بقلم حسان عبدالله
انشغلت- مجلة “المسلم المعاصر”- بمسألة الاجتهاد وتجديد أدواته وبناء منهجيات للتعامل مع مصادره, ومن القضايا الأساسية التي انشغلت بها في بناء منهجية للتعامل مع مصادر الاجتهاد وأدواته كانت قضية “التجديد الفقهي” على اعتبار أن الفقه هو وعاء عملية الاجتهاد ومفرزها الأساسي، وحددت في العدد الافتتاحي عنوان هذه القضية وهي “الاجتهاد في أصول الفقه” فإنها “لا تكتفي بالبحث في ضرورة فتح باب الاجتهاد في فروع الفقه، بل تتعداه إلى بحوث الاجتهاد في أصول الفقه”. ومصادر هذا الاجتهاد هي “المنابع الأولى الكتاب والسنة، يستلهمهما المقاصد والأهداف ويستوحيهما المبادئ والأصول”.
تجديد التعامل مع علم أصول الفقه
وفي هذا الصدد عنيت -المجلة -في بواكير أعدادها بتناول موضوعات “علم أصول الفقه” “والاجتهاد والتقليد”، و”الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد”، ويطالعنا العدد (90) من المجلة بطرح جديد لملامح “التجديد الفقهي” الذي يستند إلى التمييز في عملية التجديد على جانبين، جانب يتعلق بالشكل، والثاني: يتعلق بالموضوع. وتعني المجلة بالنوع الثاني “الموضوعاتي” لتجديد الفقه، وتطرح في هذا المجال العناصر والمفاهيم والمحددات التالية:
1- وثاقة العلاقة بين التجديد في “الفقه” وبين التجديد في “أصول الفقه” فالتجديد في الفقه يقوم على التجديد في أصول الفقه بمعنى أنه إذا كان تجديد في أصول الفقه فإنه ينبني عليه – بطبيعة الحال – تجديد في الفقه واجتهاد جديد وفقًا للمناهج الجديدة التي توضع لأصول الفقه وسوف يكون لهذا أثره في المادة الفقهية.
2- ضرورة تقديم اجتهادات جديدة في المسائل القديمة بما يتفق مع تغير الظروف، فالاجتهاد يتغير بتغير الظروف الزمانية والمكانية وهو ما حدث كثيرًا في تاريخ الفقه الإسلامي.
3- الاحتياج إلى تقديم اجتهادات جديدة في المسائل الجديدة والمستحدثة وهذا أمر أصبح مقبولًا من الناحية الإسلامية.
4- ضرورة التوسع في مفهوم الفقه بحيث نعود إلى المفهوم اللغوي له أو نقترب منه, ونعني بالمفهوم اللغوي للفقه الاستعمال القرآني لكلمة “الفقه” والتي كانت تطلق على مجموع العقائد والأخلاق إلى جانب العمل والمعاملات.
5- أن توضع العلوم الاجتماعية التي لم يكن الفقهاء يتحدثون فيها من قبل تحت مظلة الفقه, ولا نعني بالعلوم الاجتماعية هنا ما يتصل بالدراسات الميدانية والنظرية، وإنما نعني بها الأحكام الشرعية الضابطة للنشاط الإنساني في مجالات العلوم الاجتماعية المختلفة، كعلم النفس، وعلم التربية، وعلم الاقتصاد، وغيرها من العلوم.
6- فيما يتعلق بمصادر المادة الفقهية: فإن كتب الفقه ومراجعه وكذلك كتب السياسة الشرعية موجودة ومعروفة. ولكن بالإضافة إلى هذه الكتب فإن في التراث الإسلامي مجموعات من المؤلفات التي تحمل عناويين متعددة مثل: النوازل والفتاوى والأقضية وترجع أهمية تلك المؤلفات إلى اتصالها بالواقع أكثر مما تتصل به الكتابات الفقهية التقليدية … ويضاف إلى هذه المصادر – أيضًا- كتب المجامع الفقهية والرسائل العلمية الماجستير والدكتوراه والبحوث والدراسات في الدوريات العلمية المتخصصة.
مسارات التجديد في علم أصول الفقه
وبيَّنت المجلة أهم مسارات التجديد في علم أصول الفقه ومنها:
المسار الأول: إبراز الترادف بين مفهومي الاجتهاد والتجديد. وهذا يستدعي التنظير لموضوع “التجديد” كمفهوم أصولي تشريعي وتضمينه هذا العلم في “باب الاجتهاد” باعتبار أن التجديد يمثل أحد أنواعه ووجهًا من وجوهه، بل هما وجهان لعملة واحدة في علم الشريعة عمومًا وعلم أصول الفقه على وجه أخص.
المسار الثاني: تحديد وضبط المدلول الاصطلاحي لأصول الفقه, وذلك لما يؤديه من نتائج في توجيه وتصويب وتجديد المفاهيم والأحكام التي تطلق على هذا العلم وما يتعلق بها من قضايا الاجتهاد والتجديد.
المسار الثالث: توحيد المصطلحات الأصولية ذات المفاهيم الواحدة.
المسار الرابع: رصد البحوث الجزئية المعاصرة وتضمين إضافتها العلمية بُنية العلم ودور المؤسسات العلمية في ذلك.
المسار الخامس: التكامل المعرفي بين أصول الفقه والعلوم الإنسانية.
ومن الميادين التي أولتها المجلة عناية خاصة في قضية “التجديد الفقهي”:
– أصول الفقه ومسألة المنهج.
– علم أصول الفقه والعلوم الاجتماعية.
– الاستفادة من مناهج العلوم الشرعية في العلوم الإنسانية.
– أصول الفقه العلاقة بين نص الوحي والفقيه.
– إعادة صياغة علم أصول الفقه.
– التجديد في أصول الفقه “مشروعيته وتاريخه”.
– تصفية علم الأصول من الدخيل.
(المصدر: إسلام أونلاين)