مقالاتمقالات مختارة

المجتمع المدني والتعددية والتسامح في سياق الحضارة الإسلامية

بقلم محمد عثمان الخشت

المجتمع المدني كتجربة إنسانية، وليس كمصطلح، وجد عند كل الأمم التي عرفت أشكال التعاون والتكافل الاجتماعي، والتي نظم الناس فيها أنفسهم ككيان تعاوني مستقل عن الدولة، وإذا نظرنا في نطاق التجربة الإسلامية والعربية، وجدنا أن كثيراً من مفاهيم المجتمع المدني عرفها المجتمع، لكن المصطلح نفسه لم يكن موجوداً، وإنما كان هناك مصطلح آخر يدل على الكيان الذي يشكل الإطار التنظيمي المقابل للإطار التنظيمي للدولة أو الخلافة، وهو مصطلح الأمة، فإذا كان المصطلح الذي يدل في الغرب على هذا الكيان هو المجتمع المدني في مقابل نظام الدولة، فإن المصطلح الذي يدل على هذا الكيان في الحضارة الإسلامية هو “الأمة” في مقابل نظام الخلافة.

ومن المعروف أن مصطلح الأمة له معان ودلالات متعددة في القرآن الكريم، ليست كلها المقصودة في سياقنا هذا، وإنما نقصد فقط معنى واحداً من بينها، هو ذلك المعنى الذي يمكن أن يستخدم فيه مصطلح الأمة لكي يشير إلى الكيان المقابل لنظام الحكم، أي كل التكوينات التي تقع بين الأسرة والخلافة(أو الدولة)، وهي التكوينات التي تقوم على الإرادة الحرة والتطوع والالتزام وتسعى لتحقيق التكافل والحماية لأعضاء المهنة أو الوظيفة أو الجماعة، والدفاع عن المصالح العامة للمجتمع وممارسة الرقابة المجتمعية المتبادلة من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعمل هذه التكوينات في استقلال عن سلطة ونفوذ نظام الخلافة في كثير من الأحيان.

فيمكن أن يعادل المجتمع المدني الأمة بهذا المعنى؛ لأن مضمون الاثنين واحد، ويمكن أن نستخدم كل مصطلح مكان الآخر، فلا مشاحة في الاصطلاح لأن المهم هو المضمون.

وإذا كان مفهوم المجتمع المدني في النظرية السياسية يشير إلى المجتمع الذي يتشكل بناء على “العقد الاجتماعي”، فإن أول عقد اجتماعي صريح تم توقيعه في التاريخ تمثل فيما يسمى بـ”صحيفة المدينة”.

وإذا كان المجتمع المدني لا يتشكل بناء على الرابطة العرقية أو الدينية، وإنما على أساس الالتزام بشروط العقد الاجتماعي، فإن مفهوم الأمة في لحظة ازدهار الحضارة الإسلامية كان أساس الانتماء فيه الالتزام بشروط العقد الاجتماعي، ولعل أهمها عنصر “تحقيق الأمن”، وهذا يتضح لنا من خلال نص “صحيفة المدينة” تلك التي اعتبرت اليهود “أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم”؛ أي أن لأهل الأديان الأخرى حق المواطنة الكاملة، وهذا ما أكده الكاساني على نحو حاسم بقوله: “الذمي من أهل دار الإسلام”(1). ويقول السرخسي: إن: “دار الإسلام اسم للموضع الذي تحت يد المسلمين، وعلامة ذلك أن يأمن فيه المسلمون”(2). فالانتماء لم يكن على أساس رابطة الدين أو العرق، حيث كانت حرية الاعتقاد أمراً مكفولاً، وكذلك كان الاستقلال الذاتي التشريعي والقضائي للأقليات أمراً لا نزاع عليه، مما يدل على قبول التعددية، وإدراك لكون التعددية سنة كونية لا سبيل للقضاء عليها، سواء على مستوى المجتمع الواحد أو على مستوى المجتمع العالمي.

أما ترسيخ مبدأ الشفافية وحق الرقابة المتبادلة في نطاق ما هو عام دون جور على الحياة الشخصية والحريات الفردية ومبدأ الخصوصية -فهذا نجده بكل بوضوح في مبدأ “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”؛ حيث إن الجماعة أو الأمة هي “التي تملك حق المراجعة والرقابة التي تمس وجودها واستقرارها ودورها في محيطها وفي العالم”(3).

وبطبيعة الحال فقد عرفت الأمة مجموعة من المؤسسات الاجتماعية المستقلة عن الحكومة، مثل الأوقاف، وهي نظام قام بدور يعادل الجمعيات الخيرية الآن، كما عرفت الأمة تنظيم الروابط المهنية في شكل طوائف منظمة لأهل الحرف والتجار، وهو ما يعرف الآن باسم النقابات والغرف التجارية.

أشكال من مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني في الحضارة الإسلامية

عرف المجتمع المدني(=الأمة) في الحضارة الإسلامية أشكالا متعددة مما نطلق عليه الآن اسم مؤسسات المجتمع المدني، مثل الأوقاف وطوائف الحرف والتجار، والأخويات.

ويشكل نظام الأوقاف لبنة أساسية للتكافل الاجتماعي بعيداً عن دور الدولة، وكانت الأوقاف تلعب دورا كبيرا في بنيان الأمة أو المجتمع المدني، حيث كانت تسهم في التوازن الاجتماعي والاقتصادي، فهي خدمة عامة تقدم للناس ابتغاء وجه الله تعالى، وكانت الأوقاف متنوعة فهي تشمل كافة الخدمات من إصلاح الطرق العامة وإنشاء الجسور، وعمارة المساجد، وتقديم الخدمات الطبية، وكفالة الأيتام واللقطاء والفقراء ومساعدة طلبة العلم، ومساندة المزارعين فيأخذون بذور أرضهم مجاناً، ومساعدة صغار التجار بعطايا أو بقروض حسنة بلا فوائد، وتزويج الفقراء من الشباب ذكوراً وإناثاً، وكفالة العميان والمقعدين، بل وتقديم الألبان للأمهات الفقيرات، وتقديم العون لابن السبيل(أي المسافر الغريب عن بلده).

ولنأخذ إحدى عواصم الحضارة الإسلامية كنموذج للدور العظيم الذي كانت تقوم به الأوقاف في حياة الناس، يقول ابن بطوطة: “والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها ومصارفها لكثرتها، فمنها أوقاف على العاجزين عن الحج تعطي لمن يحج عن الرجل منهم كفايته، ومنها أوقاف على تجهيز البنات إلى أزواجهن وهن اللواتي لا قدرة لأهلهن على تجهيزهن، ومنها أوقاف لفكاك الأسرى، ومنها أوقاف لأبناء السبيل يعطون منها ما يأكلون ويلبسون ويتزودون لبلادهم، ومنها أوقاف على تعديل الطريق ورصفها لأن أزقَّة دمشق لكل واحد منها رصيفان في جنبيه يمر عليهما المترجلون ويمر الركبان بين ذلك، ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير”(4).

وقد يندهش البعض لنموذج طريف من نماذج الأوقاف خصصه بعض أهل الخير لمساعدة الأطفال الذين يبعثهم ذووهم لشراء متطلبات المنزل ويكون معهم آنية فتنكسر، فكان يذهب هؤلاء الأطفال إلى ما يسمى وقف الأواني ليأخذوا نقوداً يشترون بها بدلاً منها حتى لا يضربهم ذووهم!

وقد حدثنا عن هذا النموذج ابن بطوطة، فقال: “مررت يوماً ببعض أزقة دمشق فرأيت به مملوكاً صغيراً قد سقطت من يده(صحفة) من الفخار الصيني، وهم يسمونها الصحن، فتكسرت، واجتمع عليه الناس، فقال له بعضهم: اجمع شققها واحملها معك لصاحب(أوقاف الأواني)، فجمعها وذهب الرجل معه إليه فأراه إياها، فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن. وهذا من أحسن الأعمال؛ فإن سيد الغلام لا بد له أن يضربه على كسر الصحن أو ينهره، وهو أيضاً ينكسر قلبه ويتغير لأجل ذلك، فكان هذا الوقف جبراً للقلوب. جزى الله خيراً من تسامت همته في الخير إلى مثل هذا”(5).

أما الأخويات فهي في الأساس نظام صوفي وجد خارج نطاق المسجد فيما كان يسمى الزاوية أو الرباط أو التكية، وكان أعضاؤه يشكلون نظاماً اجتماعياً يطلق عليه النظام الأخوي. ومع أن الانضمام لهذا الشكل من التنظيم كان مفتوحاً لكن كان لابد من توافر بعض الشروط، منها التأكد من وجود إرادة حرة ورغبة حقيقية وقناعة ذاتية. وتطورت الأخويات، فأصبحت تضم لها أفراد حرفة معينة أو معظمهم، ومن ثم أصبحت تشكل قاعدة اتحاد عمال أو نقابة مصغرة. وهو ما يمكن أن نطلق عليه: الشراكة على أساس الاهتمامات والمصالح المشتركة.

أما التنظيمات المهنية التي كانت تضم أهل كل حرفة في تنظيم واحد له مصالحه المشتركة وطرقه الذاتية في التكافل بين أعضائه، فهي مسألة معروفة تماما، وهي إن لم تكن تشتمل على اللوائح والآليات الموجودة الآن لكنها بلا شك كانت تمثل قاعدة نقابة.

ومن أشكال المجتمع المدني كذلك ما كان يعرف، ولا يزال نجده حتى الآن في مصر وفي عدد من الدول العربية، نظام المضايف، والمجالس العرفية، ومجالس العرب لفض المنازعات بعيداً عن الدولة أو القضاء، ونظام “الجمعيات(بالمعنى العامي)”، أي ليس الجمعية بالمعنى الاصطلاحي، بل بالمعنى الموجود عند العامة في مصر، وهو يمثل شكلا من أشكال التكافل الاجتماعي، حيث يكون هناك فرد بحاجة إلى مبلغ كبير دفعة واحدة، فيقوم مجموعة من الأفراد غالبا تبلغ عشرة، بدفع مبلغ شهري، وفي كل شهر يأخذ المبلغ كله فرد من العشرة، ثم الشهر التالي فرد آخر، وهكذا، ويكون الأولوية في الأخذ للأكثر احتياجا. ومن الملاحظ أن كثيراً من المشروعات الاقتصادية بدأ بهذه الطريقة في مصر. وقد سجل بوتنام عالم الاجتماع الشهير أن هذا النظام موجود بشمال إيطاليا، وأن كثيراً من المشروعات الاقتصادية هناك قامت على أساسه. وهذا النظام يمثل تكوينا من تكوينات المجتمع المدني؛ لأنه يقوم على التكافل والمصالح المشتركة والإرادة الحرة، والثقة، والرباط الاجتماعي الحر دون وجود رابطة دم أو دين.

إن هذه كلها أشكال للمجتمع المدني في مجتمعاتنا، ينبغي الحفاظ عليها أو استعادتها، ثم تطويرها وتحديثها عن طريق التوعية بالآليات والممارسات المعاصرة وتوسيع نطاق دورها، ثم تكوين أشكال جديدة أو استعارتها لكي تعمل بجوار هذه التكوينات التقليدية.

هل في الإسلام عقد اجتماعي

عرفنا أن المجتمع المدني لابد أن يقوم على عقد اجتماعي، فهل عرف الإسلام مفهوم العقد الاجتماعي؟ من اللافت للنظر أنه رغم عدم ورود هذا المصطلح في الدين الإسلامي، إلا أن مضمونه قد تحقق عمليا في العقد الذي وقعه الرسول في المدينة مع أطراف المجتمع المدني: قبائله، طوائفه، أديانه، وملله. ونحن لا نقول هذا من قبيل الإسقاط، أو التأويل، أو حتى التلوين، أعني تلوين المفاهيم الإسلامية بمفاهيم غربية. فعقد أو صحيفة المدينة التي تشتمل على نص الاتفاق، تنطق بهذا مباشرة، وسوف أقدمها للقارئ دون تأويل، وسوف يقتصر دوري على مجرد الشرح اللفظي إمعانا في الموضوعية واتقاء للاتهام بالتأويل.

ومن الملاحظ أن العقد الاجتماعي الذي تحدث عنه فلاسفة الغرب، مثل توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو، بوصفه عقدا موقعا ومتفقا عليه بين أفراد المجتمع والحكام، ما هو إلا عقد متخيل فلسفيا لم يتحقق على أرض الواقع على نحو صريح، أما صحيفة المدينة فهي عقد حدث بالفعل على أرض الواقع. فعقد الفلاسفة مجرد نظرية، أما عقد المدينة فهو واقع فعلي متحقق.

ولننظر الآن في طبيعة العقد الاجتماعي في صحيفة المدينة. إذا نظرنا في هذه الصحيفة نجد “الأمة” (=المجتمع المدني) في الإسلام قامت أول ما قامت في المدينة، على عقد اجتماعي، تم عقده بين جميع طوائف المدينة، والعقد الاجتماعي هو أحد أسس المجتمع المدني(= الأمة). ومن المعروف أن المدينة تنوع بشري غير متجانس على العكس من القرية التي هي تجمع بشري متجانس. ومن ثم فإن التعايش في المدينة يقتضي تنظيما اجتماعيا يخضع لقواعد تحدد طبيعة العلاقات بين الأطراف غير المتجانسة على أساس من التعاقد أو القهر. وفي المدينة المنورة لم تتحدد العلاقات على أساس القهر كما هو سائد في المجتمعات القبلية أو الأبوية أو الطبقية، وإنما تحددت العلاقات على أساس عقد اجتماعي. ويمثل هذا العقد شكلا متقدما من أشكال المدنية وأنماط التعايش القائم على التعددية والتنوع في إطار من المساواة والعدالة وحق المواطنة الكاملة لأهل الطوائف غير الإسلامية الذين يعيشون في إطار المجتمع الإسلامي دون أي نوع من التمييز.

فلقد نصت صحيفة المدينة على ذلك؛ إذ اعتبرت أن المسلمين وغيرهم من أهل المدينة يشكلون “أمة واحدة”. وفي إطار هذه الأمة الواحدة، لكل طائفة حرية الاعتقاد، وحق الملكية، وحق الحماية وواجب الدفاع المشترك، والاشتراك في الجيش، وحق المراقبة، والمساءلة، وإبداء الرأي.

فصحيفة المدينة كما جاء في السيرة النبوية، قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم واشترط عليهم:

وهكذا فهذه الصحيفة تنطوي على عقد اجتماعي يكفل التعددية ويتضمن المواطنة التامة للجميع دون أي تمييز على أي مستوى(6).

التعددية والتعايش والانتماء

هكذا نرى أن القيم التي يقوم عليها المجتمع المدني في “صحيفة المدينة” هي التعددية، وحرية العقيدة، والمواطنة، والمساواة، والإدارة السلمية للاختلافات، وهي لا تتعارض مع الانتماء إلى أمة واحدة أو مجتمع مدني واحد. ولم يضع الإسلام الدين معياراً للانتماء، بل جعل المعيار هو الالتزام بشروط العقد الاجتماعي، ولعل أهمها عنصر “تحقيق الأمن”، وهذا ما أكده علماء الإسلام على نحو حاسم، قال محمد بن حسن الشيباني: “إن المسلمين حين أعطوهم ذمتهم، فقد التزموا دفع الظلم عنهم، وهم صاروا من أهل دار الإسلام”(7). فـ “ليس مناط الاختلاف الإسلام وعدمه، وإنما مناطه الأمن والفزع”(8)؛ لأن الإسلام “لم يميز بين المسلمين وغير المسلمين على اعتبار اختلاف الدين، كما لم يميز بين المواطنين والأجانب على أساس جنسيتهم أو تبعيتهم. فلذا من الخطأ، الناتج عن الجهل والتضليل، زعم بعض الباحثين أن صفة المواطن كانت للمسلمين وحدهم، وأن غير المسلمين كانوا جميعا من الأجانب”(9).

إذن فالانتماء أو المواطنة ليست تصنيفاً على أساس الدين، وإنما على أساس المسالمة والمحاربة؛ لأن الإسلام اعتبر أهل الأديان الأخرى المسالمين من أهل دار الإسلام؛ أي أن لهم حق المواطنة الكاملة. ومن مظاهر المواطنة المساواة بين الجميع –كما يقول أبو عبيد القاسم- في الدم والدية وتحريم غيبة غير المسلم مثل تحريم غيبة المسلم(10). وقد أفتى الليث بن سعد فقيه مصر أنهم إذا وقعوا في الأسر وجب افتداؤهم من بيت المال(11). وقاعدة القواعد في الاعتراف بالتعددية والتنوع والمساواة في الحقوق والواجبات، تلك القاعدة العظيمة التي استقرت في التشريع الإسلامي والتي تنص على أن: “لهم ما لنا وعليهم ما علينا “.

ومن جهة أخرى فإن آيات تكريم الإنسان بما هو إنسان في القرآن الكريم تنطبق على كل إنسان وتعطيه كل حقوق الإنسانية، ومن أهمها حق المواطنة. وأمر القرآن المسلمين بالبر والعدل في التعامل مع غير المسلمين يعني أن من واجبهم إقامة العدل بكل أنواعه، ومنها: العدل الاجتماعي والعدل السياسي. وجاء التاريخ الاجتماعي مشتملا على وقائع تثبت تلك المواطنة للأقليات؛ وقد احترمت الدولة هذا في التاريخ الإسلامي غالبا؛ حيث كان أهل الذمة يتولون كثيراً من المناصب المهمة والحساسة؛ فقد تولت أسرة مسيحية في العصر الأموي الإدارة المالية لمدة قرن كامل، ومن أشهر أعضاء هذه الأسرة يوحنا الدمشقي المؤرخ المشهور. كما عين معاوية بن أبى سفيان كاتبا مسيحيا له وهو سرجون. وولَّى معاويةُ جبايةَ خراج حمص لطبيبه ابن آثال(12)، وهي وظيفة حساسة. وقد ولى عبد الملك بن مروان اثناسيوس وهو عالِم مسيحي تربية أخيه عبد العزيز. وعندما تولى عبد العزيز ولاية مصر أعطى له وظائف مهمة ومن بينها رئاسة دواوين الإسكندرية، كما شغل منصب “متولي الخراج”على مصر كلها(13).

وفي العصر العباسي نجد المعتصم ولّى مسيحياً يدعى “إبراهيم” الخزانة العامة للخلافة، وحِفْظَ خاتم الخليفة. كما ولّى أخاه “سلمويه” منصب أمين الوثائق الملكية. وفي هذا العصر نفسه تولّى مسيحي واسمه “إسرائيل” تنظيم الجيش العباسي. وفي خلافة المقتدر تولى مسيحيٌّ “ديوان الجيش”(14).

حرية الاعتقاد

ينص القرآن بشكل قاطع على الحرية الكاملة في الاعتقاد؛ حيث يقول: ﴿لا إكراه في الدين﴾(15). ولقد أقر القرآن بوضوح تعددية الأديان في قوله: ﴿لكم دينكم ولي دين﴾(16)، بل اعتبر الاختلاف بين الناس أمرا طبيعيا وسنة من السنن الكونية، يقول -تعالى-: ﴿ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم﴾ (17).

ولم تكن هذه النصوص بمعزل عن الواقع؛ بل تجلت فيه على أنحاء شتى، سواء على مستوى حركة المجتمع أو على مستوى ممارسات الدولة؛ وقد أيدت تصرفات الرسـول -صلى الله عليه وسلم- هذه النصوص بوصفه مبدأ عاما وقاعدة لا يمكن خرقها؛ بل جاءت بعض هذه النصوص مؤيدة لموقف حر اتخذه الرسول نفسه، حيث يروي الطبري عن ابن عباس: أن رجلا من بني سالم بن عوف يقال له “الحصين”، كان له ولدان مسيحيان وهو مسلم، فسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يرغم ولديه على الإسلام، بعد أن أصرا على التمسك بالمسيحية، فنهاه الرسول عن ذلك، ونزلت آية: ﴿لا إكراه في الدين﴾(18). وفي رواية أخرى للطبري: أنه كان من عادة نساء قبيلة الأوس اللاتي ينجبن أولادا قصار العمر في الجاهلية أن تنذر الواحدة منهن إذا جاءها ولد أن تهوده حتى يطول عمره. وكانت النساء يرسلن أولادهن إلى قبيلة بني النضير اليهودية. وعندما جاء الإسلام، وأمر الرسول بإجلاء بني النضير بعد ما قاموا به من مؤامرات ضد الإسلام ومحاولتهم قتل الرسول مرتين.. وقتئذ كان بعض أبناء الأوس الذين تهودوا بين القبيلة، فأراد آباؤهم أن يجبروهم على الإسلام، فنزلت الآية مقررة لمبدأ حرية الاعتقاد(19).

