مقالاتمقالات مختارة

الهالوين.. بين الحل والحرمة

الهالوين.. بين الحل والحرمة

بقلم أكرم كساب

يعد عيد الهالوين من الأعياد التي يُحتفل بها في عدد من الدول الأوروبية، وانتقلت العدوى إلى العالم العربي والعالم الإسلامي، وسأوضح الحكم فيما يلي:

الحكم على الهالوين فرع عن تصوره

علّمنا علماؤنا أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. وقد جاء في موسوعة “ويكيبيديا” (Wikipedia) أن “الهالوين” (Halloween) هو احتفال يقام في دول كثيرة ليلة 31 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، وذلك عشية العيد المسيحي الغربي، وعيد جميع القديسين، وهما عيدان مختلفان.

نشأة الهالوين

  • يعتقد أن “عشية جميع القديسين” احتفال مسيحي مع احتمال وجود جذور وثنية ممكنة.
  • في حين يؤكد آخرون أن الهالوين نشأ بشكل مستقل وله جذور مسيحية.

تقاليد الهالوين

يحتوي الهالوين على مجموعة من التقاليد:

  • ما يعرف باسم “خدعة أم حلوى”، والتنكر في زي الهالوين، والتزيين، ونحت القرع ووضع فوانيس جاك، ومشاعل الإضاءة، وزيارة المعالم السياحية المسكونة.
  • في أجزاء كثيرة من العالم، لا تزال تمارس الاحتفالات الدينية المسيحية بما في ذلك حضور الطقوس الكنسيّة وإضاءة الشموع على قبور الموتى من الأقارب.
  • تحول هذا الاحتفال في مناطق مختلفة من العالم إلى احتفال تجاري وعلماني.
  • وجود الخدع، وارتداء الملابس الغريبة والأقنعة، وتروى قصص الأشباح وتعرض بعض أفلام الرعب.
  • تزيين البيوت والشوارع باليقطين المزخرف والمضاء والألعاب المرعبة والساخرة.
  • يتنكر الجميع من كبار وصغار لكيلا تعرفهم الأرواح الشريرة.
  • يتنقل الأطفال لأخذ الحلوى في طقس يعرف باسم “خدعة أم حلوى”، ومن لا يعطي الأولاد تغضب منه الأرواح الشريرة.
  • هوليود لم تتأخر عن هذا فقد أنتجت عشرات الأفلام عن الهالوين، منها أفلام رعب.

الحكم الشرعي في الهالوين

والذي أراه أن الحكم الشرعي للهالوين هو الحرمة، وذلك للتالي:

  • لما له من جذور تاريخية، إما وثنية وإما نصرانية، ومثل هذا لا يجوز الاحتفال به.
  • لأن فيه تشبه بالغير فيما يخالف ما جاء به الشرع، روى أبو داود عن ابن عمر، قال، قال رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلّم “مَن تَشبَّه بقوم فهو منهم”. ولا شك أن التشبه هنا واضح بما هو مخالف للشرع.
  • كونه عيدا لغيرنا يجعل الحرمة مصاحبة له، إذ أبدلنا الله من الأعياد ما فيه غنية، وفي الحديث “إنّ الله قد أَبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم النّحْر”.
  • اشتماله على مخالفات شرعية، ومنها:
  • اعتقاد عودة الأرواح، وهذا يخالف الشرع، فالأرواح ليس لها عودة سنوية ولا شهرية.
  • اعتقاد الضرّ من هذه الرواح، واعتقاد دفعه بمثل هذه الأشياء (صور الأشباح- الأطعمة)، والمؤمن يعتقد أن النفع والضرر بيد الله سبحانه {قُل مَن بيدهِ مَلكوتُ كلّ شيء وهو يُجير ولا يُجار عليهِ} [المؤمنون: 88].
  • تعويد الأولاد على السؤال من خلال الدوران على البيوت، وهذا أمر غير محمود، إذ الأصل أن يعود الطفل العطاء لا الأخذ، والجود لا الطلب، وإن كان من طلب فيكون من أقرب الناس ومن له صلة بهم.
  • بث الرعب من خلال الأزياء أو الأشكال التي تصاحب هذا الاحتفال، وقد نهى الشرع عن ترويع الآخرين وتخويفهم، “روى البخاري في الأدب المفرد عن عبد اللَّه بن السّائِب، عن أبيه، عن جدّه قال سَمعتُ رسولَ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم يَقول “لا يأخذ أَحدُكم مَتاع صاحبه لاعبا ولا جادّا، فإذا أَخذ أحدكم عصا صاحبِه فليَرُدّها إليه”.

شبهات وردود حول الهالوين

يطلق البعض شبهات حول القول بالحرمة، بعضها من الآباء وبعضها من الأبناء، ومن هذه الشبهات:

  • عيد الهالوين لا يعد عيدا دينيا، بل أضحى يوم سرور وفرح

ويجاب عن ذلك بأن العبرة بأصل الفعل، حتى وإن اختفى السبب الديني فما زال الاحتفال موجودا، وما زالت جذور هذا العيد ظاهرة في مظاهر الاحتفال.

  • من يقوم بالاحتفال يرى الحرمة ولا يعتقد بما اعتقده أصحاب هذا العيد

ويجاب عن ذلك بأن اعتقاد الحرمة مشكور، لكن مع الحرمة ينبغي البعد عنه، إذ المسلم مطالب بالتميز عن غيره في الأمور الدينية.

  • عدم المشاركة في الأعياد والاحتفالات يعد عزلة عن المجتمع الذي نعيش فيه خصوصا في الغرب (أوروبا وأميركا)

ويجاب عن ذلك، بأن اندماج المسلمين في مجتمعاتهم (في الغرب) أمر مطلوب، لكن شريطة ألا يكون الاندماج على حساب الشرع والدين.

  • ما يكون من حلوى تؤخذ بغير كدّ ولا تعبّ

ويجاب عن ذلك بأنه ليس كل ما يتحصل عليه المرء من غير كدّ ولا تعب يعدّ من المباحات، وإلا فاللقطة (ما يلتقطه الإنسان من الأرض) لا يكون فيه تعب، وبعض السرقة لا يكون فيها تعبّ، فهل انتفاء التعب يبيح الحصول على ذلك الشيء؟

  • في هذا اليوم ما فيه الكثير من الفرح فلماذا تكبتون فرحة الأولاد وتضيقون واسعا؟

ويجاب عن ذلك بأن الفرح محمود ما كان مشروعا، {قُل بفضل اللَّه وبرحمته فبذلكَ فليَفرحوا} [يونس: 58]، وأما الفرح بالمعصية فمنهي عنه، {إذْ قال له قومه لا تفرح إنّ اللَّه لا يُحبّ الفَرحين} [القصص: 76].

الاحتفال بـ”حلال وين” لا “هالوين”

في بعض الأماكن يقيم بعض الناس حفلة تحت مسمى بـ”حلال وين” لا “هالوين”، وأحسب أن القائمين على هذه الأعمال لديهم حسن نية في مثل هذه الأعمال، لكن ينبغي أن نقرر عدة أمور:

  • حسن النية وحده لا يكفي في أي عمل من الأعمال، لأن العمل يحتاج إلى أمرين لا غنى عنهما، إخلاص النية لله، وموافقة العمل لشرع الله، والمتابعة شرط أصيل، قال تعالى {قل إنْ كنتم تُحبون اللّه فاتّبعوني} [آل عمران: 31]، وقال سبحانه {فمَن كان يَرجو لقاء ربّه فليَعمل عملا صالحا ولا يُشرك بعبادة ربّه أحدا} [الكهف: 110]، يقول ابن كثير أي ما كان موافقا لشرع الله.
  • مجرد الاجتماع لا يحتاج إلى دليل شرعي، لأنه يدخل في أمور العادات لا العبادات، لكن أن يكون هذا الاجتماع تحت هذا المسمى، في نفس الوقت وبنفس الأعمال التي يقوم بها الآخر؛ فلا أرى جوازه إلا إذا كان في هذا العمل صرف الصغار والكبار عن المشاركة في هذه المنكرات.
  • أرى لو اتخذ المسؤولون في كل مكان أعمالا دورية ليصرفوا الأطفال وآباءهم عن مناسبات الآخرين لكان أفضل وأولى، دون أن يربطوا بين الحدث المراد مخالفته.
  • وضع الصبغة الإسلامية في أي عمل ليس دليلا على المشروعية كما يفعل البعض بقوله “حلال وين”، فالحرام يبقى حراما ولو جمله البعض، وإلا لأصبح عندنا خمر إسلامي، ورقص إسلامي.
  • ينبغي أن نفرق بين بيئة وبيئة، فإذا كان الواقع بما فيه من توعية مستمرة من أعوام وأعوام فلا ينبغي لنا أن نفتح لأولادنا بابا أغلق بفضل الله ثمّ الدعاة الذين بذلوا جهودا في تبصير الناس.
  • وإذا كان الواقع يؤكد انغماس الأطفال -بل وبعض آبائهم- في هذه الأعمال فلا مانع من جمعهم في هذا اليوم في مسجد أو مدرسة لإبعادهم عن الاحتفال المنهي عنه، مع بيان ما في فعل الآخر -الذي أمرنا بالبر والإقساط نحوه- من مخالفة شرعية لا يجوز لنا فعلها.
  • ما ذكرته سابقا من أن مراعاة البيئة والحال والواقع والمال أمر ضروري، وقد أصّل له العلماء والفقهاء منذ زمن، ومنهم ابن تيمية في معرض حديثه عن الاحتفال بالمولد النبوي (وهو يرى الحرمة فيه) حيث قال “فتعظيم المولد، واتخاذه موسما، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس، ما يستقبح من المؤمن المسدد. ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء إنه أنفق على مصحف ألف دينار، أو نحو ذلك فقال دعهم، فهذا أفضل ما أنفقوا فيه الذهب، أو كما قال. مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة. وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجويد الورق والخط. وليس مقصود أحمد هذا، إنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة، وفيه أيضا مفسدة كره لأجلها. فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا، وإلا اعتاضوا بفساد لا صلاح فيه”.

بعض الكنائس في الشرق والغرب ترفض الهالوين ولم يتهموا بالعزلة

والعجيب أن بعض الكنائس في الشرق بل وفي الغرب كذلك ترفض هذا العيد، وهذه بعض النصوص من مواقعهم:

  • جاء في كلام “البابا فرنسيس” “أي مأساة أشاهد اليوم، ومسيحيونا يحتفلون بعيد الشيطان الهالوين، ماذا حدث لإيماننا؟، إننا نحتضر روحيا، هذا هو يوم إله الموت “ساماهين” عند شعب السلت، حيث تجوب أرواح الموتى الأرض”.
  • يقول أحد كتاب موقع “مسيحي دوت كوم” إن “الاشتراك في تلك الاحتفالات الشيطانية يجعلنا مساهمين في عملية الارتداد عن المسيحية التي تشهدها الولايات المتحدة وأوروبا.
  • وجاء في موقع “كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك” “قد تكون هذه المناسبة في شكلها فولكلورا يرافقه المزاح والمقالب، لكننا يجب أن ننتبه أنه في شكلها وعمقها وأهدافها أصبحت مُستغلة من البدع التي تدّعي عبادة الشيطان وتسعى إلى تدمير الأديان وقيم البشر. فيُعتبر عيد (Halloween) أهم الأعياد الأربعة عند البدع الشيطانية”.

المصدر: مدونات الجزيرة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى