مقالاتمقالات المنتدى

النصرُ بينَ الميراثِ والاستخلافِ والإسكانِ

النصرُ بينَ الميراثِ والاستخلافِ والإسكانِ

 

بقلمِ / د.أسعد أبوشريعة (خاص بالمنتدى)

الحمدُ للهِ خالقِ الأكوانِ ومكرّمِ  الإنسانِِ، وفضّلَه على كثيرٍ منْ خلقهِ تفضيلاً.
لأنّنا في زمنٍ تشتاقُ الأمةُ للنصرِ على أعدائِها ، فكانت كتاباتي في موضوعِ السننِ الربانيةِ ، فوجدتُ  خلالَ البحثِ مصطلحاتٍ بوعودٍ ثلاثةٍ في موضوعِ النصرِ والتمكينِ، وهي (الميراثُ والإستخلافُ والسكنُ ).
وكلُ مصطلحٍ لهُ مدلولٌ خاصٌ بهِ، وهناكَ فروقاتٍ بينَ الثلاثةِ وعودِ من حيثُ موضوعِ النصرِ الإلهيِ.

?️الوعدُ الأولُ / ميراثُ الأرضِ
قالَ تعالى:
{ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }  [  الأعراف : 128 ] إنّ الميراثَ يدلُ على الملكيةِ التامةِ وحقِ التصرفِ الكليِ وهو أعلى درجاتِ الحكمِ ، وإشترطَ اللهُ عزَ وجلَ للميراثِ ثلاثةَ شروطٍ :

*الشرطُ الأولُ / [ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ ] إستعانةً صافيةً خاليةً من الشوائبِ، يستعينُ باللهِ على نفسهِ ليتغلبَ على هواها ، ويستعينُ باللهِ عز وجل للنصر على الأعداء  ، ويستعين بالله عزَ وجلَ وقتَ الفتنِ وفي كلِ وقتٍ وحينٍ ، فالمستعينُ باللهِ هو الواثقُ بهِ والمتوكلُ عليهِ واللاجئُ إليهِ على الدوامِ.

*الشرطُ الثاني/ [ وَاصْبِرُوا ] الصبرُ بأقسامهِ الثلاثةِ ( على المعاصي والطاعاتِ والنوازلِ ) .

*الشرطُ الثالثُ / [  إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ ] الإقرارُ بأنّ الأرضَ ملكُ اللهِ والحكمُ بها بإذنهِ وليست رغمَ عن مشيئتِه ، ويعطي الحكمَ لمن يشاءُ من عبادهِ.

?خلاصةُ سنةُ ميراثِ الأرضِ : فالمستعينون باللهِ على الدوامِ والصابرون والمقرون بأنّ الأرضَ للهِ يورثُها منْ يشاءُ هم منْ يورثُهم اللهُ الأرضَ ليحكمُوا فيها.

?️الوعدُ الثاني : الإستخلافُ في الحكمِ
قالَ تعالى:
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }  [  النور : 55 ] الإستخلافُ في الأرضِ من حيثُ النصرِ والتمكينِ هو الحكمُ بعدَ القومِ ، وأما شروطُ الإستخلافِ هنا جاءَت كالآتي :
_ إيمانُ الجماعةِ والعملُ الصالحِ .
_ أنْ تبحثَ الجماعةُ عنْ تمكينِ الدينِ لا تمكينِ أشخاصٍ أو أحزابٍ .
_ أنْ تصبرَ الجماعةُ على نوازلِ اللهِ ومنها نازلةُ الخوفِ .
_ أنْ تحققَ الشرطَ الأكبرَ الا وهو عبادةُ اللهِ بلا شركٍ معهُ شيئاً .

?خلاصةُ سنةِ الإستخلافِ:  عبادةُ اللهِ بلا شرطٍ مطلقاً هي طريقُ الإستخلافِ ، والسببُ في ذلكَ أن أكثرَ المؤمنين لديهِم شركٌ لا يخرجُ من الملةِ، قالَ تعالى:
{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ }
[ سورة يوسف : 106 ]

?️الوعدُ الثالثُ :
الإسكانُ بعدَ العدوِ
قال تعالى:
{ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }
[  إبراهيم : 14 ] إسكانٌ بمعنى النصرِ ، وجاءَ هنا الإسكانُ بمعنى الإستعمارِ والحكمِ.
وشرطا الإسكانِ هما :
* الشرطُ الأولُ / خوفُ مقامِ اللهِ.
فمقامُ اللهِ بحاجةٍ إلى إستحضارِ القلبِ للمعاني، فمقامُ اللهِ أنه هو الخالقُ المعبودُ المالكُ المدبرُ المتصرفُ، فمن عرفَ مقامَ اللهِ خافَ اللهِ، وقليلٌ هم من يعلموا مقامَ اللهِ عزَ وجلَ .

*الشرطُ الثاني/ خوفُ وعيدِ اللهِ.
من استشعرَ أنّ اللهَ المالكَ والمتصرفَ في الدنيا والآخرةِ يخافُ وعيدَ اللهِ.

?خلاصةُ سنةِ إسكانِ الأرضِ: من خافوا مقامَ اللهِ عزَ وجلَ وخافوا وعيدَه أسكنَهم اللهُ أرضَه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى