انقلاب تموز ثم مسجد آيا صوفيا.. محطتان أسقطتا أقنعة المافيا
تعيش الأمة الإسلامية والعام الحر عامة، وتركيا خاصة، اليوم الأربعاء، الذي السنوية الرابعة للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 تموز/يوليو 2016، والذكرى اليومية الخامسة لإعادة افتتاح مسجد آيا صوفيا في مدينة إسطنبول التركية.
الذكرتان عظيمتان لا تهمان الشعب التركي فحسب، بل تهمان الأمة الإسلامية والعالم أجمع، وخير دليل على ذلك أن العالم كله يتكلم اليوم مستذكرا تلك المحاولة العسكرية الآثمة للانقلاب على الديمقراطية في تركيا، ويتكلم عن إعادة افتتاح مسجد آيا صوفيا، وبالتالي فإن أي متدخل في هاتين النقطتين لابد إما أن يعلو نجمعه وإما أن يخفت.
في 15 تموز/يوليو 2016 كتب الشعب التركي ومعه دعاء مئات الملايين من أبناء الأمة الإسلامية، ملحمة تاريخية لن تنسى حتى قيام الساعة، حيث هزم يومها مخططا أسوادا خطط له ضد تركيا، لمدة طويلة ودفع لأجله المال الكثير الكثير، مخطط استطاعت تركيا بعد هزيمته أن اكسر العديد من الأغلال التي كانت تقيدها وتمنعها من الانطلاق الإيجابي في المنطقة والعالم.
في تلك الليلة، وكما كان الملايين من أبناء الأمة حول العالم يقفون إلى جانب تركيا، كان هناك جزء آخر لم يستطيع أهله تثبيت الأقنعة التي كانوا يختبئون خلفها، فسقطت تلك الأقنعة سقوطا مدويا.
في تلك الليلة سقط كل من كان يدعي الديمقراطية ثم وقف ودعم الانقلابيين علنا أو سرا.
في تلك الليلة سقط كل من يدعي التدين ثم بارك وبرر قتل مدنيين أبرياء وخاصة بالطائرات الحربية والدبابات والمجنزرات.
في تلك الليلة سقط كل من يدعي ممارسة الإعلام الحر ثم خرج وطبل وزمر لعملية انقلابية أول ما فعلته قمع الإعلام وتهديد الصحافيين وقصف مراكز البث الإعلامي.
في تلك الليلة سقط كل من كان يظهر أنه يقف إلى جانب تركيا وشعبها وحكومتها، وهو في الحقيقة كان يضمر لها كل حقد وشر وبغض.
في تلك الليلة سقط قناع من مول المحاولة الانقلابية الفاشلة.
في تلك الليلة سقط كل من سارع بتقديم التهاني فرحا أن هناك عملية انقلابية تشهدها تركيا ضد الرئيس رجب طيب أردوغان.
في تلك الليلة سقط كل خبيث أسود القلب… ولمع نجم الملاين الملايين من أبناء الأمة الذين وقفوا بالقلب والدعاء والتأييد للشرعية في تركيا.
أما مسجد آيا صوفيا فأتى بعد 4 أعوام ليستكمل عملية إسقاط الأقنعة، حيث وخلال ساعات قليلة سقطت أقنعة ما كانت لتسقط إلا بمرور وقت طويل، ولكن بركات آيا صوفيا أسقطتها في وقت أقصر بكثير.
بركات مسجد آيا صوفيا أسقطت أقنعة الجهلاء بالتاريخ الذين لا يفقهون شيئا من قصص التاريخ المثبتة بالأدلة والوثائق.
بركات مسجد آيا صوفيا أسقطت أقنعة طبقة من الناس كانت تدعي أنها من أهل الثقافة والرقي والطبقة المخملية، فخرجت علينا تنظر بـ”إسلام مايع” إرضاء للمسلمين “الكيوت” وإرضاء لكارهي المسلمين، تحت حجج واهية، لا يرفعها إلا ضعاف النفوس جبناء التصرف.
بركات مسجد آيا صوفيا أسقطت أقنعة كانت معلقة بعمائم لونها الظاهر الأبيض الناصع، إلا أنها تخفي الكثير من الجهل والعمالة وحب المناصب والتجارة بالدين والركوع على أعتاب الظالمين المجرمين، فخرج أصحابها علينا يدعون أن افتتاح هذا المسجد “يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية”، وكأن ممارسات مَنْ يمسكون برسن رقابِهم، مِنْ قتلٍ وسجنٍ وقصف وتدمير وتخلفٍ واضطهاد وعبودية وعمالة وسرقة ونهب، هي ممارسات “توافق الشريعة”.
بركات مسجد آيا صوفيا أسقطت أقنعة كثيرين كانوا يخفون في قلوبهم حقدا ما بعده من حقد تجاه تركيا الجديدة ورئيسها بالتحديد، فبدأوا بتصويب سهامهم حقدهم عليه من أبواب متنوعة متناقصة، يخترعون أسبابا واهية فقط لمجرد الإيحاء بأمور سلبية مكذوبة على تركيا ورئيسها، وهم يظنون أنفسهم أنهم الطبقة العليا في المجتمع وأن كل من دونهم شعبويون لا يفقهون شيئا.
بركات مسجد آيا صوفيا أسقطت أقنعة كثير ممن استخدموا هذه القضية لتقديم أوراق اعتمادهم وجباههم الساجدة على أعتاب أنظمة ديكتاتورية لم تقدم لا لشعوبها ولا لمن استعبدتهم إلا كل شر وضرر، فخرجوا ينظرون علينا ببيانات وتغريدات ومنشورات “مفزلكة” عن الحريات والوسطية والاعتدال، متناسين جرائم أسيادهم بحق البشرية.
بركات مسجد آيا صوفيا أسقطت أقنعة العلمانيين الحاقدين على الإسلام وحقوقه، فخرجوا علينا من جحورهم ينفثون سمومهم من ألسنتهم النتنة، ولكن شاء الله أن يفضح هؤلاء بالتحديد أمام مجتمعاتهم التي كان مغشوشة بهم وبتوجهاتهم.
سقوط هذه الأقنعة حقيقة شاء من شاء وأبى من أبى، وخاصة بالنسبة لأولئك “الكلاس” “الكيوت” “المخمليين” “المتعالين”.
تركيا اليوم وخاصة بعد انتصار 15 تموز 2016، قرار إعادة افتتاح مسجد آيا صوفيا 2020، ليست بحاجة لأن يكون معها كل من سقط قناعه بفضل هاتين القضيتين، بل هي بحاجة لأن يبقى معها أولئك المحبون المخلصون الطيبون الفاهمون للحق والحقيقة رغم بساطتهم وعدم دخولهم نادي “الكيوت” و”الطبقة المخملية”.
كل من سقط قناعه في هاتين المحطتين، هو من مافيا النفاق ليس على تركيا، بل على البشر وعقولهم، مافيا جمعت تحت رايتها كل حاقد على هذه الأمة وتطورها وتقدمها ومحاولات نيل استقلالها، مافيا جمعت تحت سقفها من لديهم مشكلة عقدية استراتيجية مع نهضة تركيا، مافيا لا يحب أعضاؤها إلا من يكيد لهذه الأمة وشعوبها، وكل هَمّ هؤلاء الأعضاء مناصب وشهرة ومال وسلطة وتسلط ومحاولة الظهور أمام الناس بمرتبة “أنا الفيهم الوحيد على هذا الكوكب”.
هي مافيا فكرية ثقافية تجذب إليها من ليس لديهم أي مشكلة مع أي قضية في هذا العالم ولا مع أي شخص في هذا العالم، إلا حين ترفع هذه القضية ويرفع هذا الشخص شعار الإسلام الحقيقي الذي يعتز بتاريخه المشرف.
مافيا فكرية ثقافية، تتقبلك بأي لون تلونت إلا أن تتلون بلون الإسلام الحقيقي.. حينها سترفضك وستبدأ بمهاجمتك من الأبواب والشبابيك وكل مخرج ومدخل.
كل هذه الأقنعة سقطت، ونحن مازلنا لم ننته بعد من حصد نتائج انتصار 15 تموز 2016، ولم نقِم بعد أول صلاة في مسجد آيا صوفيا يوم الجمعة 24 تموز 2020، فكيف لو انتهينا من ذلك الحصاد وأقيمت تلك الصلاة؟!
(المصدر: وكالة أنباء تركيا)