المسؤولون الأربعة عن تسويق التفاهة!
بقلم أ.د.فؤاد البنا (خاص بالمنتدى)
كلنا نشاهد ازدحام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بالسفاسف وصعود التافهين إلى مواقع الشهرة والنجومية، ولا شك بأن المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجائحة أربعة أطراف:
الأول: قيعان المجتمعات التي لم يصلها المصلحون والدعاة ليجففوا منابع التأسن فيها، ولم تحتويها المساجد ولا المؤسسات التربوية والتوجيهية وترتقي بأهلها، مما جعلها عامرةً بالكثير من معدومي التربية وقليلي الحياء، وصاروا أقرب إلى الحثالات والتافهين، ومن ثم فإن ما تعمله وسائل التواصل هي إظهار ما خفي في هذه القيعان ورفع ما انخفض، مع تلميعهم وإظهارهم في صورة نجوم، مما يغري كثيرا من الأبرياء بالسير على منوالهم!
الثاني: سلبية العقلاء والمحترمين عن تسجيل حضورهم الفاعل في هذه الوسائل، وعزوفهم عن ممارسة الإصلاح المنظم من داخلها، ومرورهم على الحسابات والصفحات الفردية الجادة دون ترك بصمة إيجابية تسهم في إعلاء القيم، والأدهى والأمر أن هناك من الطيبين من يقعون في غواية الإثارة وجاذبية الغرائب، فيقفون بجانب التافهين ليزيدوا من جماهيريتهم !
الثالث: وجود عدد من الجهات المحلية والدولية ذات التخطيط والتنظيم والإمكانات الضخمة، والتي تجند أرتالا من الموظفين الموهوبين لدعم التافهين وتضييق الخناق على العقلاء والمصلحين لأسباب متعددة، ويأتي في مقدمتها خنق الحركة الإسلامية وتيارات الاستقامة عموما بعدما صارت تمثل تهديدا خطيرا لكل اتجاهات الباطل في عالمنا الإسلامي الذي يخيفهم أن يستيقظ من رقدته الطويلة!
الرابع: دوران معظم القائمين على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في فلك من يريدون تتبيع بلداننا لأوطانهم وإخضاع مجتمعاتنا لثقافاتهم واستغلال خيراتنا لصالح اقتصادياتهم، وهذا الهدف لا يتحقق بالطبع مع وجود جيل يتمتع بالفاعلية ويتسلح بالوعي والنباهة!
ولذلك استخدموا تلك الوسائل والشبكات لتلميع التفاهة والسفاهة والسخافة، والحط من شأن الموضوعات والقضايا الجادة، عبر وسائل عديدة ومن ضمنها العبث بالخوارزميات والتحكم بالمحتوى عبر جيوش من الموظفين الذين يقومون بما يجب لعملقة الأقزام وتقزيم عمالقة الفكر والوعي والحكمة!
وللأسف فإن هذه الرباعية تتضافر مع بعضها لتدفع المزيد من المسلمين نحو السقوط في القيعان السحيقة للسلبية والتمحور حول سفاسف الأمور، بحثاً عن الشهرة والنجومية وحرصا على الذيوع والانتشار، من خلال حصد الإعجابات والمشاهدات، ثم الحصول على الأموال التي تنهمر من هنا وهناك!
اقرأ أيضا: أ. محمد خير موسى يقدم ندوة “التفاهة وتجلياتها وترميز التافهين”