مقالات

بداية علم أصول الفقه.. مع الفقه في عصر النبوة

بقلم د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن

بدأ الفقه العمليُّ عند المسلمين مع بداية الرسالة الإسلاميَّة، فقد كانت الأحكام تَنزل، وكان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يبلِّغ، وكان صحابته رضوان الله عليهم يَستقبلون الأحكامَ ويَستوعبون بفِطَرهم السويَّة، وعربيَّتهم الخالصة مضامين الخطاب الشرعيِّ، وإذا تعذَّر عليهم سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

وبهذا نَشأ الفقه وأصوله معًا قبلَ أنْ يفكِّر المسلمون في المسائل الاعتقاديَّة، وقبل تفرُّقهم إلى شِيَعٍ متصارعة ونِحَلٍ متباينة.

وكان علم الأصول – سواء باعتباره ظاهرةً عقليَّة صحبَت القرآن منذ فجر نزوله، أو باعتباره علمًا له قواعده ومباحثه ومدوَّناتُه – منذ البداية علمًا يعمل على ضَبط العقل في التعامل مع النَّقل، حتى أصبح بالنسبة إلى الفقه كالمنطق للفلسفة.

فالأصول إذًا هي منهج البحث عند الفقيه (كما قال علي سامي النشار)، أو هي مَنطق مسائله.

وبمعنى واسع: هي قانون عاصِم لذِهن الفقيه من الخطأ في الاستدلال على الأحكام.

وهذا المنهج قد وجد أصوله في عصر الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وكذا عند فقهاء الصحابة الذين أخذَ عنهم مَنْ جاء بعدهم.

وقد وضع ابنُ عباس فِكرة الخاص والعام، وتكلَّم الصحابةُ في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم على العِلل (وهي أساس النسق القياسي).

فأدلَّة الفقه ومصادره قد وجدَت في عصر الصحابة ونزول الوحي (كما يقول العلامة محمد مصطفى شلبي)، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يُسأل عن أحكام الوقائع حين حدوثها يَنتظر الوحيَ، فكان ينزل الملَك مرةً بكلامٍ محدودٍ مضبوطٍ يبيِّن حكمَ المسؤول عنه، وأخرى ينزل بإشارة مفهِمة من غير كلام فيعبِّر عنها الرسولُ صلى الله عليه وسلم بعبارةٍ من عنده، وثالثة يُلهَم الجواب إلهامًا صادقًا بغير واسطة الملَك، فاجتمع من ذلك:

1- وحيٌ مقروء – نزل لفظُه ومعناه – وهو المسمَّى بالقرآن.

2- وآخر نزل بمعناه فقط، وهو ما سمِّي بالسنَّة.

3- وعندما كان يتأخَّر الوحي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتهد وحدَه أو يشاور أصحابَه، واجتهاده له مَنهج أصولي، وحوار أصحابه له منهج أصولي.

وهكذا اجتمع الفِقهُ وأصولُ الفقه في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم باعتبارهما ظاهِرة ملازمة للكتاب والسنَّة، ضروريَّة لعِلم المسلمين بالأحكام.

المصدر: الألوكة نت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى