القطب الأول للمرجعية الشيعية.. تعرف على “السيستاني” وعلاقته بالسلطة
إعداد الخليج أونلاين
مع تطورات الأوضاع في العراق، وارتفاع أعداد القتلى المشاركين في الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة عادل عبد المهدي، منذ أكتوبر الماضي، يصدرُ في كل يوم جمعة بيان عن المرجعية الشيعية العليا في العراق ممثلة بعلي السيستاني، معلقاً على لسان أحد تلامذته على آخر الأوضاع السياسية في البلاد بين التقييم والتوصيات.
ودان السيستاني، يوم الجمعة (29 نوفمبر 2019)، استخدام القوة المميتة ضد المحتجين، وحث المتظاهرين على رفض العنف والتخريب، محذراً من دوامة عنف أخرى في البلاد.
وقال ممثل عن السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء: “المرجعية الدينية إذ تترحم على الشهداء الكرام وتواسي ذويهم وتدعو لهم بالصبر والسلوان وللجرحى بالشفاء العاجل، تؤكد مرة أخرى على حرمة الاعتداء على المتظاهرين السلميين ومنعهم من ممارسة حقهم في المطالبة بالإصلاح”.
وأردف: “وعلى المتظاهرين السلميين أن يميّزوا صفوفهم عن غير السلميين ويتعاونوا في طرد المخربين أياً كانوا، ولا يسمحوا لهم باستغلال التظاهرات السلمية للإضرار بممتلكات المواطنين والاعتداء على أصحابها”.
وبعد ساعات قليلة من بيان السيستاني أعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، أنه سيقدم استقالته للبرلمان، وسط ضبابية في المشهد العراقي ومخاوف من الدخول إلى نفق مظلم.
400 قتيل
في إطار متصل قالت مصادر طبية عراقية لوكالة “رويترز” إن حصيلة قتلى الاحتجاجات العراقية منذ انطلاقها، في الأول من أكتوبر الماضي، قد تجاوزت حاجز الـ400 قتيل، في حين سقط 3 قتلى مع تجدد الاشتباكات، اليوم الجمعة.
وجاءت الإحصائية الجديدة بعد يوم من قتل 54 شخصاً، وإصابة المئات في صفوف المتظاهرين في مدينتي الناصرية والنجف، إضافة إلى العاصمة بغداد، من جراء إطلاق قوات الأمن ومسلحين النار عليهم، يوم الخميس (28 نوفمبر)، فيما يعد تصعيداً كبيراً في التعامل مع احتجاجات العراق.
وسبق أن انتقد السيستاني، في 15 نوفمبر 2019، محاولات التهرب من تنفيذ مطالب المتظاهرين المناهضين للحكومة، قائلاً: إنه “لم يتحقق على أرض الواقع من مطالب المحتجين ما يستحق الاهتمام به”.
ويبرز السيستاني كأبرز مرجعية دينية، ويفتي فتاوى سياسية ذات أثر بالغ على الأوضاع السياسية في المشهد العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين والغزو الأمريكي، ثم سيطرة إيران على الحالة السياسية في البلاد، رغم أنه نادر الظهور علناً، في حين كانت آخر صورة له في نوفمبر 2019، أثناء استقباله وفداً أممياً.
من هو السيستاني؟
هو علي بن محمد باقر بن علي الحسيني السيستاني، ولقبه السيستاني نسبة إلى محافظة سيستان في إيران، وهو واحد من أكبر المرجعيات الدينية للشيعة في العراق والعالم، خلف أبا القاسم الخوئي في زعامة الحوزة العلمية في النجف.
ولد السيستاني عام 1930 في مدينة مشهد الإيرانية، في عام 1949 انتقل إلى مدينة قم في إيران ليكمل دراسته العلمية، وفي العام 1951 هاجر إلى مدينة النجف في العراق وحصل على إجازة بالاجتهاد من شيخيه أبي القاسم الخوئي، وحسين الحلي.
وكان البحث عن خليفة الخوئي هاجساً كبيراً لدى الرموز الشيعية في النجف والحوزات الأخرى، إلى أن اختار الخوئي السيستاني للصلاة في محرابه في جامع الخضراء، فبدأ يذيع صيته في أوساط العامة بعد أن كان محصوراً في الأوساط العلمية والحوزوية.
وبعد أن توفي الخوئي عام 1992، تصدر السيستاني لرئاسة المرجعية الدينية، وتزعم الحوزة العلمية في العراق؛ بإرسال الإجازات، وتوزيع الحقوق، والتدريس على منبر الخوئي في مسجد الخضراء.
للسيستاني مؤلفات متعددة، ويعد السيستاني من أكبر الشخصيات النافذة في العراق؛ نظراً لامتداد مرجعيته الدينية، فكان له دور كبير في كثير من التحولات السياسية بعد تغيير النظام عام 2003، وأطلقت عليه الصحافة الأوروبية لقب “دالاي لاما الشيعة” لمكانته.
لم يكن له أي نشاط واضح خلال فترة حكم الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، ولكنه بعد الحرب مع إيران فرض عليه الإقامة الجبرية في منزله الواقع في مدينة النجف.
ورغم ما يقوله مؤيدو السيستاني عن ابتعاده عن السياسة، فقد دعم قائمة الائتلاف العراقي الموحد التي تتركز القوة فيها للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وحلفائه، ما دعم هذه القائمة كثيراً في الانتخابات العراقية الأولى بعد سقوط نظام صدام حسين.
أكثر ما يثير الجدل حوله هي فتواه بخصوص عدم مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق، عام 2003؛ لما اعتبره أنها مضرة بمصالح الشعب، مبيناً أن المقاومة يجب أن تكون سلمية فقط.
وبعد الغزو الأمريكي وجه السيستاني رسالة إلى الشعب العراقي داعياً لتجاوز هذه الحقبة العصيبة دون الوقوع في شرك الفتنة الطائفية والعرقية، كما دعا الحكومة إلى تجاوز خلافاتها وعدم الحكم على أساس طائفي أو عرقي حتى يستعيد العراقيون السيادة الكاملة على بلدهم.
في يوليو 2014، بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل وغيرها من المدن العراقية أفتى السيستاني بالجهاد ضد تنظيم الدولة، ودعا العراقيين إلى حمل السلاح ومقاتلة “الإرهابيين”، مما دفع بالآلاف إلى التطوع للتدرب على حمل السلاح، وتشكلت مليشيات الحشد الشعبي (متهمة بارتكاب جرائم حرب)، وأثارت الفتوى حفيظة أطراف في العراق من أن يجري تفسير هذه الفتوى على أنها موجهة ضد السنة في البلاد، حيث إن (تنظيم داعش يزعم أنه من المذهب السني).
وفي انتخابات 2010 و2014، جدد مواقفه بعدم دعم أي قائمة أو شخصية مرشحة، ودعا إلى انتخاب الأصلح والأنزه، في حين دعا السيستاني -لأول مرة في تاريخ المرجعية المحافظة- إلى قيام دولة مدنية (أول مرجع شيعي في القرن الـ20 والـ21 يدعو إلى تشكيل دولة مدنية).
وللسيستاني علاقات جيدة جداً مع إيران، حيث التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني، في مارس 2019، وهو لقاء لم يحظَ به رؤساء إيرانيون سابقون، ولا قادة أمريكيون؛ على حد سواء.
(المصدر: الخليج أونلاين)