مقالاتمقالات مختارة

الهجرة النبوية الشريفة كانت انتصارا للحق أم فرارا من القتل؟

الهجرة النبوية الشريفة كانت انتصارا للحق أم فرارا من القتل؟

بقلم الشيخ فايز النوبي

لقد أرسل الله — عزوجل — رسوله محمدا – صلى الله عليه وسلم – رحمةً للعالمين ، وجعله بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا ، يُضِئُ ظلامَ القلوب ويُحْيِي مَواتَ النفوس فهدى اللهُ به من الضلالة ، وعلم به من الجهالة ، وفتح به أعينا عُميا وقلوبا غلفا ، دعا الناس إلي الإيمان ودَلَّهم  إلي التوحيد ، وأقام بهم دولة الإسلام .
لكنّ هذه الدعوة الرحيمة والرسالة العظيمة ، لم تجد الطريق أمامها سهلا مُعبداً مفروشا بالزهور والرياحين ، وإنما وُضِعت في طريقها القيود والعراقيل .

والمسلمون حينما يتذكرون الهجرة النبوية الشريفة لايفوتهم تَذَكر الأحداث العِظام ، والتاريخ المجيد الذي سجل  للرسول الأعظم — صلى الله عليه وسلم — وصحبه الكرام أجل صفحات العظمة والشجاعة والتألق في الوفاء بالعهد والثبات على الحق ، والتضحية بالغالي والنفيس بل بأعز مايملكون .

يتذكر المسلمون نبيهم الهادي البشير – صلى الله عليه وسلم – وقد أمره ربهُ – عزوجل – أن يَصْدع بالحق ويدعو إلي التوحيد ، ويخلص الناس من الفساد والظلم وينتشل المجتمع الذي كان يعيش في ظلمة وجهل إلي نور يشرح الصدور ويُحيي القلوب وينير البصائر .

مكث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكان مثال التفاني والإخلاص في دعوته ، لم يترك سبيلا ولاطريقا يدعو بها قومه إلي الهدى والرشاد إلا سلكها واتبعها ، كان يذهب   إلي القبائل قبيلة قبيلة ، ويغدو إليهم في أماكن اجتماعهم وأسواقهم وحجهم ، وكان سهلا لينا واضحا في دعوته بعيدا عن الإغراء والإغواء والتنفير .

كان يطلب من الناس أن يستمعوا لما يعرضه عليهم ثم يتدبروه ويفكروا فيه بعقولهم ، هكذا أمره ربه – عزوجل – : (قل إنما أعظكم بواحدةٍ أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا مابصاحبكم من جِنّة إن هو إلا نذيرٌ لكم بين يَدَي عذابٍ شديد) .
ظل صلى الله عليه وسلم يمحو آثار الجاهلية الحمقاء وماصنعته في العقول من خرافة ، وماخَلّفته في القلوب من زيغ وهوى وفي السلوك من شر وفساد
مكث – صلى الله عليه وسلم – يَفُك قيود الشر وأغلال الفساد ، ويُعْلي قيمة البشر ويرفع قدر الإنسان ، والإنسان لايعلو قَدْره في الحقيقة وترتفع قيمته بالمظاهر الفارغة وتقاليد الرياء الفتاكة ، ولابدعوى  زائفة أو كلام بدون مضمون وأساس صحيح .   الإنسان في الحقيقة تعلو قيمته ويرتفع مَقامه إذا سَلِمت نفسُه وصَفى قلبهُ من شوائب الشرك والشر والشغب ، يعلو قدرُ الإنسان إذا فهم رسالته وعلم لماذا خُلق ، وعمل لربه قبل أن يعمل لنفسه وسعى لدينه كما يسعى لدنياه .
لكنّ أعداء الحق وخصوم الإسلام وقفوا في وجه دعوة النبي  -صلى الله عليه وسلم – وحاربوه ولجأوا في ذلك إلي أساليب خسيسة ، ووسائل رخيصة للنيل منه ومن دعوته – صلى الله عليه وسلم – وكانوا أنواعاً ثلاثة :
1-المستكبرون الجاحدون العالمون بالحق
2- الحاسدون المحترقون
3-الجُهال الضالون
وكَوَّن هذا الثالوث البغيض جبهةً عنيدة وحزبا شيطانيا لايترك من سبيل ولاوسيلة في الشر والأذى إلا سلكها للصدِ عن دين الله – عزوجل- : (يريدون ليُطفئوانور الله  بأفواههم والله مُتِم نوره ولوكره الكافرون )،
اشتد البلاء على النبي – صلى الله عليه وسلم – وأتباعه في مكة المكرمة وضُيِّق الخناق على الدعوة ، ووضِعَت أمامها العراقيل وسُدَّت المنافذ ، إضطهاد من قومه وأذىً لأصحابه حتى أشار عليهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بالهجرة الأولى إلي الحبشة لما تأكد أن مَلِكها – النجاشي – حاكم عادل لايُظلم عنده أحد ، فهاجرت دفعةٌ من المسلمين لايزيدون على اثني عشر رجلا وأربعٍ من النسوة ، رئيسهم عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ومعه زوجه رقية بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام ، وعاد أصحاب الهجرة الأولى إلي الحبشة بعد أشهرٍ قليلة إلي مكة بعدما وصلهم خبر سجود المشركين في المسجد الحرام بعد قراءة النبي – صلى الله عليه وسلم – سورة  النجم على مسامعهم، فظن مهاجروا الحبشة الأوائل أن أهل مكة أسلموا ، وذلك لأن الخبر وصلهم بصورة تختلف عن الواقع ، فرجعوا فرحين مستبشرين، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار عرفوا جَلِية الأمر فمنهم من رجع إلى الحبشة ومنهم من دخل مكة سراً أو في جوار أحد من قريش.
واشتد البلاء والعذاب على المسلمين من قريش ندما منهم على مافرط من السجود مع المسلمين ، وانتقاما لما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره للمهاجرين ، ونظرا لهذه الظروف الشديدة القاسية أشار – صلى الله عليه وسلم – على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى ، فهاجر اثنان أوثلاثة وثمانون رجلا وثماني عشرة امرأة ، وكانت الهجرة الثانية إلى الحبشة أشق عليهم  وأشد من الأولى ؛ لأن قريشا كانوا متيقظين يتابعون تحركات المسلمين ، لكن الصحابة الكرام  – رضوان الله عليهم – كانوا أشدَ منهم يقظةً وأكثرَ منهم حكمةً وأحْكَم منهم خُطوةً ، فخرجوا إلى الحبشة رغم كل الجهود ، الأمر الذي جعل قريشا يبعثون رجلين من دهاتهم ، هما عمرو بن العاص وعبدالله بن ربيعة — وكانا إذ ذاك على الشرك — إلى النجاشي ليعيدا المسلمين المهاجرين إلى مكة ، ونزل الرجلان بخُطِة محكمة وتواصلا أولا ببعض البطارقة وأغْرَياهُم بالهدايا وذكرا لهم الهدف حتى وافقوهما وأدخلاهما على النجاشي ، ولكن محاولتهم جميعا باءت بالفشل خاصة لما تحرى النجاشي الحقيقة واحتاط في الأمر وسمع القضية من الطرفين ، وعلم الحقيقة وأيقن صدق دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم – فلم يُسْلم المهاجرين وآواهم وأحسن إليهم حتى أقاموا بخير دار مع خير جار .
وقتها مُنِي المشركون بالخيبة والفشل ، فاستشاطوا غضبا وتميزوا غيظا ، وأرادوا أن ينقضُّوا على بقية المسلمين بطشا لاسيما وهم يرون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ماضٍ في دعوته وعمه أبا طالب قائم بنصرته رغم التهديد والوعيد ، فاحتاروا في أمرهم ولم يدروا ماذا يفعلون؟ وغلبت عليهم الضراوة فاشتد أذاهم وتعذيبهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – وبمن بقي معه من المسلمين ، وتنوعت أساليب القوم في أذية المسلمين ، ورغم ذلك مارأوا إلا ثباتا وصمودا وتمسكا بالحق من النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحبه الكرام ، فحاول المشركون المساومة واللقاء في منتصف الطريق فسعوا إليه  متظاهرين بالرفق واللين وعرضوا على النبي -صلى الله عليه وسلم – أن يكونَ مَلِكا عليهم أغروه بالزعامة والغنى ليترك دعوته التي ستُحطم بنيان الظلم وتدك صروح البغي ، وتُسَوِّي بين الناس فلا سيد ولامسود بل الكل لله عبيد وأمام شريعة الله سواء .
لكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ماغَرَّته دنياهم الفانية ، ومتاعهم الزائف الذي عُرِض عليه ومااهتم بما أغروه به ، ووقف كالطود الشامخ يدعو إلى الخير لايبالي بالأذى مادام ذلك في ذات الله ومرضاته ، ووجد المشركون أن نتيجة جهودهم الخيبة والخسران واستمر النبي  -صلى الله عليه وسلم – في دعوته والتقى نفر من أهل يثرب أتوا مكة حاجَّين ، فعرض عليهم دعوته فأسلموا وعقد معهم بيعة على الإيمان بالله وحده والإستمساك بالفضائل والبعد عن المناكر ، وبعث معهم مُعَلِما أمينا هو “مُصْعب بن عمير” الذي نجح في نشر الإسلام وجمع الناس حوله ، وعاد مُصعب بعد وقت يبشر النبي – صلى الله عليه وسلم – بما لقي الإسلام من قبول وترحيب في يثرب ، وأن جموعا غفيرة أسلمت وسوف يرى منهم في موسم الحج ما تقر به العين .
