مقالات مختارة

الفرق بين الشرط والركن والسبب عند الأصوليين

 بقلم أبو الحسن هشام المحجوبي

الحمد لله معلِّم الأصول، ومبيِّن سبيل الفلاح والوصول، والصلاة والسلام على خير نبيٍّ ورسول، وعلى آله وصحبه أهل الدين والعُقول.

وبعد، فإنَّ من الحكْم الوضعيِّ – الذي عرَّفه الأصوليون بالخطاب الشرعي المتضمِّن كلًّا من الصحيح والباطل، والشرط والركن، والسبب والعِلَّة والمانع، والرخصة والعزيمة – موضوعَ الفرق بين الشرط والركن والسبب؛ لتقاربهم في بعض الأوجه.

الشرط لغة: العلَامة؛ نقول: أشراط الساعة؛ أي: علاماتها؛ قال تعالى: ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾ [محمد: 18].

الشرط اصطِلاحًا: وفي اصطلاح الأصوليِّين: هو الذي يلزم مِن عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم.

وبالمثال يتَّضح المقال: دخول وقت الصلاة مِن شروط الصلاة، فإنْ صلَّى الإنسان قبل دخول الوقت، فصلاته باطلة، فهذا معنى قولهم: “يلزم من عدمه العدم”؛ أي: يلزم من عدم تحقُّق الشرط عدم صحة الصلاة، ومعنى قولهم: “لا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم”؛ أي: إذا دخل وقت الصلاة، فلا يلزم مِن ذلك أداء الصلاة أو عدمها، فقد يتحقَّق هذا الشرط ولا يتحقَّق العمل؛ إما بعدم أدائه أصلًا، أو بإبطاله بترك ركن مِن أركانه.

والأصل أن ناسي الشرط أو الجاهل به لا يأثم بتركه، ويلزمه أداء عمله بعد تذكُّره أو العلم به، فمثلًا: من نسي الوضوء عند أداء الصلاة، لزمه إعادتها عند تذكُّره ولا إثم عليه، ويُستثنى من هذا الأصل بعضُ الشروط التي دلَّ الدليل على أنه لا يلزم إعادة عملها بعد تذكُّرها؛ كشرط طهارة الثوب والمكان من النجاسة قبل أداء الصلاة.

وينقسم الشرط في اصطلاح الأصوليين إلى شرط صحة، وشرط وجوب.

  • شرط الصحة: بيَدِ الإنسان؛ كالوضوء، وستر العورة؛ من شروط الصلاة.
  • شرط الوجوب: أما شرط الوجوب، فهو الذي ليس بيده؛ كدخول وقت الصلاة.

وأما الركن لغة: فهو العمود؛ نقول: ركن البيت؛ أي: عموده الذي يقوم عليه.

وفي اصطِلاح الأصوليين: هو الذي يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم داخل العمل؛ فمثلًا: الركوع في الصلاة من أركانها بالإجماع المتيقَّن، فإن توفَّرت جميع أركان الصلاة، فالصلاة صحيحة، وإن انعدم ركن واحد منها، فالصلاة باطلة؛ أي: يلزم من وجود الأركان وجود الصحة، ومن عدمها عدم الصحة.

وأما السبب لغة: فهو الحبل.

وفي اصطلاح الأصوليين: هو الذي يَلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم خارج العمل؛ مثال:

من شروط عدالة الراوي: السلامة مِن أسباب الفسق، وأسبابُ الفِسْق هي كبائرُ الذنوب، فيَلزم من وجودها وصْف الفسق، وينعدم بانعدامها، وهي خارجة عن ماهية الفسق.

ومن الأمثلة: النسَب من أسباب الإرث؛ فإن توفَّر يلزم حق الإرث، وإن انعدم ينعدم حق الإرث، وهو خارج ماهية الإرث.

فيتبيَّن في الآخر أن الشرط والسبب يَكونان خارج العمل، والركن يكون داخل العمل، والشرط لا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم، وأما الركن والسبب، فيَلزم من وجودهما الوجود.

وصلَّى الله وسلَّمَ وبارَكَ على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

المصدر: شبكة الألوكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى