الفلسفة القرآنية العملية
بقلم الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله-
فما الحال إذا نشط الكافرون وكسل المؤمنون ؟
ما الحال إذا كانت أيدي غيرنا لبقة في الفلاحة والصناعة والتجارة والإدارة ، وكنا نحن مكتوفي الأيدي في تلك الميادين كلها ؟
أينتصر الإيمان بهذا التبلد العقلي و التماوت المادي والأدبي ؟ أم يدرکه الخذلان في كل موقعة ؟
إن الواقع الأليم يتكلم فلنسکت نحن .
كم يغيظني أن يكلف الأنبياء بصناعات الحديد ،
وأن يطالبوا بتجويد الات الحرب وإتقانها ، وأن يتعلم الصالحون الرمي وإصابة الهدف وأن يكونوا خبراء ببناء الحصون وتشييد الاستحکامات العسكرية .. الخ بينما صالحونا لا يدرون عن ذلك شيئا إن إصابة الأهداف
من الأرض إلى الأرض ، أو من الأرض إلى الجو ،
أو من البحر إلى البر ، .. الخ تتطلب علوما كثيرة من طبقات الأرض ، إلى طبقات الجو ، و من الهندسة ، إلى الطبيعة ، والكيمياء ، و الفلك أكان داود يعبث عندما قيل له
{ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ }
أكان ذو القرنين , يعبث ، عندما أوقد الأفران ، وصهر المعادن ، وأقام خطا من الحصون المنيعة ؟
أكان محمد الفاتح يعبث عندما سير السفن على اليابسة وأكمل الحصار على خصومه ؟
إن الذين يحسبون علوم الكون والحياة علوما طفيلية على دين الله ويظنون العبادة حمل السبح وتحريك حباتها بكلمات جوفاء ناس عميان لا وزن لهم ..مستضعفون صغار لاحلوم لهم … فلا تغرنك أيد تحمل السبحا
لو تعقل الأرض ودت أنها صفرت..منهم ،
فلم ير فيها ناظر شبحا
ولن يبصر المسلمون الطريق ، إلا إذا عادوا إلى الفلسفة القرآنية العملية ، وفقهوا قوله تعالى :
{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)