مقالاتمقالات مختارة

اليهوديّة والفاشيّة .. تواؤم خطير في النظرية والتطبيق

اليهوديّة والفاشيّة .. تواؤم خطير في النظرية والتطبيق

بقلم نور عالم خليل الأميني

وَصَفَ الله عزَّ وجلَّ اليهودَ في كتابه الأخير الخالد: القرآن الكريم بـ«المغضوب عليهم» ورغم أن مُعْظَم سكان الأرض من بني البشر يرفضون تعاليم الإسلام، ويَتَأَلَّبُون على محاربة الإسلام والمسلمين؛ ولكنهم يُصَدِّقُون وصفَ الله تعالى اليهودَ بقولهم وفعلهم معًا؛ فظلّوا يَكْرَهُون اليهود بقلوبهم ويُنَدِّدُون بهم بألسنتهم من أجل سلوكهم نحو الإنسانية وخُطَطِهم الجهنّمية المُدَمِّرَة للإنسان. وهذا الرأيُ السَّيِّئ فيهم – اليهود – هو الذي دَفَعَ الغربَ – وعلى رأسه بريطانيا – إلى إقامة وطن خاصّ بهم في قلب العالم العربي الإسلامي: فلسطين، حتى يَتَخَلَّصُوا – الأوربيون – من شرّهم المستطير ومشروعهم المضادّ لبني آدم الذي كانوا قد انزعجوا منه كثيرًا؛ ففي كل مكان وُجِدُوا – اليهود –  فيه جَعَلُوا سُكّانه غيرَ اليهود يَتَقَلَّبُون على أَشْوَكَ من الأشواك بنَفْسِيَّتِهم التَّآمُرِيَّة المُدَمِّرة؛ حيث يتجاوزون الخطوطَ الحمراءَ في سبيل تحقيق أغراضهم الخسيسة.

     ولـمّا أُقِيمَتْ لهم دولةٌ خاصّةٌ بهم باسم «إسرائيل» من خلال استلاب أراضي الفلسطينيين العرب، لم يُقْلِعُوا فيها عن تصرّفاتهم الشيطانية التي عُجِنَتْ بها طِيْنَتُهم، فظلّوا يَصُبُّون الويلات على الفلسطينيين الذين استُلِبَتْ أراضيهم ظلمًا وعلوًا لإقامة دولتهم، ودأبوا على قتلهم وتشريدهم وهدم ديارهم وإحراق وتجريف مزارعهم واصطيادهم بالبنادق اصطيادَ الأطفال للطيور، واستمرّوا في تهويد جميع مشاعرهم ومساجدهم، حتى المسجد الأقصى الذي يعترف العالم كله بأنه خاصّ بالمسلمين وليس لهم حقّ فيه في ضوء الوثائق التاريخيّة، وقد أقدموا أخيرًا على فرض الحظر على رفع الأذان فيه وفي غيره. والعالمُ كله يُجْمِع على أنه لابد من إقامة دولة فلسطينية مستقلة للفلسطينيين بجنب دولة اليهود «إسرائيل» وأنه لايجوز لليهود اغتصابُ أراضي الفلسطينيين؛ ولكن اليهود الأشرار لا يستمعون لنداء العالم؛ لأن الاعترافَ بالحق والخضوعَ للعدل تأباه طبيعتهم الخبيثة. إن العالم لم يُدْرِكْ نفسيّتَهم إلّا بعد تجاربه الطويلة المريرة معهم وبعد خسائر فادحة غير قابلة للتلافي عاناها منهم؛ ولكن المسلمين قد أدركوهم على حقيقتهم من خلال النصوص القرآنيّة والتوجيهات الإسلامية وتجاربهم معهم في كل من العهد النبوي المدني وعهد الخلافة الراشدة، وقد نَبَّهُوا العالمَ المتنكرَ لتعاليم الإسلام للأخطار التي كانت تُهَدِّده من قبل اليهود؛ ولكنه لم يلتفت لنصيحتهم، ولم يدركهم إلّا بعد خسائر غير قابلة للتعويض، وبعد ما جَرَّبَ – ولا يزال – أنهم لا يُبَالُون بقرارات أمميّة ونداءات دولية متكررة، وإنما هم عاكفون على إنجاز ما تُمْلِيه عليهم أهواؤهم؛ وبعدما جَرَّب أن اليهود يَلَذُّون ما يُزْعِجُ العالمَ ويتأَذّى منه غيرهم من سكان الشرق والغرب.

     واليهود ظلّوا – ولا يزالون – يُعْرفُون بأنهم لا يَهُمُّهُمْ إلا التوصّل إلى أهدافهم بأي حيلة من الحيل ولا يَلْوُون في طريق إنجاز أهدافهم الإجراميّة على شيء من الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية التي يصطلح عليها المجتمع الدولي ولايُبَالُون بانتقادات الدول والأمم، ولا بما يصيب الفردَ أو الجماعة من معاناة أو مشكلة يصعب على المجموعات البشرية تجاوزُها مهما أَعْمَلَتْ من حيلة و وَظَّفَتْ من حكمة وتعقّل عمليّ؛ فهم لا يَخْجَلُون في دوس القيم وتعذيب أفراد بني آدم؛ لأنهم يَلَذُّون ذلك وتفرح به قلوبهم؛ ففي المرّات التي لا تُحْصَىٰ قصفت الحكومة الصهيونية الفلسطينيين والشعبُ اليهودي في «إسرائيل» وفي العالم تفرجوا على المشهد الأليم غير مُبَالِين بما يقوله العالم عنهم وبما سيُؤَدِّي إليه عدوانُهم المضروب به المثلُ الذي ظلّ يَتَقَزَّز منه الناس على اختلاف الدول والأمم والأجناس والأعراق.

     والعجيبُ الطريفُ جدًّا أن الفاشيّة أو الفاشستيّة (Fascism) تحذو حذوَ اليهودية حذوَ النعل بالنعل؛ حيث تستمدّ قوتها من الصهيونية العالمية والنفسيّة اليهودية الماكرة، وتتغذى بإيحاءاتها وإملاءاتها، وتتباهى بأنها تحاكيها في القول والعمل والسلوك وتفعل مثلَها الأفاعيلَ مع الـمُسْتَضْعَفِين في بلادها وتتلذذ مثلَها تمامًا بتعذيبهم بصنوف الأساليب التي أَتْقَنَتْهَا في التتلمذ عليها.

     ومن المعلوم أن الفاشيّة حركة أو فلسفة سياسيّة تُمَجِّد الدولةَ أو العرقَ، وتدعو إلى حكم أوتوقراطيّ Autocratic استبداديّ مركزيّ على رأسه زعيم دكتاتوريّ؛ وإلى السيطرة على كل شكل من أشكالالنشاط القومي المتطرف. وقد أَسَّسَها «بنيطومسوليني» (1883-1945م) في «إيطاليا» عام 1919م وقد قاد الحزب الفاشي لعام 1945م وترجع كلمة «الفاشيّة» إلى كلمة «فاشيو» (Fascio)الإيطالية، والكلمةُ تُعْطِي معنى «العُنْقُود» وتُطْلَقُ «الفاشيّةُ» اليوم على كل حركة تَهْدِف إلى إقامة دولة كُلِّيانيَّة أو إلى دولة مماثلة لها (والكُلُّيَّانيّةُ نظام سياسي ذو حزب واحد لا تقبل أيّة معارضة سياسيّة) أو إلى بسط سيطرة جنس أو عِرْق أو دولة، أو تَتَبَنَّىٰ مطامع توسعيّة عدوانية شَاوْنِيَّة قوميّة متطرفة. و«الشَّاوَنِيَّةُ» كلمة مشتقة من «شاوان» الذي كان جنديًّا مِغْوَارًا من جنود «نابليون بونابرت» Napoleon Bona parte (1769-1821م وهو إمبراطور «فرنسا» 1804-1815م دَوَّخَ بفتوحاته أوربّا، وهُزِمَ هزيمة حاسمة في «وَاتِرْلُو» Waterloo وهي مدينة في بلجيكا Belgique جنوبيّ «بروكسل» Bruxelles)الذي ظل يُقْدِم في ساحة الحرب رغم إصابته بجروح غائرة، فالشَّاوَنِيَّةُ مُصْطَلحٌ مزيج من عناصر الوطنية والقوميّة والاستعمار والعسكريّة والعصبيّة العُدْوَانِيّة.

