا إن الصين يتم تصويرها الآن على أنها العدو الوجودي الجديد للغرب، تمامًا كما كان الأمر مع الإسلام قبل عشرين عامًا، ويتم ذلك من قبل نفس الأشخاص ونفس المعلقين بالصحف والمؤسسات الفكرية والأحزاب السياسية ووكالات الاستخبارات.
حملة إعلامية
وقدم المقال أمثلة على استهداف الصين من قبل الساسة ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية الغربية، وقال إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتهم الصين خلال حملته الرئاسة عام 2016 باغتصاب اقتصاد بلاده، وقد تصاعدت هجماته ضد بكين وتسارعت مع تفشي وباء كورونا حيث اتهمها بالتستر على الفيروس والكذب بشأن حصيلة القتلى جراءه.
كما تحول خطاب العديد من الصحف البريطانية -التي كانت تهاجم المسلمين- إلى الحديث عن التهديد الصيني.
فقد نشرت صحيفة “ذي صن” -التي دقت طبول الحرب لغزو العراق عام 2003- تقريرا يدعي أن فيروس كورونا المستجد قد تم تطويره عن عمد من قبل الصين “لتثبت أنها أكبر قدرة من الولايات المتحدة في مجال مكافحة الأمراض الفتاكة”.
وأورد المقال عدة تصريحات صادرة عن شخصيات رسمية بريطانية واستخباراتية تحمّل الصين المسؤولية عن تفشي الفيروس القاتل، ويشير بعضها إلى أن العلاقات مع بكين لن تعود كما كانت قبل تفشي الوباء.
وقال إن جمعية هنري جاكسون البريطانية، المعروفة بكونها أشد المنتقدين للإسلام، تقود الآن الحملة ضد بكين من خلال سلسلة من التقارير والمقابلات الإعلامية المكرسة لمهاجمتها، والتي تضاعفت خلال الأشهر الأخيرة.
وكشف استطلاع أجرته الجمعية مؤخرا ونشرته صحيفة تايمز الأسبوع الماضي أن “أكثر من 80% من البريطانيين يريدون من بوريس جونسون الضغط من أجل تحقيق دولي بشأن معالجة الصين لتفشي فيروس كورونا المستجد أول ظهوره”.
وأوضح الكاتب أن التحذير الوارد في مقال هنتنغتون -بشأن صراع الحضارات- لا يقتصر فقط على الحضارة الإسلامية وإنما حذر من حضارة منافسة أخرى هي الصين التي رأى فيها أقوى تهديد للغرب على المدى البعيد.
وختم بالقول “ربما نكون قد وصلنا الآن إلى نهاية الحقبة الطويلة التي كان فيها العدو الرئيسي هو الإسلام، فقد يكون الغرب قد وجد لنفسه عدوا جديدا الآن، وهو ما يمنح المسلمين فرصة لالتقاط انفاسهم بحرية”.
(المصدر : ميدل إيست آي / الجزيرة)