يعتبر الإسلام أقدم ديانة سماوية تدخل بلاد ساحل الذهب(غانا حاليا)، حيث وصلت الدفعات الأولى لتجار قوميتي جولا و الهوسا، الذين أسهموا في بدايات تعرف أهل البلاد على الإسلام في مطلع القرن 14 ميلادي، و قبل هذا التاريخ كانت البلاد تعرف فقط الشعائر الوثنية التي يدين بها السكان.
ارتكز وجود المسلمين بالمناطق الشمالية من البلاد خاصة في مملكة الأشانتي بالشمال، و مع مجيء المستعمر البريطاني في القرن التاسع عشر ميلادي دخلت المسيحية تحت عباءة البعثات التبشيرية البريطانية.
غير أن الاستعمار البريطاني نصح البعثات التنصيرية باستهداف المناطق الجنوبية من البلاد و ترك الشمال للمسلمين، إذ أن الاستعمار البريطاني اعتمد منذ وصوله المنطقة سياسية تحييد المواجهة مع سكان الأرض بمن فيهم المسلمين، و انطلاقا من هذه السياسية اعترف البريطانيون بالأحكام القضائية التي تصدر عن القضاة و الأئمة المسلمين.
و يعتنق اغلب مسلمي البلاد المذهب السني المالكي مع وجود لبعض الفرق المحسوبة على الإسلام كالقاديانة التي دخلت البلاد سنة 1921، و ظلت تشكل حالة غير منسجمة مع باقي المكونات السنية و قد تطورت مراحل الخلاف بين الجانبين إلي مواجهات دموية في بعض الأحيان.
و تعزز حضور الشيعة في العقود الثلاثة الأخيرة من خلال فتح إيران لسفارة في غانا و قيامها بإرسال رجال الدين الشيعة إلى الدولة، و الذين بدؤوا حملات كبيرة لإقناع الغانيين بالمذهب الشيعي.
الحضور والأداء
الإحصائيات الرسمية التي تقدمها السلطات عن تعداد المسلمين تشير لكونهم يمثلون حوالي 18% من السكان وفق إحصاء 2002، لكن قيادات العمل الإسلامي بغانا تعتبر أن النسبة الصحيحة للمسلمين تصل حوالي 46% ، في حين نشر موقع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على صفحته نفس السنة أن السكان المسلمين تبلغ نسبتهم 30% والمسيحيون 34%، أما الديانات المحلية فتبلغ نسبتها 38%.
انتعش العمل الدعوي بغامبيا في السنوات الأخيرة بفضل الرحلات الدعوية التي يقوم بها أئمة و دعاة من دول شبه المنطقة، مما خلق صحوة دعوية أفضت إلي عمارة المساجد و انتشار الحجاب و اهتمام الشباب بالالتزام و التدين.
كما ساهمت المنح الدراسية التي تقدمها العديد من الدول العربية كالمملكة العربية السعودية و مصر و الكويت السودان و إيران و ليبيا في تكوين أجيال متسلحة بالعلم و بالوعي بالتحديات التي تواجه المسلمون.
و لعبت الجمعيات الإسلامية الأهلية و الأجنبية دورا محوريا في ترشيد حركة التدين بالمجتمع و خلق حواضن لتعليم الناس و توفير خدمات الرعاية الصحية و كفالة الأيتام و نشر الخير.
و من ابرز هذه الهيئات: المنتدى الإسلامي الذي تأسس في شهر مايو عام 1993م , ينشط في ممارسة الدعوة و بناء المساجد وتشييد المجمعات التعليمية, وحفر الآبار، وكفالة الدعاة والذين يعملون أئمة وخطباء ودعاة متنقلين.
و جمعيتي العون المباشر و إحياء التراث الإسلامي اللتان تعملان في ذات المجال الخيري.
العلاقة بالسلطة
ظلت العلاقة التي تطبع المسلمون بالسلطة علاقة حسنة في مجملها و هي موروثة فيما يبدو من تقاليد تعاطي الاستعمار البريطاني مع المسلمين. غير أن وصول الحكومة العسكرية للسلطة سنة 1989 تميز بالانفتاح الكبير على المسلمين من خلال تبني سياسية تمييز ايجابي لصالحهم. فالحكومة التي كانت تعتنق أفكارا شيوعية أرادت تحجيم المد المتنامي للمسيحية في الحياة العامة و خلق توازن في التأثير بين الديانتين المسيحية و المسلمة، لذا انتهجت خطوات اعتبرتها الكنيسة غير ودية تجاهها كمنع الترانيم المسيحية في وسائل الإعلام الرسمية و استبدال مادة التربية الدينية في مناهج المدارس التنصيرية بمادة الدراسات الثقافية، و أعلنت في المقابل قامت ترسيم عيدي الفطر و الأضحى كعيدين رسمين و إنشاء هيئة للحج و شرعت العديد من الجمعيات الإسلامية الناشطة في المجالات الصحية و التعليمية.
و مع أن حجم التأثير السياسي للمسلمين بغانا لا يتناسب مع حجم تمثيلهم الديمغرافي فإن ثمة مشاركة لافتة للمسلمين في الحياة العامة خاصة بعد تعزيز المناخ الديمقراطي بالبلاد، فقد أصبح عرفا في النظام السياسي بغانا أن يكون نائب رئيس البلاد مسلما، و ينص الدستور الغاني على أن نائب الرئيس يخلف الرئيس في حالات الشغور و يتولي تسيير البلاد بوصفه رئيسا حتى انتهاء المأمورية.
و يرجع تكريس هذا العرف لكون الأحزاب الكبيرة بالبلاد لحرص الأحزاب الكبيرة بالبلاد بالدفع بمرشحين مسلمين في مواقع نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية و ذلك لكسب تأييد المسلمين.
الفرص والتحديات
فرص انتشار الإسلام بغانا كبيرة و إن كانت تبدو بطيئة. فقد نشرت الشبكة المسيحية العالمية ( (Christian World Newتقريرا قبل سنوات فيه قلقها الشديد من ارتفاع أعداد المسلمين في غانا.
واعتبر التقرير أن غانا التي كانت معقلاً للمسيحية في غرب إفريقيا لم تعد “أمة مسيحية”، مشيرا إلى أن غانا التي كانت نسبة المسيحيين فيها تزيد على 60% ، والتي كانت توصف بأنها أمة مسيحية منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1957، ارتفع عدد المسلمين فيها إلى ما يقارب نصف السكان – وأغلبهم من السنة -، والنصف الآخر يتقاسمه المسيحيون والوثنيون،وفق التقرير.
يوضح التقرير مخاوف البعثات التنصيرية من سرعة انتشار الإسلام رغم الأموال و الموارد الضخمة التي تنفقها الكنائس العالمية على حركة التنصير بالبلاد.
رغم الفرص المتاحة للمسلمين بغانا فإنهم يواجهون عدة تحديات كانتشار الجهل و ضعف الوسائل و الخلافات المذهبية، لكن تحدي الوصم بالإرهاب في ظل انتشار رقعة العمليات الإرهابية بمنطقة غرب إفريقيا يعتبر أكبر تحدي يواجه المسلمين بغانا حاليا.