المخطط الأمريكي لتصفية إنجازات المقاومة وسبل مواجهته
بقلم د. صالح النعامي
من الواضح أنه حسب المخطط الأمريكي الصهيوني فأنه سيتم توظيف مشاريع إعادة الإعمار في المس بمكانة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوصفها رأس حربة المقاومة التي حققت إنجازات تاريخية في معركة “سيف القدس”.
وبعد أن أظهرت هذه المعركة أن “حماس” باتت الرقم الصعب والطرف الأكثر تأثيراً في الساحة الفلسطينية وصاحبة قدرة على خلط الأوراق في البيئة الإقليمية بشكل كبير، فقد باتت الحاجة أكبر لمحاصرة الحركة ومنع تعاظم موقفها بكل ما ينطوي عليه الأمر من مخاطر على المصالح الصهيونية.
من هنا، فإن المقاربة الأمريكية “الإسرائيلية” تقوم على محاولة تفكيك حالة الالتفاف حول “حماس” من خلال توظيف تقليص مكانة الحركة عبر إبعادها عن مشاريع إعادة الإعمار وفي ظل حملة دعائية تمس بمنجزاتها تتعاون فيها أطراف دولية، إقليمية وفلسطينية.
وقد عبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن هذا المخطط بشكل واضح في أعقاب لقائه بالقادة “الإسرائيليين”، ورئيس السلطة محمود عباس، عندما قال: إنه يتوجب توظيف مشاريع إعادة الإعمار في تقويض الدعم الشعبي لحركة “حماس”، على اعتبار أن الدعم للحركة يتعاظم في ظل حالة اليأس، على حد تعبيره.
أما وزير الخارجية الصهيوني جابي أشكنازي، فقد دعا إلى إضعاف حركة “حماس” عبر التعاون مع القوى المعتدلة في المنطقة والمجتمع الدولي.
وعلى الرغم من أن الرؤية الأمريكية “الإسرائيلية” لإضعاف حركة “حماس” بعد الحرب لم تكتمل ويتواصل التشاور بشأنها مع القوى الإقليمية، فإنه من الواضح أن أحد مقوماتها تحسين مكانة السلطة سواء في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، لقطع الطرق على “حماس” للاستفادة من إنجازاتها.
وحسب ما نسبته الصحافة “الإسرائيلية” إلى بلينكن، فإنه سيتم تعزيز مكانة السلطة في الضفة الغربية عبر تدشين مشاريع اقتصادية كبيرة، وفي قطاع غزة عبر منحها مهمة الإشراف على أموال الدعم ومشاريع إعادة الإعمار.
ومن الواضح أن مصر والأردن، حسب المخطط الأمريكي الصهيوني، سيمارسان دوراً مهماً في تحقيق هدف إضعاف حركة “حماس”.
فنظاما الحكم في عمَّان والقاهرة يتبنيان موقفاً تقليدياً عدائياً تجاه الإسلاميين، وهذا العداء يتعاظم عندما تحقق حركة “حماس” إنجازات يمكن أن تحسن مكانة الإسلاميين في مصر والأردن، وهذا ما يفسر تحرك مصر والأردن للضغط على محمود عباس للتراجع عن إجراء الانتخابات خشية فوز حركة “حماس”.
في الوقت ذاته، فإن النظامين في الواقع هما نظامان وظيفيان، فالنظام الأردني كان دائماً يعمل بشكل تقليدي في دائرة خدمة المصالح الأمريكية على كل الصعد، أما النظام المصري، فنظراً لأزمة الشرعية التي يواجهها، فإنه يستغل فرصة وبكل ما أوتي بقوة لاسترضاء إدارة بايدن، فرأس السلطة الذي ظل يخشى خطوات بايدن ضده بسبب ملف حقوق الإنسان، وجوده في ملف غزة فرصة كبيرة للتدليل لبايدن على أن الاستثمار في العلاقة مع نظامه أهم لمصالح واشنطن من الانشغال بحقوق الإنسان في مصر.
