بطريقة غريبة.. كيف تبرأت جمعية الشبان المسلمين بمصر من الإخوان؟
إعداد دعاء عبد اللطيف
في قلب القاهرة، تشير لافتة ضخمة معلقة أمام مبنى يقترب عمره من 100 عام، إلى تغيير اسم جمعية الشبان المسلمين ليصبح هيئة الشبان العالمية.
اللافتة الجديدة لفتت نظر مراسلة الجزيرة نت خلال تجولها بوسط العاصمة المصرية، لتقوم بالتحري ويتبين أن مجلس إدارة الجمعية التي أنشئت قبل أكثر من 90 عاما، قرر تغيير اسمها لسبب غريب يتمثل في تجنب التشابه مع اسم جماعة الإخوان المسلمين التي تحظرها السلطات المصرية حاليا.
إسقاط الصبغة الإسلامية من اسم الجمعية التي تأسست بهدف تنمية الشباب المسلم في مجالات متعددة؛ أثار جدلا أولا بين الدوائر العارفة بتاريخ الجمعية ثم بين المارين بشارع رمسيس القريب من ميدان التحرير في وسط القاهرة، والذين تفاجؤوا باللافتة الضخمة المعلقة أمام المبنى العريق.
واتضح أن وضع اللافتة الجديدة كان مجرد خطوة عملية لتطبيق قرار أصدره مجلس إدارة الجمعية يتضمن تعديلات في اللائحة الداخلية، أبرزها تغيير اسم الجمعية، وهو ما أقره اجتماع طارئ للجمعية العمومية أواسط عام 2019.
وحسب بيان أصدرته الجمعية تحت الاسم الجديد، فإن تغيير “جمعية الشبان المسلمين” إلى “هيئة الشبان العالمية” يأتي في إطار الخطة التي تنتهجها القيادة السياسية، لمكافحة الطائفية ولسد الخناق أمام ما سمته عناصر جماعة الإخوان الإرهابية في المتاجرة لاستغلال اسم الجمعية لخدمة مصالحها الخبيثة.
160 فرعا ومليونا عضو
جدير بالذكر أن جمعية الشبان المسلمين هي جمعية اجتماعية تأسست بمدينة القاهرة عام 1927 ولها فروع في جميع محافظات مصر، ويقول رئيسها الحالي المستشار أحمد الفضالي إنها تمتلك 160 فرعا داخل البلاد ويبلغ عدد أعضائها مليوني عضو.
وبحسب ما تعلن عنه الجمعية فهي تقدم كثيرا من الأنشطة في مجالات الفكر والثقافة والرياضة عبر أقسام فرعية داخلها هي النادي الاجتماعي الثقافي والنادي النسائي ونادي الطفل، إلى جانب ملاعب لممارسة الرياضات المتنوعة.
ويضم بعض فروع الجمعية مكتبات ودورا للحضانة والمغتربات ومراكز لتدريب الفتيات على الحرف اليدوية ومراكز لتكنولوجيا المعلومات وتعلم اللغات، هذا إلى جانب تقديم خدمة تحفيظ القرآن الكريم.
كذلك تسعى إلى تقديم المساعدة في مجال الرعاية والتنمية الاجتماعية والحفاظ على البيئة والنهوض بالرعاية الصحية.
الشبان والإخوان
بحسب قسم ويكيبيديا الإخوان على الموقع الإلكتروني الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، فإن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، ساهم في إنشاء وتأسيس جمعية الشبان المسلمين، بعدما رأى حاجة الشباب المسلم إلى نادٍ يجمع شملهم وكان يفضي بأمله في تأسيس منتدى لهم إلى صديقه عبد الحميد سعيد الذي سيصبح بعد ذلك رئيسا لجمعية الشبان المسلمين.
جاء مولد الجمعية في نوفمبر عام 1927، أي قبل عام واحد من تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وتشكل مجلس الإدارة من الدكتور عبد الحميد سعيد رئيسًا، والشّيخ عبد العزيز جاويش وكيل رئيس، وأحمد تيمور باشا أميناً للصندوق، ومحب الدين الخطيب كاتما للسر العام، في حين ظل حسن البنا عضوا فيها حتى وفاته.
وحرص البنا على التقارب بين الشبان المسلمين وجماعته، وأكد في كثير من تصريحاته على ذلك، في رسالة المؤتمر الخامس للإخوان المسلمين قال “كثيرا ما يرد على أذهان الناس هذا السؤال: ما الفرق بين جماعة الإخوان وجماعة الشبان؟ ولماذا لا تكونان هيئة واحدة تعملان على منهاج واحد؟”.
وعن الفروق بين الشبان المسلمين والإخوان المسلمين أوضح مؤسس الأخيرة “إنما تقع فروق يسيرة في أسلوب الدعوة وفي خطة القائمين بها وتوجيه جهودهم في كلتا الجماعتين”.
ووفق ويكيبيديا الإخوان، فإن بعض شعب الإخوان كانت تعقد محاضراتها ولقاءاتها داخل دور الشبان المسلمين، ومن ذلك المحاضرة التي ألقاها البنا في دار الشبان المسلمين في بنها أثناء رحلةٍ لزيارة بعض شعب القليوبية.
وخلال حرب فلسطين عام 1948 ظهر تعاون وثيق بين الجماعتين وكونا هيئة عليا لمساعدة فلسطين.
وكانت نهاية علاقة البنا بالشبان المسلمين درامية إلى أبعد مدى، حيث ارتبطت بحادثة اغتياله، ففي الثامنة من مساء 12 فبراير/شباط 1949 انتهى مؤسس جماعة الإخوان من اجتماع عقد داخل المقر الرئيسي لجمعية الشبان المسلمين، وأمام المبنى حيث تُعلق حاليا اللافتة التي تتخلى عن الاسم القديم للجمعية، انطلقت من بين الظلام طلقات الرصاص لتستقر في جسد البنا ليفارق الحياة.
جدير بالذكر أن السلطات المصرية أعلنت أواخر 2013 تصنيف جماعة الإخوان المسلمين “تنظيما إرهابيا” وفي العام التالي قرر القضاء حل حزب الحرية والعدالة الذي يمثل ذراعها السياسي.
وكانت الجماعة التي كانت المعارض الأبرز خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي استمر لنحو 3 عقود، قد قفزت إلى صدارة المشهد عقب ثورة يناير 2011 التي أطاحت بمبارك، حيث فاز حزبها بالمركز الأول في انتخابات البرلمان ثم فاز مرشحها محمد مرسي بالرئاسة ليصبح أول رئيس مدني منتخب لمصر في العصر الحديث.
لكن الرئيس مرسي لم يكمل في السلطة إلا عاما واحدا حيث تم عزله إثر انقلاب عسكري في يوليو/تموز 2013 قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرا للدفاع، ومنذ ذلك الوقت قادت السلطة الجديدة حملة قمع ضد المعارضة وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم سجن معظم قادتها ومنهم الرئيس المعزول الذي توفي في سجنه أواسط 2019.
(المصدر: الجزيرة)