وأتى بالفعل ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من مسلمي يثرب وعقد معهم – صلى الله عليه وسلم – بيعة تكون بمثابة حلف يدفع به هؤلاء عن أنفسهم وإخوانهم ، وعلم المشركون بماحدث فجُن جُنُونهم ، وخرجوا يطلبون هؤلاء الوافدين فلم يلحقوا منهم الابسعد بن عبادة الذي أخذوه وردوه إلى مكة حتى أجاره أحدهم ؛ لأن سعدا كان يجير من يأتي إليه في المدينة.
ثارت ثائرة قريش واشتد أذاهم على المسلمين حتى ارتفعت أصواتهم إلى السماء :(ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا)
كانت خاتمة الصراع قبل الهجرة بين جبابرة الشرك وبين الحنفية السمحة : أن يُدَبروا مؤامرة لإغتيال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاجتمعوا في محفلهم بدار الندوة في ليلة حالكة لإنفاذ فكرة غادرة ، وترصدوا له بسيوفهم الآثمة ، فيا لله ما أجرم وما أهول الموقف ، لوتمكنوا وتم لهم مرادهم لقضي على هذه الدعوة وانطفأ نورها الذي سيبدد ظلام العالم وهي لمّا تزل في بدايتها ، ولكن الله غالب على أمره وأين مكر وتدبير هؤلاء المجرمين من مكر الله  – عزوجل –  وتدبيره ورقابته ؟ وهو الذي لايخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء وصدق سبحانه حيث يقول : (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )، أخبر الله رسوله بما بيَّته المشركون وأجمعوا عليه ، وأمره بالهجرة إلى يثرب مع المسلمين فعزم – صلى الله عليه وسلم – على تنفيذ أمر الله وأعدّ العُدة ووضع الخُطة ، وأمر أصحابه بالهجرة والخروج إلى يثرب ، واستعان بعد الله – عزوجل – بمن يُمْكِن الإستعانة بهم والإستفادة من خبراتهم – ولو كانوا غير مسلمين – طالما كانوا منصفين لم يخونوا ولم يغدروا.
وخرج – صلى الله عليه وسلم – ومعه صاحبه  الصديق – رضي الله عنه – وبدءا السير إلى غار بأسفل مكة حتى يُعميا على القوم ، فدخلاه وبقيا فيه ثلاث ليال وقريش قد أُسقط في يدها فلم تنجح حيلتها ولم تصل إلى ماتريد فجعلت جائزة مائة من الإبل لمن يأتي بمحمد ، وهي ثروة ضخمة عند عرب الصحراء يسيل لها اللعاب وتغري بركوب المخاطر وتحمل المشاق ، لكن الله – عزوجل – بقدرته التي لاحدود لها عصم رسوله الكريم من أذيتهم رغم وصولهم إلى  الغار الذي لما انتهوا إليه أحدقوا به من كل ناحية ، ويسمع أبوبكر – رضي الله عنه – وقع أقدامهم فيضطرب قلبه ويحس حزنا ثقيلا ويهمس في أذن النبي – صلى الله عليه وسلم – قائلا : إن قتلت أنا فإنما أنا رجل واحد وإن قتلت أنت هلكت الأمة – إنه موقف عصيب ينخلع له قلب الشجاع – لكن الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم – يبقى ثابت الجنان قوي الإيمان ، يُضْفي على صاحبه من ثباته ثباتا ومن إيمانه إيمانا فيقول له : (يا أبابكر ماظنك باثنين الله ثالثهمالاتحزن إن الله معنا )وفي ذلك يقول الله عزوجل : (الاتنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا) ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وحيل بينهم وبين مايشتهون، ومن حيث أتوا يعودون وارتدوا على أعقابهم خائبين ويصل النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة محفوظا بحفظ الله – عزوجل – مَرعِيا برعايته ويستقبله أهلها أعظم إستقبال ، ويستقر به المُقام  في المدينة  ويجد بها قلوبا تفتحت للدعوة فآزرتها وأيدتها ، وتكونت أول دولة في الإسلام الدولة المؤمنة المجاهدة والأمة المؤتلفة المتحابة ، التي لاتعرف عصبية لجنس أوقبيلة فالكل قد انصهر في بوتقة واحدة وأصبحوا جسدا واحدا وبناء متراصا متحدا ، يعمل كل فرد فيه لخير المجتمع ولإِعزاز دين الله – عزوجل -.
وأكرم أهلُ المدينة إخوانَهم المهاجرين وآثروهم على  أنفسهم ، وزكى اللهُ صَنِيعَهم حيث قال :(والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولايجدون في صدورهم  حاجة مما أُوتُوا ويُؤثرون على أنفسهم  ولو كان بهم خصاصة ومن يُوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
ونتسائل بعد ذلك هل كانت الهجرة فرارا من الموت والأذى وطلبا للنجاة ؟ أم كانت رغبةً في المال والغنى والثراء كمايدعي بعض المستشرقين وأعداء الإسلام ؟ إن الإجابة الفذة الصحيحة لهذا التساؤل تعلن بوضوح  و تقول : بأن الهجرة كانت إنتقالا بالدعوة والعقيدة والدين من وطنٍ كَثُر فيه الباغي  وقلّ فيه الناصر إلى وطن تأمن فيه  على نفسها وتجد تربة طيبة لغرس شجرة التوحيد فلم تكن الهجرة فرارا بل كانت إنتصارا لإنها كانت إنتقالا إلى آفاق واسعة ومجالٍ أرحب تستطيع فيه الدعوةُ أن تنمو وتنتشر وتبث هدايتها للناس جميعا في مشارق الأرض ومغاربها
لوكانت الهجرة فرارا من الأذى ماهاجر عمر بن الخطاب الذي أعز الله به الإسلام وجعل إسلامه سببا لإظهار إسلام المسلمين، عمر الذي جعل ينادي ويقول حينما هاجر : (من أراد أن تثكله أمه ويُيتم ولده، ويرمل زوجه فليخرج لي أويلقني خلف هذا الوادي ) لو كانت الهجرة فرارا وخوفا ما هاجر حمزة بن عبد المطلب – أسد الله وأسد رسوله – والذي اقترن إسلامُه بصفعة منه على وجه أبي جهل.
ولم تكن الهجرة كذلك طلبا للغنى والمال لو كانت كذلك ماهاجر الصديق والذي كان أنجح التجار في مكة وتجارته من أربح التجارات وكذلك كان عبد الرحمن بن عوف وصهيب بن سنان الرومي الذي وفد مكة فقيرا فتاجر فأصبح من الأغنياء ولما أراد الخروج مهاجرا تصدى له المشركون وقالوا له  : ياصهيب أتيتنا صُعلوكا فقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك والله لايكون لك ذلك فقال لهم صهيب : تعلمون والله أني أفضلكم ضربا بالسيف وطعنا بالرمح ولكني لم أُومر بقتال من قِبل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أرأيتم لو تركت لكم مالي أتتركونني قالوا : نعم، فدلهم على مكان المال فأخذوه فبلغ ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : (ربح البيع صهيب ربح البيع أبا يحيي ) وفيه وفي أمثاله نزل قول الله تعالى : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد ).
إن هدف الهجرة كان  نصرة دين الله وإقامة دولة الإسلام وتحكيم شرع الله والجهاد في سبيله ، ولم تكن هذه الأمور متاحة في مكة ولم يتمكن المسلمون من إقامتها وتحقيقها فقد كانت الغلبة للباطل ، ولم تكن شريعة الإسلام حاكمة وإنما كان يسود حُكمُ الجاهلية ، فأذن الله لدولة الإسلام أن تُقام ولشرعه أن يَحكم وللجهاد أن يُفرض ويتحقق .

كانت الهجرة في الأول والأخير لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى
وفي الختام أقول إن فاتنا ثواب الهجرة إلى الله ورسوله في صدر الإسلام فقد شرع الله لنا هجرة من نوع آخر، فيها الأجر العظيم والثواب الجزيل فلنهجر المعصية إلى الطاعة ولنهجر التفريط والتراخي والكسل  إلى الجد والإجتهاد و العمل ولنهجر التمرد على أوامر الدين إلى الإنقياد والاستسلام لله رب العالمين ، ولنُهاجر من الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها إلى الله تعالى والدار الآخرة والرغبة فيها ، ولنقف وقفة المهاجر بنفسه وإن لم يهاجر بحسه ، فلنهاجر إلى ربنا بقلوبنا وعقولنا وأعمالنا ولنلجأ إليه – عزوجل – ليكون ناصرنا ومؤيدناومعيننا فهو القائل – عزوجل – : (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذاالذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
وكل عام وأُمَتنا الإسلامية بإذن الله تعالى في عز ونصر وخير وتمكين .
اللهم مَكِن لدينك في الأرض وافتح له العابدين ، واجعل شريعتك تحكم في الأرض وتسُود .
اللهم اكشف بقدرتك الغُمة عن مصر وعن الأمة كلها ، وانتقم بحولك وقوتك من الظالمين ، وفك بقدرتك أسر المأسورين وأطلق سراح المعتقلين إنك ربنا على ماتشاء قدير .

(المصدر: رابطة علماء أهل السنة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى