بقلم د. عبد الحليم عويس
الولاة هم حكَّام الأقاليم – كبيرة كانت أو صغيرة – حسب كفايتهم وثقة الخليفة فيهم؛ فمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان واليًا لعمر ولعثمان رضي الله عنهما على الشام، وكان ناجحًا في تحقيق أمن الناس وسعادتهم، وكان عمرو بن العاص واليًا على مصر…، وهكذا.
ويشترط في الوالي – مع الإسلام والعدالة – الذكاءُ، والفطنة، والأمانة، والرحمة بالناس؛ فقد رفض الرسول صلى الله عليه وسلم توليةَ الأقرع بن حابس – بعد أن استدعاه ليولِّيَه – عندما عرَف عليه الصلاة والسلام أنه ليس رحيمًا بأولاده العشرة، ولم يُقَبِّل واحدًا منهم، فمَن لم يرحم أولاده لن يرحم الناس[1]!
والولاة نوعان:
النوع الأول: ذو السلطات المطلقة في ظلِّ خضوعه ومَن معه لشريعة الله تعالى، وهذه كانت سائدةً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وبداية عهد عمر رضي الله عنهما، فقد كان الولاة في هذه الفترة لا يقومون بشؤون الحكم فحسب، بل كانوا يُمثِّلون الخليفة في الشؤون الدينية، وإلقاء خطبة الجمعة في المسجد الجامع، ويؤمُّون المصلِّين، بحيث يمكن تسميتهم ممثلي أو نائبي الخليفة[2].
ولكن في عهد عمر اتَّسعتِ الدولة الإسلامية عبر عددٍ من البلدان المتباعِدة، فظهَرَتْ فكرة فصل الشؤون الدينية عن الشؤون الزمنية، وبدأتْ حكومة الولاية – في الأقاليم – تنقسم إلى فروع، وهي الولاية التي نسميها (الحكومة ذات السلطات المحدودة)؛ فأصبح هناك إدارة للشؤون المالية، وإدارة للقضاء؛ وهي فروع تفرَّعتْ كلها عن الحكومة، وكان لكل فرعٍ منها هيئة خاصة من الموظفين، وهنا وبعد انفصال الإدارات الحكومية المختلفة نلاحظ الفرقَ بين الوالي المحدود السلطة أو المطلق السلطة؛ فالوالي المطلق السلطة يُعيِّنه الخليفة مباشرة، فيقود الجيش ويتولَّى القضاء ويُولِّي القضاة، ويجمع الضرائب والزكاة، ويقوم بنفقات الحكومة، ويمارِسُ الشؤون الدينية ويعاقب المخالفين للشريعة، ويؤم المسلمين في الصلاة ويتولَّى قيادة الجيش[3].
[1] ينظر حول الولاة: السيوطي: حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة (1/ 64) القاهرة 1927.
[2] ينظر حول الولاة في الدولة الإسلامية: حسن إبراهيم حسن: النظم الإسلامية، ص (52 – 61).
[3] خوادابخش: الحضارة الإسلامية، ص (141).
(المصدر: شبكة الألوكة)