ومن الثابت تاريخيا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح خيبر، وجد بين الغنائم نسخا من التوراة؛ فأمر بردها إلى اليهود. وهذا عمر بن الخطاب تأتيه امرأة مشركة تطلب حاجة لها، فدعاها للإسلام، لكنها رفضت، فقضى لها حاجتها، وشعر أنه ربما يكون تصرف بشكل فيه نوع من الإكراه لها على الإسلام تحت ضغط الحاجة؛ فاستغفر الله على ما فعل، وقال: “اللهم إنى أرشدت ولم أكُرِهْ”.

وكان لهذا المبدأ انعكاس مثالي على بعض الفقهاء، لدرجة أن الشافعي اختلف مع أبى حنيفة حول مدى جواز مفاتحة الزوج المسلم لزوجته غير المسلمة في مسألة اعتناق الإسلام؛ فقد رأى أبو حنيفة جواز ذلك بشرط عدم الإكراه، بينما رأى الشافعي أنه لا يجوز أن يعرض الزوج الإسلام على زوجته “لأن فيه تعرضا لهم، وقد ضمنا بعقد الذمة ألا نتعرض لهم”(20). وهذا يؤكد نزوع الفقهاء الكبار نحو احترام حرية الاعتقاد.

حق إقامة المعابد وحرية ممارسة الشعائر

من مظاهر حرية الاعتقاد حق إقامة المعابد وممارسة الشعائر؛ ولا شك في أن هذا مظهر من مظاهر المساواة في الحقوق والواجبات. ولا يوجد في القرآن والسنة النبوية أي نص يقيد حرية غير المسلمين في إقامة معابدهم الخاصة أو يحول دون حقهم في أداء طقوسهم وشعائرهم. والقاعدة العامة التي تحكم موقف الإسلام في هذه المسألة وغيرها هي: “لهم ما لنا وعليهم ما علينا”.

ثم إن القرآن يحث أتباعه على التعامل بالبر والعدل مع أهل الديانات الأخرى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾(21).. ولا ريب أن من البر: العدل، والمساواة في الحقوق؛ ومن بينها حق إقامة المعابد وأداء الشعائر.

وهذا الأساس النظري كانت له تجليات في الممارسة.. ومن الوقائع التي تدل على هذا “صحيفة المدينة “، ومعاهدة القدس بين المسلمين والمسيحيين التي وقع عليها عمر بن الخطاب والبطريرك سوفروينوس عام 15 هجريا، ونصها كما أورده الطبري:

“بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم وسقيها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضام أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم على نفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم. ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، لمن شاء منهم سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله. وإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم. وعلى ما في عهد هذا البحث عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية”(22).

وقد أعطى المسلمين هذه الحقوق نفسها لكل البلاد التي دخلت تحت سيطرتهم. وإذا كان بعض الفقهاء قد تشدد في وضع بعض القيود على بناء المعابد والكنائس، فإن هذا لم يكن مؤثراً كثيراً في الواقع الفعلي، يقول السير توماس أرنولد: “ربما اتفق أصحاب المذاهب لسبب أو لآخر على أن الذميين لا يسمح لهم أن يبنوا دورا للعبادة في المدن التي أسسها المسلمون، ولكن السلطة المدنية (بفتوى من فقيه مصر الليث بن سعد) أباحت للقبط أن يبنوا كنائس في القاهرة، العاصمة الجديدة. كما سمح للمسيحيين أن يؤسسوا في بعض المدن الأخرى كنائس وأديرة جديدة”(23).

الاستقلال الذاتي التشريعي والقضائي للأقليات

أعطت الأمة الإسلامية للأقليات حق إتباع وتنفيذ قوانينهم الخاصة المتعلقة بالأحكام الشخصية وإدارة أمورهم الدينية وفقا لتشريعاتهم الدينية حتى لو كانت متعارضة تعارضا تاما مع الشريعة الإسلامية. وكانت الرابطة التي تربط كل الطوائف ببعضها بعضاً، من حيث علاقة كل منها بالأخرى- هي الرابطة المدنية القائمة على أساس من العقد الاجتماعي بين المسلمين وغيرهم. وبمقتضى هذا العقد كان لكل طائفة وضعها القانوني المتفرد، وكانت الطوائف مجتمعات مدنية مصغرة لها استقلالها الذاتي داخل المجتمع المدني الكبير الخاضع للسلطة الإسلامية التي كانت لا تتدخل في شؤون الطوائف الخاصة.

وفي العصر الأموي كان لكل كنيسة حق الحكم الذاتي، ووقع الأمويون عقودا تثبت سلطة البطاركة؛ الأمر الذي أسهم في إعطاء القوة لكل الطوائف الكنسية التي كانت تخضع للاضطهاد(مثل اليعاقبة، والنساطرة) من قبل الطائفة المسيحية المسيطرة التي كانت تعتبر عباداتها من البدع؛ إذ كانت السلطة البيزنطية تضطهد أتباعها وتصادر أموال كنائسها. وحتى نهاية العصر الأموي لم تكن السلطة الإسلامية تتدخل في تعيين البطاركة. وكانت هذه السياسة متبعة مع كل الطوائف الأخرى.

وفي العصر العباسي كانت الخلافات الداخلية في الطوائف المسيحية تشتد أحيانا حول تعيين البطريرك، وكان يتم اللجوء للخلفاء للتحكيم. الأمر الذي فتح الباب في مرحلة تالية أمام الخلفاء لكي يكون لهم مرشحوهم المفضلون. ويلاحظ في العصر العباسي أن بطريرك النساطرة جمع بين السلطتين الروحية والمدنية في رئاسة الطوائف المسيحية(النساطرة، اليعاقبة، الروم، الملكيين). أما الكنيسة المصرية فكانت دوما تحت سيطرة بطريركها الخاص، وكذلك الكنيسة الأرمنية. وتمتعت الكنيسة المارونية دوما باستقلالها التام، حتى عندما ساد نظام براءة التولية في فترة من العصر العباسي، كما كان الموارنة غير خاضعين لنظام استشارة الخليفة عند تولية البطريرك(24).

وإذا نظرنا في نظام براءة التولية لبطاركة مصر والروم والنساطرة والأرمن، سنجد أنه بالغ الأهمية لمعرفة العقد السياسي الذي يبين العلاقة المدنية بين النظام السياسي والطائفة الدينية. ففي هذا النظام تعترف السلطة السياسية بالحكم الذاتي القانوني لكل طائفة، ويعطي البطريرك السلطة على طائفته، فهو في وضع الوالي المنتخب بشرط المصادقة على ذلك من الخليفة. وبعد المصادقة على وضعه كَوَالٍ على طائفته- تتمتع قراراته بقوة التنفيذ دون انتظار مصادقة الخليفة عليها. وليس من حق الخليفة خلعه، وأصحاب ذلك هم فقط أبناء الطائفة. وبشكل عام أعطيت الطوائف حق الإدارة الكاملة لشؤونها المدنية والدينية. يدل على هذا الوثائق التي كان يصدرها الخلفاء العباسيون في هذا الصدد. وفيما يلي بعض أهم ما جاء في البراءة التي أعطاها المكتفي الخليفة العباسي (1136-1160) إلى عبد يشوع بطريرك النساطرة(1139-1147)؛ حيث سجل كاتم سر الخليفة الآتي:

“كان عندي وفد من النصارى، وكانوا على علم واسع بأصول تلك الوظيفة، وقد أكدوا أنهم توصلوا، بعد طول مداولة وبحث وتمحيص لطلباتك، إلى ما مؤداه أن حاجتهم إلى جاثليق(25)، يرعى شؤونهم ويقوم على أمر حاجتهم المشتركة، وأنهم وافقوا بقرار جماعي وإجماعي على رفعك إلى سُدَّة دينهم كيما ترعى شؤونهم وتلبي حاجاتهم وتحكم بالعدل بينهم، أقويائهم وضعفائهم على حد سواء. وقد طلبوا تثبيت ترفيعك بموجب براءة تكفل له أساساً متيناً وركائز لا تتزعزع. بناء عليه، أمر أمير المؤمنين بأن يكونوا لهم ما أرادوا. وها إمامة الإسلام العليا -فلتكلل أوامرها على الدوام بالفلاح- تمنحك براءتها لتكون جاثليق النصارى النساطرة المقيمين في الإسلام وفي جميع أمصار الإسلام: فأنت معتمد للتصرف لهم وكرئيس أيضاً للروم واليعاقبة والملكيين، الممثلين هنا وغير الممثلين على حد سواء، ممن قد يناصبونهم العداء في أي ولاية من الولايات. وأنت بين أبناء دينك الوحيد الذي يحمل سمات الجاثليق في كنائسكم وأماكن اجتماعكم لأداء فرائض عبادتكم، وليس لأسقف أو مطران أو شماس أن يقاسمك إياها، فهي الشاهد على تبعيتهم لمقام المنصب السامي الذي رفعت إليه. وإذا اعترض عليك رجل من رجال الدين المشار إليهم، أو شهر راية عصيان أوامرك أو أنكر قراراتك أو عكر عليك صفوك، فسيلاحق ويعاقب على سلوكه إلى أن يتراجع ويتحطم عناده، وبذلك يرتدع الآخرون عن الاقتداء به في سلوكه، وتضمن أن تطبق شرائع كنيستك بحرفها”(26).

وقد سجل التاريخ كثيراً من الوقائع التي تثبت ممارسة هذا الحق -أي إتباع التشريعات الخاصة بالملة- على أرض الواقع. ومن ذلك ما ذكره ابن قدامة في كتابه المغني: “إن مجوسيا تزوج ابنته، فولدها بنتا، ثم مات عنها؛ فكان لها الثلثان مما ترك”(27). وذكر أبو عبيد القاسم في الأموال: “أن الخليفة عمر بن عبد العزيز استغرب إعطاء الحق للمجوس في الزواج من بناتهم وأمهاتهم، فأرسل إلى الحسن البصري يسأله: ما بال أقوام من الأئمة قبلنا، أقروا المجوس على نكاح الأمهات والبنات؟ فكتب إليه الحسن قائلا: أما بعد، فإنما أنت متبع ولست بمبتدع “(28). يعني عليك الالتزام بما درج عليه الرسول ومن تلاه من إعطائهم حق إتباع قوانينهم الخاصة.

وسجل التاريخ أن الأقليات كانت لها محاكمها المذهبية، بل كان لها سلطات تنفيذية تتعلق بتنفيذ الأحكام؛ فقد كان للبطريرك في دمشق سجن متصل بالكنيسة يحبس فيه من يقع في مخالفات من المسيحيين، وذات مرة حبس الأخطل شاعر بني أمية، وقيده بسبب كثرة سكره، ولم يطلقه حتى شفع فيه الخليفة نفسه(29). وقد جعل الخلفاء للأقليات هيئات خاصة ترعى شؤونها؛ فأنشأ خلفاء الأندلس هيئة لهذا الشأن تحت رئاسة ما كان يسمى “كاتب الذمم” الذي كان مكلفا برعاية الأقليات غير المسلمة. كما خصص خلفاء بغداد ديوانا خاصا بهم يرعى شؤونهم ومصالحهم وأموالهم، ولقب رئيس هذا الديوان “كاتب الجهبذة”(30).

وإذا كانت بعض الفترات في أثناء التاريخ الإسلامي في بعض البلدان، قد شهدت بعض التضييق على هذه الحقوق -فإن هذا يرجع لعوامل سياسية والاجتماعية واقتصادية؛ لأن الظروف الاقتصادية الاجتماعية المتردية التي كان يعيشها جمهور الناس من المسلمين في مقابل تمتع بعض أبناء الأقليات بأوضاع اجتماعية اقتصادية مترفة، وممارساتهم المهنية بحكم وظائفهم الإدارية العليا التي كانت تنطوي على قدر من التعسف أحيانا في جمع الضرائب والاحتكار للمهن المالية لقرون طويلة- كان لها علاقة مباشرة غالبا بما حدث من توترات طائفية(31). وفي عصر الاستعمار سلك المستعمرون الأجانب سلوكا محابيا لأبناء الأقليات(32).وهذه ظاهرة نلاحظها في سورية مثلا حيث “أظهرت أبحاث جب وبولياك أثر هيمنة الأقليات في المجال الاقتصادي في إثارة قلائل دينية خطيرة بين النصارى والمسلمين في دمشق سنـة 1860م، وبين الموارنة والدروز في جبل لبنان في 1840م و1860م”(33).

ومن جهة أخرى فقد كان الطابع الشخصي القاسي لبعض الخلفاء مسؤولا في بعض الأحيان عن حدوث قلائل طائفية واضطهاد للأقليات، وهذا ما يتضح لنا من عصر المتوكل العباسي الذي لم يضطهد فقط غير المسلمين، وإنما اضطهد أيضاً الفرق الإسلامية المعارضة لأهل السنة والجماعة. والأمر نفسه تقريباً نجده مع الحاكم بأمر الله الفاطمي لكنه كان منحازاً للفاطميين الشيعة. ففي هذين العهدين حدث أكبر حالتي اضطهاد للأقليات. لكن –كما رأينا- كانت الحالة العامة هي الاعتراف بالتعددية والتنوع.

إذن، باستثناء حالات معدودة، كان المجتمع المدني(=الأمة) في الحضارة الإسلامية قائما على التعددية وحماية الجماعات الضعيفة والأقليات، ومحاربة التمييز ضدها. وقد احترمت الدولة هذه التعددية غالبا. إن هذه المفاهيم المدنية ينبغي استعادتها وتقنينها وتوسيع نطاق دورها، إذا أردنا مجتمعا إسلاميا مدنيا فعالاً ومتقدماً وقوياًّ.

************************

الهوامش:

*) باحث وأكاديمي من مصر.

(1) الكاساني، بدائع الصنائع، مصر، مطبعة البابي الحلبي، بدون تاريخ، ج5/ص181.

(2) السرخسي، المبسوط، مصر مطبعة السعادة، الطبعة الأولى، ج2، ص28.

(3) عبد الرحمن السالمي، مسؤولية التكليف ومسؤولية الرقابة، مجلة التسامح، العدد 9، شتاء 1426هـ، ص7.

(4) ابن بطوطة: محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي أبو عبد الله، رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق علي المنتصر الكتاني، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1405 هـ، ط4. ج 1، ص118.

(5) المرجع السابق، الصفحة نفسها.

(6) انظر النص الكامل لصحيفة المدينة في السيرة النبوية، ابن هشام المجلد الأول، ص446-448.

