الوفاء في مراسلات العلماء
بقلم مصعب سلمان السامرائي
الرابطة العلمية بين المشايخ وطلاّبهم والأساتذة وتلاميذهم تفوق كثيراً من الروابط الأخرى في المجتمع
يقول المناوي – رحمه الله – (( وَأَبُو الافادة أقوى من أبي الْولادَة ))
ثم علّل ذلك ناقلاً : (( قَالَ بَعضهم : الْولادَة نَوْعَانِ : الْولادَة الْمَعْرُوفَة وَهُوَ النّسَب ، وولادة الْقلب وَالروح واخراجهما من مشيمة النَّفس وظلمة الطَّبْع كالعالم يعلم الانسان ))
واستشهد ببيتٍ أعجبه بقوله : وَللَّه درّ الْقَائِل :
من علّم النَّاس ذَاك خير أَب =ذَاك أَبُو الرّوح لَا أَبُو النطف
وتفرض هذه الرابطة العلمية جملة من الآداب ، وحُسن المعاملة على الطلبة والتلاميذ مع المشايخ والأساتذة في السرّ والعلن جيلاً بعد جيل ، ومنها الوفاء ، وتذكّر الجميل ، وعدم نسيان الفضل .
وهذا لا يُنقص من مكانة الدارس ، وإن بلغ من العمر ، والعلم ، والشهادة ، والمنصب مبلغاً عظيماً ، بل يعود نفعه عليه ويرجع خيره اليه في الدنيا والآخرة .
وهو من منهج الصحابة والتابعين والعلماء العاملين – رضي الله عنهم أجمعين –
ولا عيب في اظهاره ، ولا عذر في التغافل عنه ، ولا نقص في التفاخر به
وقد جسّد هذا الأدب شيخ مشايخنا الاستاذ عبد الكريم الدّبَان مع شيخ مشايخنا السيد أحمد الراوي – رحمهما الله – في مراسلته معه قائلاً له : (( كيف أنساك ، وأنسى جزيل فضلك ، وعميم إحسانك ، وعظيم شفقتك ؟ أم كيف أنكر ما أسديت إليَّ ؟ ))
وبهذه الكلمات يرسم صورة جميلة ، و يخطّ مسلكاً واضحاً ، ويسطّر منهجاً حقيقياً ، يسترشد به طلبة العلم ، مستثمرين ما يتاح لهم من الاتصالات ، ومواقع التواصل الاجتماعي وما تقدّمه من خدمات لإظهار الوفاء لأساتذتهم ومشايخهم والتحدّث بجميل صنيعهم وما بذلوا من نفيس أوقاتهم .
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)