     الحكام الذين تتجمع فيهم الصفات المذكورة يسلكون مدفوعين بها طريقَ الفاشيّة، ويتعاملون مع الشعب بإملاءات الاستبداد والدكتاتورية، ويتآمرون ضدّهم مثل اليهودية التي تتآمر دائمًا ضدّ الأمم والشعوب، وكثيرًا ما يَصْدُرُون في تصرفاتهم عن الطائفية المنتنة التي تُفَرِّق الشعبَ وتزرع خلافات وتضادات حادّة بين المجتمع الوطني الواحد ويفتخرون أنهم يتصرفون على طريقة اليهودية. وعن هذه الروح صدر رئيس الوزراء الهندي الحالي الذي صارح في بيانه مُؤَخَّرًا عن عمليّته العسكريّة الخفيّة ضد باكستان بأنه استطاع أن يقوم ضد باكستان بما ظلّت تقوم به «إسرائيل» ضد الفلسطينيين، ولم يَنْتَبِهْ لما يقول، ولو انْتَبَهَ لما قال ما قال، فإن العالم كله ينتقد ما تصنعه «إسرائيل» ضدَّ الفلسطينيين من صبّ أنواع الويلات الهائلة؛ ولكن رئيس الوزراء لا يهمّه إلا المباهاة بمحاكاة «إسرائيل» السيئة السمعة في ارتكاب الظلم والوحشيّة ضدّ الفلسطينيين الأبرياء أصحاب الأرض والدار.

     واليهودية هُوِيَّتُها البارزةُ العِدَاء الـمُتَجَذِّر مع الإسلام والمسلمين والاستمرار في اتخاذ السياسة ضد الإسلام والمسلمين والانطلاق منها في جميع تصرفاتها الإقليمية والعالمية،  فتُقَلِّدُها في ذلك الفاشيّةُ التي عُجِنَت طينتُها هي الأخرى بمحاربة الحريّة والقيم الإنسانية وتجاهل جميع الانتقادات والاستنكارات ضدّها من قِبَل الشعب والمجتمع العالميّ. وبما أن الفاشيّة روحها هي الدكتاتورية، يدور قائدها فقط في فلك الديانة والطائفة اللتين ينتمي إليهما ويَتَبَنَّى مصالحهما المزعومة التي يرى أن خدمتها تتوقف على محاربة طوائف أخرى في البلاد، ولاسيّما الطائفة المسلمة التي يحسب أنّها بحكم انتمائها إلى دينها تُعَادِي الدكتاتوريةَ والحكمَ الفرديَّ المطلق الـمُتَلَبِّس لباسَ الديموقراطية البرلمانية.

     فإثارة الحكومة الهندية الحاليّة من وقت لآخر ولاسيّما في الوقت الحالي قضايا كثيرة تحول دون مصالح الشعب المسلم تُؤَكِّد فاشيّتَها، منها قضية القانون المدني الـمُوَحَّد، وقضية الطلقات الثلاث، وقضية الاضطرابات الطائفية، وقضية الدولة الهندوسيّة في البلاد، وأخيرًا قضيّة إلغاء الروبيات فئة خمس مئة وفئة ألف، التي صدر الحكم بشأن إلغائها في الليلة المتخللة بين الثلاثاء – والأربعاء: 8-9/نوفمبر 2016م، والتي يتعذّب من إلغائها الشعب الهندي على اختلاف الطوائف، إنّ هذه الإجراءات الصارمة كلُّها مصدرها الدكتاتورية التي تتغذى بالفاشيّة.

     هذه الخطوات الحكوميّة يستنكرها العالم، ولايُقِرُّها دستورُ البلاد العلماني الذي لايُفَرِّق في الحقوق بين طائفة وأخرى؛ ولكن رئيس الوزراء الهندي الحالي لا يُبَالِي بالاستنكار ويُصِرُّ على المضيِّ قُدُمًا في طريق تحقيق ما خَطَّطَ له من الاستراتيجية المُدَمِّرة لوحدة البلاد وتضامنها؛ لأن روح الفاشيّة التي يتشبّع بها لا تَدَعُه يُفَكِّر في مصالح البلاد العامّة التي تهمّ الشعبَ على اختلاف الطوائف.

     في الساعة الثامنة والدقيقة السابعة عشرة من الليلة المتخللة بين الثلاثاء والأربعاء: 7-8/صفر 1438هـ = 8-9/نوفمبر 2016م أعلن رئيس الوزراء الهندي «نريندرا مودي» عبر وسائل الإعلام إلغاء فئة خمس مئة وفئة ألف من الروبيّات الهندية بدءًا من الساعة 12 من الليلة؛ وأن المصارف ستظلّ متوقفة عن العمل يومي الأربعاء والخميس: 9-10/نوفمبر = 8-9/صفر؛ وأن الشعب له أن يجمع في حساباته في المصارف ما لديه من الروبيات المُلْغَاة، علمًا بأن فئة 100 وفئة 50 وفئة 20 وفئة 10 وفئة 5 ومادونها ستظلّ مُتَدَاوَلَةً مُتَعَامَلًا بها في البلاد؛ وأن للشعب أن يستبدل هذه الفئاتِ المشار إليها من الروبيات – بالإضافة إلى فئتي ألفين وخمس مائة مُصْدَرَتَيْنِ حديثًا مكان فئة خمس مائة وفئة ألف من الروبيات تَقَرَّرَ الغاؤهما – بقدر محدد من الروبيات الملغاة، وهو 4000، ثم صدر الأمر الحكومي برفع هذا القدر إلى 4500 روبية، ثم صدر الأمر بخفضه إلى 2000 روبية فقط. وطلع صباحُ الجمعة: 11/نوفمبر الموافق 10/صفر ليقف الشعب أمام المصارف ومكاتب البريد الكبيرة، بعدد المئات والآلاف في طول البلاد وعرضها في طوابير طويلة ربما بلغت طول كلومترين وثلاثة كلومترات منذ الصباح الباكر إلى الساعة المتأخرة من الليل. وكثيرًا ما حدث أن الواقفين في الطوابير أمام المصارف عادوا إلى بيوتهم مجهودين مكدودين دون أن ينجحوا في استبدال الفئتين الصادرتين حديثًا من الروبيات أو الفئات المسموح بتداولها من الفئات القديمة من الروبيات، وظلّ هذا الوضع نفسه سائدًا في البلاد كلها لكتابة هذه السطور في الليلة المتخللة بين 22-23/نوفمبر = 21-22/صفر: الثلاثاء – الأربعاء، وقد مضت 13 ليلةً متتالية دون أن يَشْهَدَ الوضعُ أَيَّ تَحَسُّن؛ بل ازداد سوءًا؛ لأن وسائل الإعلام أفادت أن نحو67 من المواطنين ما بين الرجل والمرأة قد ماتوا خلال وقوفهم الطويل في طوابير طويلة بتوقف حركة القلب، أو بالانتحار الذي أَدَّىٰ إليه همُّهم الشديدُ الناشئُ عن إلغاء الفئتين الكبيرتين من الروبيات، الذي وقف حائلاً دون زواج ابن أو بنت لهم، أو دون إقامة مناسبة مُلِحَّة كانت واجبةً عليهم إقامتها، الهمّ الذي أصابهم خلال وقوفهم الطويل في الطوابير أو أدَّى إليه عدمُ تلقّي العلاج في الـمُسْتَشْفَيَات أو العيادات الطبية، لعدم وجود الروبيّات المُتَدَاوَلَة، وما إلى ذلك من الأسباب التي كان مصدرها إلغاءَ الحكومة الهندية الحاليّة بقيادة «نريندرا مودي» فئتين كبيرتين من الروبيات دون تخطيط مُسَبَّق ودون اتخاذ تدابير لازمة كانت تقتضيها مثلُ هذه الخطوة البعيدة المدى ذات أضرار وانعكاسا بالغة على الشعب، ومصالحه الحيويّة، وحاجاته اليومية، وأعماله التجارية، ونشاطاته المتنوعة، التي لاتقبل الحصرَ والتي تمسّ كلَّ فرد من الشعب. وقد قالت مصادر طبية عديدة: إن قطاعًا كبيرًا من الشعب مُعَرَّض للإصابة بالأمراض النفسية من أجل الآثار السلبية التي تركها عليهم إلغاء الفئتين من الروبيات بغتةً.

     أما عند تحضير هذا العدد من المجلة في يوم الأربعاء: 21/ربيع الأول 1438هـ الموافق 21/ديسمبر 2016م فقد ارتفع عدد الأموات، من أجل الوقوف في طوابير طويلة أمام المصارف، إلى نحو 125 ما بين الرجل والمرأة.

