بشهر شعبان تحوّلت القبلة من بيت المقدس للمسجد الحرام
بقلم أ.د. محمد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
يقول البراء بن عازب رضي اللّه عنهما: إنّ النّبيّ ﷺ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا صَلاَةَ العَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ وَأَهْلُ الكِتَابِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ.. وَأَنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ أي: أجر صلاتكم إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة إلی الكعبة المشرّفة لا يضيع ثوابها عند اللّه عزّ وجلّ
قال البراء: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ جاء أمر أحكم الحاكمين إلى الصّادق الأمين ﷺ بتحويل القبلة من المسجد الأقصی في فلسطين الشّام إلى بيت اللّه الحرام في منتصف شهر شعبان من العام الثّاني للهجرة النّبويّة ونزل قول ربّ البريّة: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ لقد أكّد تحويل القبلة على الصّلة الوثيقة بين المسجدين الشّريفين المسجد الحرام والمسجد الأقصى تلك الصّلة التي دلّت عليها وأكّدتها بعض النّصوص الشّرعيّة منها:
قول أبي ذرّ الغفاريّ رضي اللّه عنه للنّبيّ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: {الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ} قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: {ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى} قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: {أَرْبَعُونَ} ثُمَّ قَالَ: {حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ}
إنّ خلاصة الكلام أيّها الإخوة الكرام: يجب علی جميع المسلمين أن يتذكّروا في كلّ صلاة يؤدّونها لمولاهم ربّ العالمين: قبلتهم الأولی في فلسطين وأن يعلموا علم اليقين أنّ أيّ تفريط في الأقصی ثاني مسجد بني في الأرض للعابدين هو تفريط بالحرمين الشّريفين وتفريط بكلّ مساجد المسلمين!
اقرأ أيضا: تذكير المسلمين الكرام بفضل شعبان!