المداخلة والمعركة الموهومة
بقلم د. سالم الشيخي (خاص بالمنتدى)
بدأت معركة إخراج زكاة الفطر نقدًا أم طعامًا التي يشعلها أدعياء السلفيّة كلّ عام، الذين لا تحرّكهم الواجبات والفرائض من نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، ولا تؤثر فيهم الكبائر التي يمارسها أسيادهم وملوكهم من استباحة الدماء والأعراض والأموال فضلًا عن سجن العلماء واضطهاد الدعاة والمصلحين.
هؤلاء بحق اختلّ عندهم ميزان القسط الذي جاءت به الشريعة فهو مضروب ومعطل في عقولهم وقلوبهم، ونفوسهم، فشيوخهم كما قال تعالى في أسلافهم أخلدوا إلى الأرض وزينة حكامها، ويا ليتهم اتّبعوا أهواءهم لكنّهم اتّبعو أهواء أسيادهم، فكان مثلهم كما قال تعالى فيمن مضى ممن باع أخرته بدنياه “فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ “، وعامّتهم ومقلّدوهم يصدق فيهم ما جاء عنه- صلّى الله عليه وسلم – عندما وصف الفتن: ” ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيّ قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكتت له نكتة بيضاء، حتى يصير على قلبين: أبيض مثل الصفا، فلا تضرّه فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلّا ما أشرب من هواه)).
قلوبهم لا تعرف معروفًا، ولاتنكر منكرًا إلّا ما وافق أهواء حكامهم، وشهوات ملوكهم وقادتهم خاصّة إذا كانوا من طغاة العسكر ومتمردة القوم.
هذا مع عدم إغفال أهميّة تبيان الحكم الشرعي في مسألة الزكاة، ووجوب عدم التقليل من أهميّته، فأحكام الشريعة كلّها مهمّة، لكن الحديث عن العور والعوج والاختلال الشنيع في الموازين الذي جعل مسألة إخراج الزكاة أهمّ من دماء المسلمين.