مقالاتمقالات مختارة

القدس.. ثابت لا يقبل التفاوض والمساومة

 

بقلم غسان مصطفى الشامي

 

تواجه القدس هذه الأيام حملة مسعورة من قبل الصهاينة والأمريكان.. حملة تستهدف كيانية القدس وهويتها ووجودها وتستهدف أصولها وجذورها الإسلامية الفلسطينية؛ هذه البقعة الطاهرة القدس وهذا المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين لا يقبل التفاوض أو المساومة ولا يقبل القسمة والتقسيم.

اليوم القدس تواجه وحدها مخططات المساومة ومخططات التقسيم ومخططات التهويد ومخططات الفصل والانفصال عن أرض فلسطين المبارك، وها هو الرئيس الأمريكي (المجنون) (ترامب) يعلن إزالة القدس عن طاولة (المفاوضات) الوهم والسراب، التي تجري منذ عام 1991 بين مجموعة مفاوضين يمثلون الجانب الفلسطيني والجانب (الإسرائيلي) ونتيجة هذه الأعوام من المفاوضات والمباحثات صفر كبير، حيث لم يأخذ الفلسطيني أي حق من حقوقه في ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي وإمعانه في جرائمه بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ومواصلة جرائم الاستيطان والتهويد على أرضنا الفلسطينية.

ولم يعد أي كلام أو فعل لفريق مفاوضات أوسلو (البؤساء)، هذا الفريق الذي بيع عليه الوهم والسراب الكبير تحت مسمى دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، حيث أعلنها الرئيس الأمريكي (الأرعن) ترامب الأسبوع الماضي -في رسالة للمفاوض الفلسطيني- أن القدس قد تمت إزالتها  عن طاولة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي). وهذا الإعلان الخطير يعد بمثابة ضربة أمريكية كبيرة لجهود سبعة وعشرين عاماً من المفاوضات والجري وراء سراب المباحثات السياسية، والوعود الأمريكية بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

بعد حديث الرئيس الأمريكي ترامب في موضوع القدس لم يعد يجدي نفعاً التعويل أو الرهان على مسارات التفاوض والخطوط والقنوات التفاوضية بين الاحتلال وسلطة أوسلو، في الحصول على حقوق شعبنا الفلسطيني، ولم يتبق من مواضيع سياسية فلسطينية هامة على طاولة المفاوضات بعد الإعلان الأمريكي إزالة قضية القدس؛ وقد نجح الصهاينة وصناع القرار الأمريكي في تمريرها على المفاوض الفلسطيني وفريق عباس وزمرته البائسة.

يؤكد الكاتب أن الهدف الصهيوني الأمريكي من المفاوضات مع الفلسطينيين هو وقف انتفاضة الشعب الفلسطيني، ووقف ثورته ضد الاحتلال الصهيوني، وسرقة المزيد من أرضنا الفلسطيني وبناء المستوطنات عليها.

لقد جاء إعلان الرئيس ترامب تتويجاً للأوهام والأكاذيب التي تسوقها الإدارة الأمريكية منذ أكثر من عشرين عاماً بخصوص المفاوضات على القدس، بحيث تكون عاصمة الدولة الفلسطينية (المنصوص عليها) في اتفاقات المفاوضات بين فريق أوسلو والكيان الصهيوني.

والمفاوضات كانت أكذوبة كبيرة على شعبنا  منذ بداياتها بمفاوضات مدريد عام 1991، ومروراً بمفاوضات أوسلو عام 1993، حيث إنه في نهاية المطاف وعد المجتمع الدولي الرئيسَ الراحلَ أبو عمار بدولة فلسطينية مستقلة عام 1999، ولم يتحقق الوعد، ولم يحصل الرئيس الراحل أبو عمار على أي شيء منها؛ بل إن الكيان الصهيوني لم يُسلِّم لسلطة أوسلو المناطق المتفق عليها ضمن الاتفاقية والمصنفة (ج)، حيث إن المستوطنات الصهيونية أكلت الأخضر واليابس في الضفة، وأيضاً غزة لم تُسلَّم بالكامل، وقد كان هناك عدد من المستوطنات، وانسحبت بفعل صواريخ المقاومة عام 2005.

استطاع الصهاينة والأمريكان تأجيل الحديث في موضع القدس على طاولة المفاوضات وتأخيره، وذلك بهدف استكمال مشاريع الاستيطان والتهويد، حيث كانت لهذا التأجيل نتائج كارثية على القدس والمسجد الأقصى؛ إذ قام الصهاينة بتوظيف هذا التأجيل زمانياً وسياسياً، وبدؤوا يسابقون الزمن في تهويد و(أسرلة) المدينة، وإغراقها بالمستوطنات، والإمعان في سياسة فرض الأمر الواقع، وتغيير الحقائق والمعالم على الأرض، وبدأت بشن حرب لا هوادة فيها على الوجود المادي والمعنوي للمقدسيِّين.

إذاً تكشفت المؤامرة مثل عين الشمس، ونجح الصهاينة والأمريكان والأوربيون في بيع الوهم والسراب للمفاوِض الفلسطيني، واستطاعوا خلال سبع وعشرين عاماً، إحكام السيطرة على الأرض الفلسطينية، وإحاطة الضفة الغربية بآلاف الوحدات الاستيطانية، وتكثيف مشاريع تهويد القدس حتى استكمال مخططات القدس 2020، وهو ما يعمل عليه الصهاينة بكل شراسة، وسط العمل على إشغال العالم والفلسطينيين، على مدار الساعة، بالمشروع الأمريكي الجديد للمنطقة (صفقة القدس).

لقد تكالب الأمريكان والصهاينة والملحدون والفجّار على القدس؛ من أجل تهويدها وتدميرها، وبنو العرب في ملذاتهم وشهواتهم غارقون، همهم الكبير الحفاظ على الكرسي والحكم من السقوط والتدنيس. ونسأل الله أن يحفظ القدس والمسجد الأقصى من شرورهم ومكائدهم، وأن يبعث للأقصى من يحرره من دنس المحتلين الصهاينة.

إن قضية القدس هي القضية الأساسية والكبرى في صراعنا مع الاحتلال الصهيوني، وهي من الثوابت، ويعد التنازل عن ذرة تراب فيها خيانة كبيرة للشعب والأرض والهوية، فهي لا تخضع للتفاوض أو المساومة.

 

(المصدر: الخليج أونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى