انفصام (الأتباع)!
بقلم أ. د. فؤاد البنا
كم ترى في مجتمعاتنا من أناس يُصعّرون خدودهم للناس ويمشون في الأرض مرحاً ويفرحون معض الفرحين، معتقدين أن ما يتمتعون به من النعم إنما هو حصيلة نبوغهم الفردي ودأبهم الشخصي بجمنض مباركة السماء لما هم عليه منض انحراف وضلال!
وكم ينظرون إلى الناس من علياء كبرهم وقمم غطرستهم فيرونهم صغارا حقراء وكأنهم حشرات، وكم يعاقرون الاختيال في السير على الأرض وكأنهم سيخرقون الأرض ويبلغون الجبال طولا!
وكم يكثرون الحديث عن أنفسهم ويرفعون الأصوات افتخارا بمواهبهم المزعومة وعبقرياتهم المُدعاة!
وبعد اجتراح هؤلاء لكل صور الغرور والبغي والعجرفة والاستكبار، يعتقدون أنهم الأتباع الحصريون لمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد يحدثونك عن تواضعه صلى الله عليه وسلم وبساطته وعن رأفته ورحمته، وربما شرحوا لك كيف كان يأتيه من ضيريد محادثته فيمسك بيده ويقول له ما يريد ويذهب به حيث يشاء دون أدنى تمنّع أو تأفف، وكيف كان يأكل ما يصادفه من طعام وقد يربط على بطنه من شدة الجوع، وكيف ١يمشي في الأسواق بتواضع لا مهانة فيه، ويمزح مع الناس ببساطة لا تكلف فيها، ويتحمل أذاهم بابتسامة لا تفارق محياه، وكيف كان يلبس مما يلبسه عامة الناس غير متميز عنهم بشيء، ويجلس حيث ينتهي به المجلس.