     وخلال ذلك ظلّت الأحزاب السياسيّة الـمُعَارِضَة تقوم باحتجاجات، ومسيرات وتظاهرات، وإقامة حفلات استنكار وانتقاد، في طول البلاد وعرضها، إلى جانب ما قامت به من مناقشات حادة وانتقادات لاذعة داخل البرلمان الهندي بمجلسيه: مجلس الشيوخ ومجلس الشعب، للإجراء الحكومي الأخرق المتمثل في إلغاء الفئتين من الروبيات، حتى إن عددًا من أحزاب المعارضة القوية طالبت رئيس الوزراء بسحب أمره بالإلغاء، وهَدَّدَتِ الحكومةَ بعاقبة وخيمة إن لم تسحب قرارَها بالإلغاء. إلى ذلك كثرت شتائم شنيعة وَجَّهَها أفرادُ الشعب إلى رئيس الوزراء خصيصًا عبر الشبكة العنكبوتية في الجوّالات والحاسوبات المتنقلة وغير المتنقلة، ولايجوز أن يحتملها إلّا فاقد الغيرة والوعي الإنساني والحسّ السليم الذي يضع الخطَّ الفاصلَ بين من يَحْمِل العاطفةَ النبيلةَ والشعورَ بالمسؤوليّة الكبيرة التي تعود عليه وبين من يَفْقِدُها تمامًا، فيتجاهل الحقائقَ الصارخةَ التي تُلاَحِقها.

     وقد اتَّهَمَ عددٌ من زعماء عدد من الأحزاب ذات الشعبيّة بأن رئيس الوزراء وحزبه لا يَهْدِفان إلى إلى محو الفساد الماليّ المستشري في البلاد، وإنّما يَهْدِفان إلى خدمة مصالح كبار رجال الأعمال والمال الذين لهم قدم فارعة في الفساد المالي؛ لأنهم في الماضي ساعدوا رئيس الوزراء بنحو غير شرعي، واستقرضوا من المصارف الحكومية ملايين الملايين لتطوير تجاراتهم، ثم أعلنتهم الحكومة مفلسين، وأعفتهم من سداد ديونهم الباهظة، وقد بلغ الذين أُعْفُوا من سداد الديون المصرفية 63 مستدينًا، وبلغ المبلغ الذي أُعْفُوا من سداده 70000 مليون روبية، وعلى رأسهم «فيجيء ماليا» صانع وتاجر الخمور الكبير وصاحب شركة الخطوط الجوية المعروفة بـ«كنغ فيشور» الذي كانت تستحق عليه 17 مصرفًا من المبالغ ما يرتفع إلى 69930 مليون روبية، من بينها 1210 مليون روبية يستحقه عليه «مصرف الدولة في الهند» State Bank of India وحده، وقد أُعْفِيَ من سداد المبلغ باعتباره مفلسًا.

     كما اتَّهَمَه – رئيسَ الوزراء – عددٌ من الزعماء أنه كان قد أحاط مسبقًا علمًا المتعاطفين معه وأصدقاءه من أعضاء حزبه وكبارَ رجال المال والأعمال بقرار إلغاء الفئتين من الروبيات، وأن الروبيات الحديثة الإصدار كانت قد أُوْصِلَت إليهم بطريق سِرِّيٍّ فتمكنوا من استبدالها بالفئتين المُلْغَيَتَيْنِ من الروبيات، لأن المبالغ الموجودة كانت لديهم باهظة لم يؤدوا عنها الضرائب الشرعية وقد نشروا –الزعماء– أرقام حسابات عدد من هؤلاء الذين كانوا قد جمعوا مبالغ كبيرة من الروبيات الملغاة في المصارف فيما قبل إعلان رئيس الوزراء بإلغاء الفئتين بأيام أو أسابيع. ويستدلّون – الزعماء – على ذلك بأن أيّ ثري معروف في البلاد لا يُرَىٰ عليهم انزعاجٌ ولا يُشْهَدُون في الطوابير أمام المصارف.

     ولكن رئيس الوزراء وأعضاء حزبه «ب ج ب» ظلّوا مُصِرِّين على تجاهل ما يحدث في جميع قرى ومدن وبلدات البلاد كلها دونما استثناء، وظلوا مُتَصَلِّبين في موقفهم، ومُثنِين بألسنتهم على حزبهم الذي قَرَّرَ إلغاء الفئتين من الروبيات وفرض قيود صارمة على الشعب بهذا الشأن، وظلّوا يكيلون لرئيس الوزراء المدحَ جزافًا، واستمرَّ رئيسُ الوزراء بدوره يُشِيد بإجرائه وتنفيذه لقرار إلغاء الروبيات، ويقول: مرارًا وتكرارًا إن خطوته هذه تخدم الشعبَ والبلادَ، ولا يرضى بإعادة النظر في القرار الحكومي المُنَفَّذ على الشعب دون رضا منه.

     وسلوكُه بهذا الشأن وغيره منذ أوّل يوم يُؤَكِّد أنه يَتَصَرَّفُ تصرّفَ الدكتاتور الفاشيّ الذي لا تهمّه مصالح الشعب مهما جَرَّ عليه تصرُّفُه من الويلات.

(المصدر: مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى