بعد احتلال الأرض.. إسرائيل تسطو على الثقافة العربية
وجاء في تقرير بموقع “ميدل إيست آي” بتوقيع ندى إيليا أن المطبخ الإسرائيلي لا يكتفي بالافتخار بالخبز أو طبق سمك الجيوفيلي، وهي كلها أطباق أوروبية، بل يتبجح أيضا بالفلافل والحمص وزيت الزيتون وسلطة الطماطم والخيار اللذيذة التي تصاحب معظم الوجبات الفلسطينية.
واعترفت إسرائيل بأنها وسعت نطاق سرقتها الثقافية قبل أشهر قليلة خلال افتتاح صالة عرض جديدة، لأول مرة، بعنوان “الفن العربي المسروق” وأوضحت أنها عرضت تلك الأعمال دون علم أو موافقة الفنانين وأنها مدركة لهذا التجاوز، كما أن هذا الكشف عن الحدود السياسية والجغرافية ما هو إلا محاولة للفت الانتباه لما تعانيه إسرائيل من استبعاد في المنطقة.
رهينة بإسرائيل
أضافت الكاتبة أن منظمي المعرض يعتقدون أن هذا “الاستبعاد” يعزى جزئيا إلى نجاح “حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”، التي دعت إلى مقاطعة أكاديمية وثقافية مع إسرائيل حتى تتوقف عن انتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان للفلسطينيين.
ويعكس المعرض رغبة إسرائيل في تعزيز واقع مشترك يتسم بالحوار المفتوح والتبادل مع جميع دول الشرق الأوسط، دون حروب أو احتلال. وقال أمين المعرض، عمر كريغر، في مقابلة صحفية إن هدف المعرض هو حجز الأعمال الفنية “كرهينة”، لإجبار الفنانين على “التفاوض” من أجل كسر هذه المقاطعة.
وتعرض المشروع، الذي يموله الرعاة اليمينيون والحكومة الإسرائيلية، للانتقادات بسبب استغلاله للفن لإخفاء الواقع العنيف للمدينة، بما في ذلك التطهير العرقي لسكانها الفلسطينيين. ولكن منظمي المعرض مخطئون، في الواقع، باعتقادهم أنهم قد يكسبون مودة “عائلة الشرق الأوسط” من خلال انتهاك حقوق الفنانين وافتكاك عملهم الفكري الخاص.
واتساقا مع تاريخ حافل بالسرقة تواصل إسرائيل فعلتها في مجال فني آخر، حيث نشرت مؤخرا دار نشر إسرائيلية مجموعة قصص قصيرة كتبتها 45 امرأة، من مختلف البلدان العربية ومجتمع اليهود العرب حول العالم، دون موافقتهن. ولم تُقدّم هذه المختارات، التي تحمل عنوان “الحرية”، على أنها “قصص مسروقة”، حتى بعد أن اعترف الناشر لاحقا بأن العديد من المؤلفين لم يقدموا موافقتهم على هذا العمل.
ملكية فكرية
علمت الكاتبة الفلسطينية خلود خميس التي تعيش في حيفا لأول مرة بالسرقة عندما دُعيت إلى المشاركة في حلقة نقاش حول الكتاب. وبينما كانت تتصفح الفهرس، اشتبهت في أن المؤلفين المشمولين لم يبلغوا بأن أعمالهم ستُترجم. وكانت معظم المؤلفات من أشهر الكاتبات على غرار التونسية فرح التونسي، والجزائرية أحلام مستغانمي، والكويتية بثينة العيسى. كما ورد أن غلاف الكتاب قد شمل عملا فنيا مسروقا للفنان اللبناني حسين بليبل.
من جهتها، استخدمت خميس صفحتها على فيسبوك لفضح هذا الاستيلاء، في حين عبّر العديد من المؤلفين المشمولين في المختارات عن استيائهم الشديد من سرقة ملكيتهم الفكرية. ومنذ ذلك الحين، قامت دار النشر بمحو العنوان من مجموعتها على الإنترنت.
وأضافت الكاتبة أنه خلال سعي خميس لإعلام الكاتبات بتعرضهن للسرقة، اتصلت الناشطة روني فيلسن بالعاملين في دار النشر، الذين أخبروها بدورهم أن المحرر قدّم خدمة لهؤلاء النسوة من خلال هذا العمل. وقد نشرت فيلسن تفاصيل هذه المحادثة، التي صرح من خلالها الناشرون أن “هؤلاء النساء يوجّهن نداء إلى العالم، لكن من الذي سيسمع صرخاتهن؟ في الماضي، كان هؤلاء النساء يصرخن في مطبخهن، لذلك من المهم لنا أن نُسمع أصواتهن، نحن نعتبرها وسيلة خلاصهن”.
أوضحت الكاتبة أن السرقة هي جوهر كل عملية استعمارية. فعلى سبيل المثال، تمتلئ متاحف الإمبراطوريات السابقة بالأعمال الفنية المسروقة من المستعمرات السابقة، كأفريقيا وآسيا وغيرها. لكن من خلال السرقة التي ارتكبتها إسرائيل في حق مختلف الدول العربية، فهي تثبت أنها بلد دخيل فعلا ولا يبدي أي احترام للحدود الثقافية، وأنها بلد استعماري يحلم بتشييد إمبراطورية عظمى.
(المصدر: الصحافة البريطانية / الجزيرة)