(7) محمد بن الحسن، السير الكبير، مصر مطبعة السعادة، 1933م، ج1، ص140.

(8) عبد الوهاب خلاف، السياسة الشرعية، مصر، المكتبة التوفيقية، 1946م، ص77.

(9) صبحي محمصاني، القانون والعلاقات الدولية في الإسلام، بيروت، عالم الكتب، 1978م، ص123.

(10) أبو عبيد القاسم، الأموال، القاهرة، 1353هـ، ص170-171.

(11) الحصفكي، الدر المختار، القاهرة، مطبعة البابي الحلبي، 1365م، ج1، ص273.

(12) فليب حتي، تاريخ العرب، ترجمة محمد مبروك نافع، مصر، مطبعة العالم العربـي، 1949م، ج 2/ص259.

(13) أ.س.ترتون، أهل الذمة في الإسلام، ترجمة حسن حبشي، ص21.

(14) توماس أرنولد، الدعوة إلى الإسلام، ترجمةحسن إبراهيم حسن وعبد المجيد عابدين وإسماعيل النحراوي، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1954م، ص18-82.

(15) البقرة: آية 256.

(16) الكافرون: آية 6.

(17) هود: آية 119.

(18) البقرة: آية 256.

(19) الطبري، جامع البيان، ج2، ص54.

(20) عبد الكريم زيدان، أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، العراق، مكتبة المثنى، 1985م، ص629.

(21) الممتحنة: آية 8.

(22) عن: إسماعيل الفاروقي، “حقوق غير المسلمين في الدول الإسلامية”، مجلة المسلم المعاصر، عدد 26، سنة 1981م.

(23) ت.ارنولد، الدعوة إلى الإسلام، ص84.

(24) انظر: جورج قرم، تعدد الأديان وأنظمة الحكم، بيروت، دار النهار، 1992م، ص266-267.

(25) أي رئيس الأساقفة، والجمع: جثالقة.

(26) المصدر السابق، ص267-268.

(27) عن: محمد الغزالي، التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، القاهرة، نهضة مصر، 1997م، ص5.

(28) أبو عبيد القاسم، الأموال، ص45.

(29) محمد الغزالي، حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، القاهرة، المكتبة التوفيقية، 1978م، ص49.

(30) سيد أمير علي، روح الإسلام، ترجمة أمين محمود الشريف، مراجعة محمد بدران، القاهرة، مكتبة الآداب بالتعاون مع المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1961م، ج2/ ص161. والجهبذ كلمة فارسية معناها الناقد المتفحص العارف بتمييز الأمور.

(31) لمزيد من التفاصيل انظر: جاك تاجر، أقباط ومسلمون منذ الفتح الإسلامي إلى العـام 1922، القاهرة، 1951م.

(32) دائرة المعارف الإسلامية، مادة “النصارى”، عن: جورج قرم، تعدد الأديان، ص230.

(33) المرجع السابق، ص230-231.

————-

المراجع

1- ابن بطوطة: محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي أبو عبد الله، رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق علي المنتصر الكتاني، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1405 هـ، ط4.

2- ابن هشام، السيرة النبوية، مصر، دار المنار، 1994م.

3- أبو عبيد القاسم، الأموال، القاهرة، 1353 هجرية.

4- إسماعيل الفاروقي، “حقوق غير المسلمين في الدول الإسلامية”، مجلة المسلم المعاصر، عدد 26، سنة 1981م.

5- جاك تاجر، أقباط ومسلمون منذ الفتح الإسلامي إلى العام 1922م، القاهرة، 1951م.

6- جورج قرم، تعدد الأديان وأنظمة الحكم، بيروت، دار النهار، 1992م.

7- الحصفكي، الدر المختار، القاهرة، مطبعة البابي الحلبي، 1365.

8- السرخسي، المبسوط، مصر مطبعة السعادة، الطبعة الأولى.

9- سيد أمير علي، روح الإسلام، ترجمة أمين محمود الشريف، مراجعة محمد بدران، القاهرة، مكتبة الآداب بالتعاون مع المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1961م.

10- صبحي محمصاني، القانون والعلاقات الدولية في الإسلام، بيروت، عالم الكتب، 1978.

11- عبد الرحمن السالمي، مسؤولية التكليف ومسؤولية الرقابة، مجلة التسامح، العدد 9، شتاء 1426هـ.

12- عبد الكريم زيدان، أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، العراق، مكتبة المثنى، 1985م.

13- عبد الوهاب خلاف، السياسة الشرعية، مصر، المكتبة التوفيقية، 1946م.

14- فيليب حتي، تاريخ العرب، ترجمة محمد مبروك نافع، مصر، مطبعة العالم العربي، 1949.

15- الكاساني، بدائع الصنائع، مصر، مطبعة البابي الحلبي، بدون تاريخ.

16- محمد الغزالي، التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، القاهرة، نهضة مصر، 1997م.

17- محمد الغزالي، حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، القاهرة، المكتبة التوفيقية، 1978م.

18- محمد بن الحسن، السير الكبير، مصر مطبعة السعادة، 1933م.

(المصدر: موقع التسامح / الحوار اليوم)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى