مقالاتمقالات مختارة

بعد “سيف القدس” الاحتلال بدأ يشعر بالعزلة

بعد “سيف القدس” الاحتلال بدأ يشعر بالعزلة

بقلم د. محمد المدهون

إن القراءة المتأنية الموضوعية تقول. إن تجدد العدوان أمر مستبعد بشكل كبير، فدولة الاحتلال بدأت تشعر بعزلة جراء جرائمها في غزة، وهذا يؤثر على مستوى قبولها المتراجع بشكل متسارع حتى في المجتمع الأمريكي.

أما داخلياً فإن أمام كيان الاحتلال خاصة مع حكومته المتباينة مرحلة عصيبة، إذ ثبت لدى قادته أنهم غير قادرون على الحسم الميداني، وهذا مخالف لما روّجوه سنوات، وما تمثله قوة الكيان العسكرية مقارنة بغزة الخاصرة الرخوة الضعيفة المحاصرة. يضاف إلى الصدمة التي تلقاها الاحتلال في أعداد الصواريخ في الرشقة الواحدة، والتطور النوعي في الإعداد والمعنوية، وما مثلت من هاجس جديد سحق الأسطورة وأذل الكبرياء وقلب المشهد وبعثر المعادلات.

فالوصول إلى هدوء في الجنوب كان ثمنه باهظاً وفادحاً، وليس من السهل دفع مثل هذا الثمن مجدداً، وأكثر من هذا فإن مؤشرات الدخول في حرب استنزاف والمتوقعة الان أكثر من أي وقت مضى في ظل تشديد الحصار والمراوغة في تنفيذ تفاهمات مسيرات العودة، ويعتبر ذلك أمراً مربكاً لحسابات قيادة الكيان خاصة في ظل الحكومة الهشة، وعلى
ضوء عدم قدرة الجبهة الداخلية على الصمود بعد أن حققت المقاومة قدرة على الإيلام والإرباك وإشاعة الرعب في صفوف جمهور دولة الاحتلال.

هذا عدا عن أن انشغال قيادة الكيان في المرحلة القادمة بالصراعات الداخلية ومحاولات بينت تثبيت حكومة غير متوقع أن تكمل مدتها. ومعالجة الثغرات التي تم تحديدها في سيف القدس، والدخول في معركة تفاوضية لاستعادة الجنود المفقودين في غزة، وكذا معركتهم الكبرى في القدس والأقصى وتهويده وتقسيمه زماناً ومكاناً، ومن جديد بيتا التي تحاكي غزة ومعارك جنين القسام التي يستعدون لها، ومعركة الأسرى بعد نفق الحرية، ومحاولات المحافظة على سلطة أوسلو من السقوط.

أما على الجانب الفلسطيني فإن المقاومة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى ترميم مقدراتها وتعزيز صمودها، وخاصة مع تعدد جبهاتها في مواجهة العنف الاستئصالي سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا. إضافة إلى الواقع الفلسطيني المعيشي القاسي للمواطنين جراء العدوان والحصار المتزايد، وما صاحبه من إهلاك للحرث والنسل وتدمير البنية التحتية ومواجهة كورونا المتفشي في ظل الحصار وتأثيره على الخدمات الصحية، وتراجع مخيف في الظروف الاقتصادية وخاصة مع تعطيل المنحة القطرية، وتأثيرات بيَّنة في الواقع الاجتماعي. فضلا عن تأثيرات الواقع الفلسطيني الداخلي، في ظل دافعية عالية لتأثير أكثر حضوراً للمقاومة وبرنامجها. وذلك في ظل حالة إحباط متزايدة في صفوف الشعب الفلسطيني جراء تعطل الانتخابات وملاحقة النشطاء مع اغتيال نزار بنات، وإنهاك المشروع الوطني التحرري وعدم تحقيق الشراكة المأمولة على الرغم من الإلهام الذي يقدمه شعب فلسطين من صمود وإرادة والنموذج الفدائي والتضحية الفريدة وكان ختامها ملحمة جلبوع التي قدمها أسرى من أبناء الشعب الفلسطيني مما يلقي بظلاله القاتمة على المشهد.

ومن جانب آخر فإن الموقف الأمريكي الذي يشعر بالحرج الشديد جراء عدوان (إسرائيل) وهمجيتها وفشلها في تحقيق الأهداف يجعل من الظهير الأمريكي صعب التحقق في هذه المرحلة. وما لم تخطئه العين الحالة العربية والتي وصلت إلى درجة التطبيع وصولا بالبعض إلى درجة الصمت التأمري حيث شكلت هذه المواقف هاجساً مريعاً للشعب الفلسطيني حال تجدد العدوان، والأمر يتجاوز ذلك إلى حد الشعور المتزايد بوجود رغبة لم تعد سرية عند البعض في استئصال المقاومة الفلسطينية وشطبها من العقلية الفلسطينية خصوصاً والعربية عموماً.

ويأبى الله إلا أن يتم نوره
والله غالب على أمره

المصدر: الحقيقة بوست

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى