الهند: “غيان وابى”.. مسجد يحاصره الهندوس بالقضايا من أجل هدمه
تتواصل حالة التربص بالمساجد -خصوصا الأثرية منها- في الهند، وآخرها مسجد “غيان وابى” بمنطقة واراناسي شمالي البلاد، الذي يُواجه بحملة قضايا تستهدفه أمام 3 محاكم هندية في آن واحد.
واليوم الأربعاء، قدّم الطرف المسلم رده واعتراضه أمام محكمة واراناسي على طلب الطرف الهندوسي فتح الطابق أسفل المسجد لمعاينته، كما أعلن رفض تقرير لجنة مسح المسجد التي عينتها المحكمة، وقامت بزيارته في 16 مايو/أيار الماضي، وادعى تقريرها أن نافورة المسجد على شكل “شيف لينغ” (Shivling)، وهو العضو التناسلي لإلههم “شيفا”، وهو عضو يعبده الهندوس، وتوضع صوره وتماثيله في معابدهم.
وأمام المحكمة، حاول الطرف الهندوسي استصدار أمر بإعادة مسح المسجد، خصوصا الطابق السفلي منه، وإخضاع النافورة للفحص العلمي والكربوني.
وفي جلستها السابقة في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فرضت المحكمة غرامة رمزية على لجنة المسجد لأنها لم تسجل اعتراضها على القضية المرفوعة خلال المدة القانونية، كما رفضت طلب الجانب الهندوسي فحص نافورة المسجد فحصا علميا كربونيا.
سياسة.. لا دين
وأقام القضية 5 نسوة هندوسيات أمام محكمة واراناسي، مطالبات بالسماح لهن بزيارة المسجد لأداء طقوس هندوسية، رغم أنهن جميعا لا يُقمن في مدينة واراناسي، الأمر الذي يستدل به مراقبون على أنها قضية سياسية، وليست دينية.
وأنشئ مسجد “غيان وابى” عام 1669 في عهد الإمبراطور “أورنغزيب”. ويدعى الهندوس أنه أُقيم على أرض معبد لهم، لتبدأ سلسلة قضايا تستهدف المسجد منذ منتصف القرن الـ19، رغم الرفض المتكرر من المحاكم الهندية.
وحاليا، تنظر 3 محاكم في وضع المسجد، وهي محكمة واراناسي المحلية، والمحكمة العالية بمدينة “الله آباد”، والمحكمة العليا في نيودلهي.
ومسجد “غيان وابى” محاط الآن من كل الأطراف بالتوسعات الكبيرة التي يجريها رئيس الوزراء ناريندرا مودي لمعبد “غيان وابى، المتاخم للمسجد، بعد هدم بيوت كثيرة ومعابد صغيرة في المنطقة.
ويمكن لقوات الأمن التي تحرس المكان أن تمنع المسلمين في أي وقت من الاقتراب من المسجد، علما بأنه لا يُسمح للمسلمين بدخوله إلا في أوقات الصلاة.
3 آلاف مسجد
وفي السياق نفسه، تنظر المحكمة العليا في نيودلهي في قضية المسجد في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وقد أقام هذه القضية نفس النسوة الخمس، مطالبات بـ”الحفاظ على العضو التناسلي المقدس” الذى يدعون أنه موجود في المسجد، بينما يؤكد المسلمون أنه ليس إلا نافورة بالمسجد.
ومن جهة أخرى، قدّم المدير العام لهيئة الآثار الهندية تعهدا للمحكمة العليا بمدينة “الله آباد” في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنه على استعداد لتنفيذ كل ما تأمر به المحكمة بخصوص مسح مسجد “غيان وابى”. وقد أعطت المحكمة فرصة للجنة المسجد للرد على هذا التعهد خلال 10 أيام.
وكانت هيئة الآثار الهندية قد رفضت في أبريل/نيسان الماضي الانصياع لأمر محكمة واراناسي المحلية بمسح المسجد، مؤكدة أنها على استعداد لإجراء المسح في حال كان الأمر من المحكمة العليا، وعندئذ عيّنت المحكمة لجنة محلية للقيام بالمسح.
وتقيم لجنة المسجد دفاعها على أن “هذه القضايا فاسدة لأنها تخالف قانون حماية أماكن العبادة لسنة 1991″، والذي من المفترض أنه يحمي جميع دور العبادة في الهند -ما عدا المسجد البابري- على الوضع الذي كانت عليه عند الاستقلال في أغسطس/آب عام 1947.
وفي الوقت الذي يزعم فيه الهندوس أن المكان كان معبدا عند الاستقلال، يؤكد المسلمون أن الصلاة لم تتوقف يوما في هذا المسجد منذ إقامته في القرن الـ17.
يُذكر أن مسجد “غيان وابى” واحد من 3 آلاف مسجد في أنحاء الهند يدّعى الهندوس أنها أقيمت على أنقاض معابدهم. وقد أقاموا قضايا في عشرات المحاكم مطالبين بهدم هذه المساجد وإعادة بناء المعابد التي يزعمون أنها كانت قائمة، ومن هذه المساجد أيضا، مسجد “عيدكاه” في مدينة ماتهورا.
ويرى مراقبون أن الهندوس يعملون وفق خطة تهدف لإطالة أمد هذه المطالبات لعشرات السنين لإنهاك المسلمين، وتهيئة الرأي العام إلى حين تتهيأ الظروف لهدم هذه المساجد أو الاستيلاء عليها كما حدث سابقا للمسجد البابري الذي وضعوا فيه تماثيلهم في ديسمبر/كانون الأول عام 1949، قبل أن يهدموه في ديسمبر/كانون الأول 1992، ولاحقا منحتهم المحكمة العليا أرض المسجد في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 رغم اعترافها بحق المسلمين فيها.
المصدر: الجزيرة