أكد الباحث الدكتور مصطفى خطاب، عضو الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة المصرية، أن ما يثيره أصحاب المناهج المنحرفة أو أصحاب الأهواء من قضية تجديد الخطاب الديني لا يبغون من ورائه إلا الباطل، حيث يسعون إلى هدم ثوابت هذا الدين بحجة التجديد؛ فنجد أناسا يتحدثون عن أمور قطعية ومستقرة الأحكام، بل وفي بعض الأمور التي انعقد عليها الإجماع، يتكلمون عن إلغائها وإبطالها بتلك الحجة المتهالكة -حجة التجديد ومواكبة فقه العصر-، مشيرا أن قضية “الخطاب الديني” قد شغلت حيزًا كبيرًا من نقاشات واهتمامات الكثير من المسئولين والعلماء والمفكرين، بل دخل مؤخرًا على خط النقاش بعض السياسيين؛ ليدلي كل منهم بدلوه في تلك القضية.
وأضاف أن مصطلح تجديد الخطاب الديني قد ظهر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011 وأطلقته الولايات المتحدة الأمريكية؛ مستهدفة تمييع وتغيير بعض المفاهيم والقضايا الإسلامية مثل الجهاد والولاء والبراء؛ وهي التي اعتبرتها أمريكا قضايا خطرة على العالم.
كما أشار خطاب إلى أن أعداء الدين قد سعوا من خلال العبث بهذه القضية من أجل هدم الدين، تحت شعار تجديد الخطاب الديني، مستغلّين أصحاب المناهج المنحرفة والنفوس الضعيفة والمغفّلين من هذه الأمة، سواء من درس بعض العلوم الشرعية أو لم يدرسها، وينفقون في سبيل تحقيق هذه الأهداف أموالا تفوق القدرة على إدراكها، في سابقة لم تحدث في تاريخ الأمة من قبل؛ وهو الأمر الذي يستلزم يقظة وانتباه العلماء والأئمة من هذه الأمة، لتحمل مسئولياتهم تجاه هذا الدين وهذه الأمة، من خلال فضح هذه المناهج المنحرفة والرد عليها، وتبصير المسلمين بحقيقة هؤلاء الموتورين، بالإضافة إلى مزيد من الاجتهاد لاستنباط الأحكام الشرعية المنضبطة للنوازل والمستجدات التي تمر بها الأمة، وفق المنهج القويم المعتمد للاجتهاد مع الحفاظ علي ثوابت الدين والعقيدة.
وفي السياق نفسه نوه عضو الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة أن المتحدثين في تلك القضية الخطيرة قد انقسموا إلى ثلاثة أقسام، الأول: علماء يسعون بالفعل لتجديد الخطاب الديني، وفق ضوابط الاجتهاد المتفق عليها لدى علماء الأمة سلفا وخلفا، الثاني: أصحاب أفكار ومناهج منحرفة، يريدون تغيير الأحكام الشرعية الثابتة وتحريفها والعبث بأصول الإسلام؛ بحجة التجديد ليواكب متطلبات العصر الحديث، وهو الفريق الذي يمكن أن نقول عنه أنه يقول كلمة حق يريد بها باطلا، الثالث: سياسيون وغير متخصصين، يلوكون كلاما لا يفهمونه ولا يدركونه؛ إما أنه من باب إظهار ثقافة زائفة، أو نكاية في فصائل سياسية أخرى أو غير ذلك.
وأختتم الباحث الشرعي حديثه عن ” الخطاب الديني” بالتأكيد على أن عملية التجديد ليست مستحدثة أو ضرورة ملحة لواقعنا المعاصر فقط؛ بل هي إحدى بشارات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لأمته، بالإضافة إلى أنها شهادة ودليل عملي لهذا الدين، بحيويته وصلاحيته لكل الأزمان والعصور، حيث ترجع الحاجة إلى تجديد الخطاب الديني إلى عوامل عدة؛ من أهمها حالة التدني الفكري وانتشار التقليد، وتراجع الاجتهاد المنضبط بالأدلة والأحكام الشرعية، بحيث يتم استنباط أحكام شرعية منضبطة للنوازل العصرية، وفق المنهجية العلمية التي سار عليها الأئمة المجتهدون من السلف.
لذا ففي هذه العصور التي تعاني من حالة تراجع وتقهقر في الاجتهاد في التعامل مع بعض الأزمات أو النوازل؛ تبعه مؤخرا قيام بعض المنتسبين إلى العلوم الشرعية إلى الاجتهاد في بعض النوازل بأسلوب ومنهج مخالف لما سار عليه الأئمة المجتهدون في الأمة بحجة تجديد الخطاب الديني،
وتابع أن أهل العلم أشاروا أن قضية تجديد الخطاب الديني تنصب في الأساس على محورين أساسين، الأول: تنقية الدين من البدع والشوائب التي علقت به؛ نتيجة قلة العلم وعموم التقليد والتعصب وانتشار الجهل، الثاني: استنباط أحكام شرعية لنوازل عصرية وفق ضوابط و آليات، ومنهج الاجتهاد الذي قرره أهل العلم الثقات والأئمة المجتهدون في هذه الأمة منذ عهد الصحابة والتابعين، ومن تبعهم من العلماء، من إتباع نصوص القرآن والسنة النبوية الصحيحة، والاستدلال منهما وفق منهج علمي منضبط بآليات الاجتهاد وأدواته.
المصدر: الملتقى الفقهي.