مقالات

المليشيات الشيعية والمساجد .. تاريخ أسود

بقلم عبد العزيز الخطيب – منتدى العلماء.

“أنا بالله وبالله أنا …. يخلق الخلق وأفنيهم أنا”..

هكذا وقف المجرم الطاغية أبو طاهر القرمطي ينشد على باب الكعبة يوم الثامن من ذي الحجة سنة 317 هـ ، وسيوف أتباعه القرامطة (مليشيا شيعية) تحصد حجاج بيت الله في رحاب مكة وشعابها، وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا في أول أيام الحج (يوم التروية).

وكان الحجيج يفرون منهم ويتعلقون بأستار الكعبة، فلا يجدي ذلك عنهم شيئا، بل يُقتلون وهم متعلقون بها، حتى زاد عدد من قتل في هذه المجزرة التي لم تعرفها الكعبة من قبل عن ثلاثين ألفًا، دفنوا في مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.

فلما قضى القرمطي اللعين أبو طاهر أمره وفعل ما فعل بالحجيج؛ أمر بردم بئر زمزم بإلقاء القتلى فيها وهدم قبتها، وأمر بنزع كسوة الكعبة وشقها بين أصحابه، ثم أمر رجلاً من رجاله بأن يقلع الحجر الأسود، فجاء رجل فضربه بمثقل كان في يده وقال أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟

 ثم حملوا الحجر معهم إلى مدينة هجر (بالبحرين) مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وكان أبو طاهر قد بنى بها دارًا سماها (دار الهجرة)، فوضع فيها الحجر الأسود ليترك الناس الحج من الكعبة إلى مدينة هجر، وقد تعطل الحج في هذا العام 317 هـ، حيث لم يقف أحد بعرفة ولم تؤد المناسك لأول مرة منذ أن فرضت هذه الشعيرة.

لم تكن تلك أولى انتهاكات المليشيات الشيعية لمقدسات المسلمين وليست بآخرها، فقد استمرت الاعتداءات الشنيعة على بيوت الله تعالى وحرمته، وعلى دماء المسلمين وممتلكاتهم، من قبل هذه المليشيات على مدار التاريخ: البويهيين والعبيديين والحشاشين والصفويين وغيرهم.

 فكم دمروا من مساجد؟! ومنعوا من صلوات؟! وعطلوا من جمعات؟! وسوّدوا من محاريب؟! وكم نودي من مآذن كان يكبّر فيها الله بلعن الخلفاء الثلاثة والصحابة وامهات المؤمنين؟!

والى عصرنا الحديث ليستمر النهج نفسه والاجرام عينه من قبل المليشيات الشيعية، لعل أشدها وأقساها ما كان في العراق بعد تفجيرات سامراء في أحداث ما يعرف بـ (الأربعاء الأسود) 22/2/2006 ، عندما قامت عدة مليشيات مرتبطة بإيران، ومدعومة بقوات حكومة العراق المملوكة لإيران، وعلى مرمى ومسمع من قوات الاحتلال الامريكي بحملة منظمة في استهداف أهل السنة: بحرق مساجدهم وقتل علمائهم وتهجير عوائلهم من مناطقهم، كل ذلك من أجل تغيير الواقع السكاني في بغداد وغيرها من المحافظات المختلطة، وقد سجل ذلك اليوم فقط الاعتداء على (200) مسجدا في بغداد وحدها، ليستمر الاجرام والانتهاك بعد ذلك ويتواصل دون توقف.

وما يجري اليوم في مدينة المقدادية هو سائرٌ في نفس المنهج، افتعال لأحداث مخطط لها من قبل، ليتم الانقضاض بعدها على المساجد السنية والانفس السنية والممتلكات السنية، وكل شيء يحمل الهوية السنية، وسط تعتيم اعلامي ودعم حكومي، وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، الذي أقام الدنيا وما أقعدها من أجل متطرف شيعي أعدم من قبل حكومته بحكم قضائي.

ما يجري في المقدادية اليوم، وعموم العراق من بعد الاحتلال، إنما يعبر عن فكر اجتثاثي تحمله هذه المليشيات لأهل السنة، فكر يهدف الى محو واجتثاث كل ما يتعلق بهذه الهوية، فكر يريد طمس كل شيء له صلة بتعليم القرآن والسنة على الطريقة السنية، ومحو كل شيء له علاقة بذلك، من خلال الحرق والتدمير والتفجير، فضلا عما يصاحب ذلك من سب للصحابة وامهات المؤمنين ومنع للصلوات فيها، والمشهد نفسه يتكرر في اليمن وسوريا وكل المناطق التي تقع تحت احتلالهم وسيطرتهم، حيث نفس القتل والتفجير والتهجير لتغيير كبير في (التركيبة السكانية) نشهده اليوم في المنطقة.

إن التاريخ له لسان ناطقُ لا يسكت، يراقب ويُسجل؛ ليحدث الأجيال القادمة عن الجرأة والوقاحة في الاعتداء على بيوت الله وعلى حرماته، وهذا التاريخ نفسه يحدثنا اليوم أن أمثال هؤلاء قاموا بنفس الاجرام والعدوان وربما أقسى وأفظع، من أجل تحقيق نفس الهدف الاجتثاثي، ولكن باءت كل تلك المحاولات بالبوار، وستبوء كل المحاولات التي تجري اليوم بالبوار، لأن الله كتب على من يعتدي على بيوته بالخزي والخيبة في الدنيا فضلا عن عذاب الآخرة العظيم:

(ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى