المسلمون في العالم كله مُسْتَهْدَفون بخطّة صهيونية صليبية شاملة
يُهِلُّ علينا العامُ الهجريّ الجديدُ والأخطار مُحدِقَةٌ بالقدس والمسجد الأقصى وفلسطين بأسرها ؛ حيث إنّ إسرائيلَ و وليَّةَ أمرها : أمريكا أعدَّتا الخطّة لتنفيذ المشروع الصهيونيّ النهائيّ المتمثل في هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل السليمانيّ المزعوم مكانَه ؛ واتّخاذ القدس كلها بشطريها الشرقيّ والغربيّ عاصمةً لإسرائيل ؛ وإغلاق ملفّ ملايين الفلسطينيين اللاجئين المُشَرَّدِين من ديارهم .. وتقتيلُ الفلسطينيين بأيدي القوات الصهيونية مُسْتَمرّ كلَّ يوم على مرأى ومسمع من العالم وكأنّ ذلك حدث عادّي من أحداث العالم لايسترعي أيَّ انتباه من سُكّانه .
* * *
أما الخطّة الصهيونيّة الصليبيّة التي بُدِئَ تنفيذُها بشكل سريع وشامل منذ أحداث 11/9/2001م – التي خَطَّطَها ونَفَّذَها الصهاينة في أمريكا – ضدَّ الإسلام والمسلمين بدأت تعطي نتائجها السلبيّة التي أرادها الصهاينة والصليبيّون ، عَبْرَ العالم كلّها ؛ فلم تكن الخطَّةُ تهدف إلى تقتيل المسلمين ، واستعبادهم واحتلال بلادهم وخيراتها فحسبُ ، وإنما كانت تهدف إلى ذلك ، إلى إشهار الإسلام بأنّه دين الإرهاب ، وإشهار المسلمين بأنّهم إرهابيّون . واستُخْدِمَتْ لذلك أساليب كثيرة ماكرة ، علنيّة وسرِّيّة .
واتُّخِذت أمريكا ودولُ أوربّا والدول العربيةُ والإسلاميةُ منطلقًا لذلك ، وفُعِلَت فيها الأفاعيلُ بالمسلمين ولا سيّما الذين كانوا مُتَدَيِّنين ، متّسمين بالشارة الإسلاميّة ؛ فلم يكن مُعْتَقَلُ «غوانتانامو»بـ«كيوبا» إلاّ وجهًا واحدًا من وجوه التعذيب الذي لم يَعرف تاريخ البشريّة مثيلاً له إلاّ في الأقلّ النادر.
وكانت دولتنا الهند – التي حكمها المسلمون في الماضي نحوَ ألف سنة ، ثمّ استعمرها الانجليز منتزعين إيّاها من أيديهم ثم كان المسلمون هم المبادرين إلى تحريرها من أيدي الإنجليز ، وهم الذين قادوا المناضلين من أجل التحرير ، وذاقوا في ذلك صنوفًا من المعاناة التي مجرد ذكرها يجعل الجلود تقشعرّ – بمنأى إلى حدّ كبير من التعرّض لانعكاسات هذه الخطّة الصليبيّة الصهيونيّة ؛ حيث كان المسلمون إنما يتعرّضون للاضطرابات الطائفيّة التي كان يُفَجِّرها من وقت لآخر المصابون بداء التطرف والعصبيّة من الهندوس ، فيحصدون أرواحهم وممتلكاتهم ، وكان المسلمون قد تعوّدوها ؛ فكانوا يتحمّلونها رغم شدّتها وتداعياتها الشاملة ؛ ولكن الصهاينة والصليبيين همسوا مؤخَّرًا في آذانهم أن يمارسوا هذه الخطة التي وضعوها لمحاربة المسلمين ، وهي أن يصطادوا من هنا وهناك شبابًا مسلمين ولا سيما الحاملين للشارات الإسلاميّة ويعذّبوهم ويحاكموهم ويُقَتِّلوهم ويشهروهم بأنّهم إرهابيّون .
بدأ يتمّ ذلك عن طريق عناصر هؤلاء الهندوس المتطرفين المتسلّلين إلى قوّات الأمن وقوات مكافحة الشغب والإرهاب ورجال الشرطة بأنواعها . ويُخَطِّط لذلك المتطرفون من الهندوس المتسلّلون إلى شتى الاقسام الحكوميّة التابعة للإدارة والتنفيذ .
ولكي يتمّ ذلك وفق الخطّة التي ألهمها الصهاينة والصليبيون أصدقاءَهم من الهندوس المتطرفين ، أمرت الحركة الصهيونيّة الصليبيّة استخباراتها أن تنشط في تنفيذ حوادث تفجيرات في الهند في القُطُر وفي المواقف العامّة والأمكنة الشعبيّة ومواضع التجمع الشعبيّ ، والمسارعة إلى تحميل مسؤوليتها الشبابَ المسلم البريء ، فراح رجال الشرطة وعناصر قوات الأمن والشغب تعتقل شبابًا مسلمًا بشكل مفاجئ من أي مكان في البلاد ، ويوقفه دونما دليل تحت التحقيق لشهور ولمدة طويلة . وانتشر اليوم الذعر في وسط الشعب المسلم الهندي في طول البلاد وعرضها ؛ حيث لايدري شابّ يخرج من بيته ويسافر من مدينته إلى مكان آخر في البلاد ، متى سيُعْتَقَل ويوقف ويعذّب من قبل عناصر قوات الأمن والشرطة ، ولا يدري بأي تهمة خطيرة سيُتَّهم .
وبدأت المعاناة هذه تلفّ هذه الأيّامَ رقاب طلاّب المدارس الإسلاميّة وعلمائها ، فقد أُوقف واعتُقِل عدد غير قليل منهم من أمكنة شتّى في البلاد ، وحُمِّلُوا مسؤوليّة القيام بالتفجيرات التي وقعت مؤخّرًا في عدد من المدن .
إنّ خطّة الصهاينة والصليبيين شاملة وبعيدة المدى ، والمسلمون في كل مكان في العالم مُسْتَهْدفون بها ؛ ولكن المسلمين الهنود عادوا يفكّرون في هذه القضية بذعر شديد ، وخوف مزيد ، مُتَحَسِّبين أخطارًا وتحدّياتٍ كثيرةً تنتظرهم ؛ حيث عادوا الآنَ بين فكّي عدوّين خطيرين : الصهاينة والصليبيين والهندوس المتطرفين الذين يبدو كأنه تَمَّ التحالفُ بينهم وبينهم . والثقةُ بالله العليّ العظيم : «وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِيْنَ» (الأنفال/30)
(المصدر: مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند)