بقلم عبد العزيز الفضلي
المُصْلِح والمُفْسِد… الوعد «قِدّام»
هناك فرق بين الصالح والمُصْلِح، والفاسد والمُفْسِد.
الصالح إنسان حريص على طاعة الله، لكنه صاحب شخصية سلبية، فليس له دور في نشر الخير أو محاربة الفساد.
أما المُصْلِح فهو شخصية لم تكتفِ بصلاح نفسها، وإنما تسعى لإصلاح غيرها ودعوته إلى الخير، فهو إنسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويواجه أهل الفساد بحسب استطاعته.
المُصلح منزلته عند الله عالية ورفيعة، فالله تعالى لا يُنْزِل عقوبته على بلاد فيها مصلحون «وما كان ربُّك ليُهْلِك القرى بظُلْمٍ وأهلها مُصلحون».
والمصلح أجره لا ينقطع حتى بعد موته «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا».
وكما أن هناك فرقا بين الصالح والمُصلح، فكذلك الفرق موجود بين الفاسد والمُفْسِد.
فالفاسد إنسان أسرف على نفسه بالمعاصي والذنوب، لكنه يفعلها مستترا من دون مجاهرة، ولا يدعو غيره إلى فعلها، فهذا يُحاسب على فعله فقط، وهو بين عفو الله أو عقوبته، ومثل هذا نذكره بقوله تعالى «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً».
وأما المُفسد فهو من شرّ الناس وأبغضهم إلى الله تعالى «والله لا يُحِبّ المُفسدين».
لأن المفسد شخصية لم تكتف بارتكاب المعاصي والمنكرات، وإنما تسعى لنشر الفساد بين الناس، وتدعو إلى مخالفة أوامر الله والتعدّي على حدوده، لذلك يُعْتبر هذا الصنف من الناس من أعوان الشيطان وجنوده.
المفسد عقوبته أشد، وإثمه أعظم، لأنه سيحاسب على ذنوبه وذنوب من دعاهم إلى الضلالة، وفي الحديث «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».
مشكلة بعض المفسدين أنهم ينشرون الفساد تحت مسميات مختلفة، كالترفيه والحرية الشخصية، والانفتاح…
«وإذا قيل لهم لا تُفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون».
من واجب المصلحين محاربة المفسدين والوقوف في وجوههم، ومنعهم من تنفيذ مخططاتهم، لأن انتشار الفساد سيُهلك الجميع، «واتقوا فتنة لا تُصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة».
وعلى المصلحين احتساب الأجر في ما يُصيبهم من أذى – خصوصاً إذا كان المفسد من أصحاب النفوذ لأنه سيعمل على إيذائهم – وليكن شعارهم كلمات الإمام ابن تيمية «ما يصنع أعدائي بي… فسجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة».
الدنيا قصيرة، والكل راحلٌ عنها عاجلا أم آجلا، فهنيئا لمن كان مِفْتاحا للخير مِغْلاقا للشر، والويل لمن يحمل وزره وأوزار من يضله.
والوعد «قِدّام» بين يدي الله «ليَحْمِلوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة ومن أوزار الذين يُضلّونهم بغير علم ألا ساء ما يزِرُون».
(المصدر: صحيفة الراي الالكترونية)