للعام الثالث على التوالي، حل عيد الفطر المبارك واليمن يعيش تحت وطأة نزاع دام، وعلى الرغم من تدهور الأوضاع الإنسانية، إلا أن غالبية السكان كانوا حريصين على الاحتفاء به تحت قاعدة “إن العيد لمن استطاع إليه سبيلا”.
وخلافا للأعياد السابقة، جاء العيد الحالي ونحو مليون و200 ألف موظف حكومي يعيشون بدون رواتب منذ 10 أشهر، ما جعل رقعة الفقر تتسع بشكل غير مسبوق، ليصبح ثلثي سكان البلد الفقير (27 مليونا)،
على شفا مجاعة، ولا يعلمون ما إذا كانوا سيتناولون وجبة تالية أم لا، وفقا للأمم المتحدة.
وعلى الرغم من كل الظروف السوداوية، والتي فاقمها تفشي وباء الكوليرا، إلا أن اليمنيين حرصوا على استغلال عيد الفطر لاقتناص لحظة فرح، هم في أمس الحاجة إليها، وبدت الأسواق مكتظة بالمتسوقين.
وبدا طبق الحلوى أو ما يعرف بـ”الجعالة” في العاصمة صنعاء ومدن الشمال اليمني، من الأساسيات التي يحرص اليمنيين على حضورها في منازلهم لاستقبال “عيد مُر” بكل المقاييس، حتى وان تخلوا عن طقوس أخرى كانت بالنسبة لهم هامة قبل الحرب.
وشهدت المستودعات الخاصة بحلوى العيد في صنعاء، إقبالا ملحوظا من اليمنيين، لاقتناء أصناف الحلوى التي يتم تنويعها في أطباق مخصصة يتم تقديمها للضيوف خلال أيام العيد.
وقال” أحمد الحطامي”، وهو موظف حكومي للأناضول، إن طبق الحلوى “هو آخر الملامح التي يتمسك بها غالبية اليمنيين والتي تدل على أنهم يعيشون في أيام عيد”.
وأضاف” لم يعد أمامنا سوى هذه الحلويات لاستقبال العيد الباهت والمُر بكل المقاييس، نحن مجبرون على شرائها من أجل أطفالنا، ومن أجل المحافظة على أدنى طقوس الأعياد والتي اندثرت بسبب الحرب، وحضورها يشعرنا بأننا ما زلنا على قيد الحياة”.
ووفقا للحطامي، فقد استغل غالبية موظفي الدولة ما يُعرف بـ”البطاقة التموينية” التي سلمتها لهم حكومة الحوثيين بدلا عن الرواتب، في شراء حلوى العيد من تلك المولات التجارية التي تم التعاقد معها،
لافتا إلى أن طبق الحلوى حضر هذه المرة فيما غابت أساسيات كثيرة على رأسها الملابس.
ويتكون طبق “الجعالة”، الذي يحرص اليمنيون على تقديمه، من الزبيب، واللوز والفستق وقطع الكعك المصنوعة في المنازل.
ووفقا لأحمد الحبابي، وهو مالك مستودع لبيع الزبيب واللوز والحلويات في صنعاء، فقد حرص غالبية السكان على اقتناء حلوى العيد، وإن لم يكن بالطريقة المعهودة خلال الأعوام الماضية.
وقال الحبابي للأناضول ” جرص الناس سابقا على شراء كافة أصناف الحلوى من زبيب وفستق ولوز وحبوب الفول المقلية (الصويا)، والأصناف الفاخرة منها، وهذا العام تم الاقتصار على صنف أو صنفين، لكنهم كانوا حريصين على وجود الطبق في منازلهم”.
وذكر الحبابي، أن الزبيب اليمني الفاخر والمعروف بـ”الرازقي” وكذلك اللوز الخولاني، كان محصورا على الميسورين، لارتفاع سعره الذي يصل 5 آلاف ريال للكيلو غرام (17 دولارا)، وهو ما يجعل الغالبية
يتجهون لشراء الزبيب واللوز المستورد والذي يكون في متناول الجميع، نظرا لأسعاره الرخيصة، رغم تفاوت المذاق بين النوعين.
ويتم تجهيز الزبيب اليمني من مزارع خاصة بمحيط العاصمة صنعاء التي تشتهر بانتاج العنب، ووفقا لمزارعون، يتم تجفيف العنب وخصوصا “الرازقي” و”الأسود”، لفترة تتراوح
من شهر إلى شهرين، ليتحول بعدها إلى “زبيب” له فوائد صحية عديدة، وفوق ذلك يكون سيد طبق حلوى العيد في البيت اليمني وأبرز الهدايا التي يتم إرسالها إلى خارج البلد.
(المصدر: الاسلام اليوم)