العيسى خطيب يوم عرفة…هل للتطبيع والديانة الإبراهيمية من علاقة؟
بقلم ياسر سعد الدين
تم الإعلان رسميا عن أن د محمد العيسى عضو هيئة كبار العلماء الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي سيكلف بالخطبة والصلاة يوم عرفة بمسجد نمرة لهذا العام، فهل هناك رسائل سياسية تود السعودية إرسالها عبر استغلال المنبر الإسلامي الرفيع في يوم يعتبر الأعظم في التقويم الإسلامي؟ وهل هناك رسائل تطبيعية تريد الرياض إرسالها عبر يوم عرفة كسعي للحصول على الإعتراف الدولي بالملك الشاب القادم؟ وهل هناك أيضا من يريد استخدام خطبة عرفة للترويج للديانة الإبراهيمية بطريقة غير مباشرة، تلك الإطروحات والتي تستهدف الإسلام عقيدة وشريعة؟؟
لعل استعراض مواقف العيسى ورابطته في الإعوام الأخيرة قد تساعد في الوصول على إجابة عن تلك التساؤلات. غاب صوت رابطة العالم الإسلامي عن قضايا المسلمين منذ سنوات، ولم تسجل الرابطة موقفاً صريحاً يساند المضطهدين والمظلومين في العالم الإسلامي وفي غيره، لا في فلسطين، ولا في حصار غزة، والانتهاكات بحق المدنيين، وقتل المدنيين في اليمن والعراق، أو جرائم بشار الأسد أو في ما تعرض ويتعرض له المسلمين في بورما الصين والهند.
• في أبريل 2018، زار محمد العيسى متحف تخليد ذكرى المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، برفقة قادة مسلمين من أكثر من 24 بلدا. وقال الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، ديفيد هاريس، إن الرحلة تمثل أرفع وفد على الإطلاق لزعماء دينيين مسلمين يقومون بزيارة أوشفيتس.
• وفي يناير 2020، زار محمد العيسى بمرافقة وفد معسكر “أوشفيتز” النازي في بولندا، للمشاركة في الذكرى الـ 75 لتحرير سجنائه، وفي ختام الزيارة أمّ صلاة جماعة مع وفده في المعسكر. محمد العيسى صرح أن الحديث حول المحرقة (الهولوكوست) حديث في الحقائق التاريخية الموثقة التي تعلو فوق الاعتبارات السياسية، مطالباً بـ”منطق الحق والعدالة” في النظر إلى الجريمة النازية، التي وقع ضحيتها 6 ملايين يهودي.
• في مقابلة مع شبكة Fox News الأمريكية إبريل 2022 قال محمد العيسى، إن إجراء محادثات مع قادة دينيين يهود ومسيح وكاثوليك أمر بالغ الأهمية، إلا أن رابطة العالم الإسلامي تريد القيام بالمزيد من المشاريع العالمية واسعة النطاق مع ديانات ودول مختلفة أخرى. وأضاف: “أدركنا منذ فترة طويلة الصداقة والاحترام الحيويين بين الديانتين الإسلامية واليهودية”.
• في حوار مع مجلة “لو جورنال دو ديمانش” الفرنسية في نوفمبر 2020 قال محمد العيسى، إن على “مسلمي فرنسا احترام قوانين الجمهورية أو الرحيل”، والمقصود هنا تبنى النظرة الفرنسية المغالية في العدوانية للإسلام والتي تحارب الحجاب وتفتح الباب على مصراعيه للتعدي على مقدسات المسلمين وحرماتهم تحت شعارات زائفة.
• وفي أغسطس 2021 أعلنت الرابطة بزعامة العيسى توقيع اتفاق شراكة استثنائية مع معهد توني بلير للتغيير العالمي، لجمع رؤيتي المؤسستين. وأشارت الرابطة إلى أنها ستعمل مع بلير على مدى السنوات الثلاث المقبلة، على تقديم برنامج عالمي لتزويد 100 ألف شاب بين أعمار 13-17 بمهارات التفكير والنقد، في 18 دولة، لمواجهة تحديات فرص المستقبل وفق وصفها. كما سيعمل البرنامج من خلال شبكات المدارس وشركاء التعليم حول العالم على تدريب أكثر من 2400 معلم على “مهارات الحوار مثل التفكير الناقد، والاستماع النشط، والتواصل العالمي، لنقل هذه المهارات إلى طلابهم، وبذلك سيسهم البرنامج في بناء قدر أكبر من التفاهم المتبادل والتسامح والثقة بين الشباب ومجتمعاتهم، وتصحيح المفاهيم حول التنوع الديني والثقافي”. ومن المعروف أن لبلير مواقف عدائية من العالم الإسلامي وهو مجرم حرب شارك في تدمير العراق وأفغانستان، وله تصريح يقول فيه: “رغم تراجع الهجمات الإرهابية، لا يزال الإسلام السياسي سواء من حيث الأيديولوجيا أو العنف تهديدا أمنيا من الدرجة الأولى”، محذرا من أنه “سيصل إلينا، دون رادع، حتى لو تمحور بعيدا عنا”.
• في فبراير 2022 حضر محمد العيسى، صلاة بوذية في تايلند. ونشرت وسائل إعلام تايلندية، صورا تظهره إلى جانب شخصيات من الرابطة ، داخل معبد بوذي، وأوضحت مواقع تايلندية أنه تم الاحتفاء بالعيسى من قبل الراهب البوذي الكبير سومديج فرا، وأضافت أن الطرفين اتفقا على أن اللقاء يجب أن يدعم السلام بين البشرية بمختلف أديانهم.
• في مايو 2022 وفي الوقت الذي يضطهد فيه الهندوس مسلمي الهند بالقتل والتنكيل والاعتداء وإهانة شعائر المسلمين، استقبل العيسى في الرياض سادغورو والذي يعرف بأنه الأب الروحي للهندوسية، وكان استقبالا حارا وقال العيسى لضيفه بعد عناقه كنا نحبك قبل أن نراك ولما رأينا أحببناك أكثر.
هذا غيض من فيض، من مواقف العيسى والتي هي أكثر بكثير من أن تكون مثيرة للجدل فحسب، ففي الوقت الذي يتباكى فيه على الهولوكست ويدعو للحوار مع الجميع، يعلن دعمه للسيسي في ما اسماه بالحرب على الإرهاب ولا يطلب ولو همسا بالإفراج والحوار مع عشرات من العلماء والمفكرين والأكاديميين والكتاب والذي تضج بهم سجون الأنظمة العربية ظلما وقهرا وعدوانا.
المصدر: رسالة بوست