من هنا، فإن النظامين سيتحركان من أجل إنجاح المخطط الأمريكي من وراء الكواليس عبر التشاور مع سلطة عباس، حيث سيترك المجال هنا للأجهزة الاستخبارية في كل من عمَّان القاهرة وأمن السلطة في وضع المخططات، وضمنها المخططات الدعائية والإعلامية الهادفة إلى المس بالمقاومة وإنجازاتها لتقليص مكانتها ونزع الشرعية عنها.
ولن يكون من المستبعد أن نشهد في الأيام القادمة تحولات على تعاطي الإعلام المصري تجاه غزة و”حماس” في إطار الرؤية الأمريكية، بحيث يتم التراجع عن حالة “التضامن الكاذب!” التي عبر عنها النظام وأدواته الدعائية خلال الحرب.
في الوقت ذاته، فإنه يتوقع على نطاق واسع أن يتعاظم الضغط المصري على الحركة تحديداً للموافقة على صفقة تبادل أسرى حسب المعايير الصهيونية، بحيث يتم ربط موضوع الأسرى بإعادة الإعمار والمشاريع الاقتصادية.
وأي تحرك مصري يتم في هذا الجانب يأتي مع علم النظام المصري أن “إسرائيل” غير جاهزة مطلقاً حالياً للتوصل لصفقة تقوم على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
آليات العمل لمواجهة المخطط الصهيوني أمريكي:
– فضح المخطط الأمريكي الصهيوني وإبراز أبعاده وتحذير أي طرف فلسطيني أو عربي من التعاون معه على اعتبار أنه متآمر على المقاومة التي أعادت القضية إلى دائرة الاهتمام العالمي والإقليمي وأظهرت زيف العدو الصهيوني والتفت حولها الأمة وشعوبها، كما لم يحدث من قبل.
– يتوجب على المقاومة صياغة موقف سياسي واضح وجلي بشأن هذا المخطط، وإيصال رسائل سياسية بشكل دبلوماسي سري وعلني لردع الأطراف الفلسطينية والإقليمية.
– يتوجب التحرك في الساحة الفلسطينية لضمان أكبر حشد جماهيري ونخبوي ضد المخطط الصهيوني أمريكي، ووضع النخب الفلسطينية في صورته، وحثهم على التحذير منه ونزع الشرعية عن تعاون السلطة معه.
– محاولة فرض أجندة مضادة عبر التركيز على الانتهاكات الصهيونية في القدس والاستيطان والتهويد لإظهار تخاذل السلطة والأطراف الإقليمية، التي تتجاهل كل هذا الأمر وتركز في المقابل، على التعاون مع الصهاينة والأمريكيين في التآمر على المقاومة.
– المبادرة بالتوقيع على عرائض تطالب السلطة وأي طرف إقليمي بعدم التعاون مع المخطط الأمريكي الصهيوني، على اعتبار أنه فعل خياني وضربة للشعب الفلسطيني ومقاومته.
– الدفع نحو تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية في القدس والمدن الفلسطينية في الضفة وغزة وتحديداً في رام الله ضد أي تعاون مع المخطط الصهيوني أمريكي للمس بالمقاومة.
– إحراج قيادات “فتح” والطلب منها التعبير عن موقف واضح وصريح من هذا المخطط، سيما وأن بلينكن تحدث عنه بصراحة.
– يفترض بالنخب العربية الحرة المؤثرة وتحديداً على مواقع التواصل الاجتماعي أن تؤدي دوراً في فضح هذا المخطط والتحذير منه، ويتوجب عليها حث الأوساط السياسية وقيادات المجتمع المدني في بلدانها للتحرك ضد هذا المخطط.
– يتوجب على الأحرار في مصر والأردن الدفع نحو التوقيع على عرائض تطالب نظامي الحكم بعدم التعاون مع المخطط الصهيوأمريكي، وتقديم هذه العرائض للحكومات ما أمكن.
(المصدر: مجلة المجتمع)