الفجوة بين الأقوال والأفعال!
بقلم أ. د. فؤاد البنا
جلبت وسائل التواصل الاجتماعي إلى حياة الناس الكثير من الإيجابيات، لكنها أوجدت الكثير من السلبيات، ومنها تضخيم بعض الآفات الموجودة في مجتمعاتنا المتخلفة، مثل آفة الانفصام بين الأقوال والأفعال، فقد وسّعت الفجوة القائمة حتى صارت مسافة شاسعة، إذ ازداد الذين يقولون ما لا يفعلون وتفاقمت مشكلتهم بصورة أكبر، وكثر الذين يُحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، متباهين بأقوالهم وكأنها إنجازات قائمة بحد ذاتها، ودون أن يحسوا بأدنى خجل وهم يصنعون من أفعالهم القبيحة وحوشاً تلتهم أقوالهم الجميلة، ما دام الآخرون لا يرون ذلك التناقض ويُزينون منشوراتهم بإعجاباتهم!
وكان الشاعر الطغرائي قبل قرون عديدة قد ندّد بالتباين الذي رآه منتصباً بين الأقوال والأفعال، فقال:
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت مسافة الخلف بين القول والعمل!
فماذا عساه كان يقول لو عاش في عصرنا وشاهد التباين الحاد بين الواقع الذي يعجّ بأقبح الفعال وبين وسائل التواصل الاجتماعي التي تزخر بأجمل الأقوال؟!