مقالاتمقالات المنتدى

(المختصر في فضل الصّبر)!

(المختصر في فضل الصّبر)!

بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)

قال تعالی: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ الصّبر: هو ترك الشّكوى من ألم البلوى لغير المولی وتعويد النّفس على تحمّل المكاره وتوطينها علی تجنّب الجزع فيا من رضيتم باللّه ربّا وبالإسلام دينا وبمحمّد ﷺ نبيّا استعينوا على إقامة دينكم وفعل الطّاعات وترك السّيّئات واحتمال المكاره التي جری بها القدر استعينوا علی ذلك بالصّبر الجميل وبالصّلاة المصحوبة بالخشوع وبالتّذلّل للّه عزّ وجلّ لقد أمر اللّه عباده المؤمنين بالاستعانة في كلّ أمورهم بالصّبر والصّلاة وكفّ النّفس عمّا تكره من أقدار اللّه فيا أيّها المؤمنون اطلبوا العون من ربّكم في شؤون حياتكم بالصّبر على النّوائب والمصائب وترك المعاصي والمعايب والصّبر على أداء القربات وأهمّها الصّلوات التي تطمئنّ بها النّفوس وتنهى عن المنكر والموبقات ففاطر الأرض والسّموات مع الصّابرين والصّابرات بعونه وتوفيقه وأنواع الصّبر أيّها الأعزّاء: صبر على البلاء وهو منع النّفس عن التّسخّط والهلع وصبر على النّعماء وهو تقييدها بالشّكر وعدم التّكبّر وصبر على إداء الطّاعات وهو المحافظة عليها والصّبر عن ارتكاب السّيّئات وهو كفّ النّفس عنها وتركها خوفًا من اللّه وطمعًا في ثوابه ولعلّ أهمّ أسباب البلاء أيّها الإخوة الأعزّاء بالإضافة لما جری به القضاء هو:

أوّلًا: الذّنوب التي يرتكبها العبد سواء كانت كبيرة أو صغيرة فيبتلي اللّه صاحبها بالمصيبة على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة قال تعالی: ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ أي بذنبك .

ثانيًا: رفعة درجات الصّابر فيبتليه ربّه بالمصائب ليصبر ويرضی فينال أجر الصّابرين ويكتب عنده من الفائزين والحقّ يقال لقد رافق البلاء النّبيّين والصّالحين وجعله أحكم الحاكمين لهم مكرمة ينالون بها الدّرجات العالية في جنّات النّعيم قال ﷺ: {إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ﴾ وقال اللّه تعالی: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ اعلم أيّها الحبيب اللبيب الموقّر أنّ العزيز المقتدر ذكر الصّبر في القرآن ذي الذّكر في سبعين موضعًا وذلك لأهمّيّته في هذا الدّين ولأنّه أكبر مشجّع للثّبات علی الحقّ إلی يوم يبعثون لا جرم أخي المؤمن أنّ للطّاعات الأجر المعلوم من الحسنات أمّا الصّبر فلا يعلم ثوابه سوی الحيّ القيّوم القائل في كتابه المبين: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ إليكم أيّها الأحباب الألباب أهمّ فضائل الصّبر لكلّ من أراد أن يتذكّر ويعتبر أوّلًا: بالصّبر يحصل المحتسب على الأجر العظيم في الدّارين: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ويكفي كلّ صابر أنّ له هذه البشائر من اللّه العليّ القادر: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ لهم رحمة وهدی وصلوات من ربّ الأرض والسّموات ثانيًا: محبّة ربّ العالمين: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾.

ثالثًا: الفوز بجنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر لمن احتسب وصبر عن عطاء بن أبي رباح: قال لي ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: ألَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى قَالَ: هذِه المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أتَتِ النّبيَّ ﷺ فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ وإنِّي أتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ: {إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ وَإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أنْ يُعَافِيَكِ} فَقَالَتْ: أصْبِرُ فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لي أنْ لا أتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا.

رابعًا: بالصّبر تتحقّق معيّة أرحم الرّاحمين: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

خامسًا: الصّبر خير دواء وعطاء للمكروب والمضطر قال ﷺ: {وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ}.

سادسًا: الصّبر مفتاح الفرج: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ وقال ﷺ: {وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).

قال الإمام ابن رجب: من لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر أنّ الكرب إذا اشتدّ وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين وتعلّق قلبه باللّه وحده وهذا هو حقيقة التّوكل على اللّه وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج فإنّ اللّه يكفي من توكّل عليه! ربّنا اجعلنا من المتّقين الصّابرين المصابرين المرابطين المفلحين!

إقرأ أيضا:“وكانوا بآياتنا يوقنون”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى