مقالاتمقالات مختارة

القواعد الخلفية في إسقاط الخلافة العثمانية

بقلم عنتر فرحات

مع مطلع القرن العشرين، وقد بدت علامات الضعف وهي تنهش جسم الخلافة العثمانية، حيث بدأت تفقد أطرافها تِبَاعًا، فبعد أن استطاع محمد علي الاستيلاء على مصر والسودان، والفرنسيون اقتطعوا منها الجزائر والمغرب، والإيطاليون أخذوا ليبيا، وكانت هذه الدول كلها تتبع إداريا للباب العالي في اسطنبول، واقتطعت روسيا القيصرية أجزاء منها شرقا، وكان المشروع الأخطر الذي يهدد الخلافة، وهو نخر البيت العثماني من الداخل، حيث بدأت تظهر حركات غريبة، وتدعو لفكر جديد وافد على الثقافة المشرقية، حيث بدأت هذه الفكرة في عاصمة الخلافة، وذلك لما ظهرت جمعية الاتحاد والترقي، ذات الفكر القومي، وجعلت تنتقد مساعدة الأتراك للدول العربية، ومثلها تماما ظهرت الحركة القومية في مصر وبلاد الشام (لبنان تحديدا)، حيث جعلوا ما وصلت إليه الدول العربية من تخلف كبير عن الحضارة الغربية، سببه  الأول والأوحد، هو كون دول الوطن العربي تخضع للباب العالي في اسطنبول، وبدأت هاته الأفكار تنتشر في الوطنين -العربي والتركي- انتشار النار في الهشيم، وتقريبا كانت من الأسباب المباشرة في تمزيق الأمة أولا، ثم تمزيق الخلافة ثانيا، ومع ظهور الحركة القومية (العربية والتركية)، كانت هذه الحركة موازية تماما للثورة العربية في الجزيرة (بقيادة الشريف حسين)، التي ناصبت العداء للخلافة العثمانية، وقد لقيت تأييدا كبيرا من الحركة الدينية التي ظهرت مع ظهور الثورة العربية، حيث كانت ترى هذه الحركة الدينية أن الخلافة العثمانية وما تمارسة من بدع، وانتشارٍ للطرق الصوفية التي تتبعها، والتي ينضوي تحت لوائها رجال الدولة العثمانية ضلال مبين، ولا بد من محاربة هذا الفساد الذي عم الجزيرة العربية بلد التوحيد.

اجتمعت هذه الأسس الأربعة:

01: الحركة القومية في تركيا (الاتحاد والترقي).

02: الحركة القومية العربية (مصر والشام).

03: الثورة العربية في الجزيرة (الشريف حسين).

04: الحركة الدينية في الجزيرة (الحركة الوهابية).

وكانت فعلا هذه الحركات الأربعة، هي صاحبة الفضل في تمزيق الخلافة.

 حيث كانت:

01: الحركة القومية التركية، هي مَن هيأت الجو المناسب؛ لتمزيق الخلافة (هذا بالنسبة للعنصر التركي).

02: والحركة الدينية تحديدا، هي من أقنعت الناس في شبه الجزيرة بالانضمام للثورة العربية.

03: والحركة القومية العربية،هي مَن أقنع الناس في باقي الأقطار، بوجوب مناهضة الحكم التركي.

 وبعد هذه المجهودات الجبارة، لم يبق إلا شيء واحد، وهو عزل الخليفة، والذي تقبله الناس بكل بساطة، بل أكثر من ذلك، لم يتقبلوه فحسب، بل اعتبروه نصرا حقيقيا، وانتصارا لا يضاهي:

– بالنسبة للأتراك انتصار؛ لأنه استقل بتركيا الحديثة عن العرب المتخلفين.

-وبالنسبة للحركة القومية العربية فهو انتصار؛ لأنهم استقلوا بذواتهم وأرضهم عن المحتل التركي، الذي كان جاثما على صدورهم، طيلة هذه الفترة الطويلة.

– وبالنسبة للثورة العربية في الجزيرة، فقد استعادت الجزيرة عزها؛ بأن رجعت لأبنائها العرب الخلص، أبناء الصحراء، والزاحفين فيها شرقا وغربا مع رمالها التي لا يهدأ لها بال، كما لم يهدأ بال طاغية جثم على صدور أبنائها.

– وبالنسبة للحركة الدينية في الجزيرة، فقد كان سقوط الخلافة انتصارا؛ لأن مع سقوطها ستسقط كل البدع والخرافات، التي طالما أيدتها الدولة العثمانية؛ وَهذا الانتصار إيذان بِأُفُولِ نجم الطرق الصوفية، الذي لمع طويلا؛ بفضل الخلفاء العثمانيين المتصوفة.

– ثم تأتي مرحلة جديدة ما بعد الخلافة العثمانية، والتي ذاق سُمَّها ومَرراتها الجميع، وللأسف ما زالت مرارتها عَلقما في حلق الأمة حتى اليوم، وسمها يجري في شرايينها، ولمَّا تَجِدْ بَعْدُ أمتنا الترياق الشافي لهذا السم الناقع.

فمن يتحمل المسئولية؟

01:مسئولية إسقاط الخلافة.

02: المسئولية في إيجاد الترياق المناسب لأمة المليار.

(المصدر: مجلة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى