مقالاتمقالات المنتدى

المبررات الثلاثة للجهاد

المبررات الثلاثة للجهاد

بقلم أ. د. فؤاد البنا

من يتأمل تاريخ المعارك الحربية في عصر الضياء الأول من تاريخ المسلمين؛ سيجد أنها تطابقت تماما مع آيات القرآن ومقاصد الدين، فقد كانت تتم لواحد من المبررات الثلاثة الآتية:
الأول: الدفاع عن بلاد المسلمين، أرضا وإنسانا وثقافة وثروة وسلطة، أمام أي صورة من صور الاعتداء والغزو من قبل أي عدو كان. وهذا هو المقصود بقوله تعالى: {وقاتلوا الذين يقاتلونكم..}، وقوله: {ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.

الثاني: القيام بإفشال اعتداء محتمل من قبل عدو يتربص بالمسلمين الدوائر، وذلك بعد التأكد من قبل استخبارات المسلمين من وجود استعدادات للاعتداء على بلاد المسلمين، وتلحق هذه الحالة بالحالة الأولى؛ ذلك أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم. وينبغي المسارعة لتأديب هؤلاء المتآمرين قبل أن تكتمل استعداداتهم ويقوى عودهم فتتضاعف خسائر المسلمين، ولا يصح الانتظار حتى يأتي الغزاة إلى بلاد المسلمين، فما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.

الثالثة: منع الفتنة والإكراه في بلاد الكفر لأي طائفة وإجبار رؤوس الفتنة على ترك الحرية للناس لكي يختاروا ما يريدون من الأفكار والقناعات. وهذه الحالة هي المقصودة بقوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}.

وكان الزمن كلما ابتعد عن زمن تنزل القرآن يظهر بعض من يتجاوز هذه الأسباب الثلاثة في عصر الدولة الأموية من أجل جمع الغنائم ورفع دخل الدولة، فلما جاء عمر بن عبدالعزيز منع الجبايات غير القانونية من أهل الكتاب وأوقف الفتوحات نهائيا حتى مات، وهذا دليل آخر على أنه لا مبرر للقتال غير المبررات الثلاثة المذكورة أعلاه، فعمر بن عبدالعزيز هو الأقرب إلى فقه الوحي وسياسة الرشد، ولذلك فقد تواطأت الأمة على تسميته بالخليفة الراشدي الخامس.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى