بقلم : خالد مصطفى
تفجرت مرة أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية موجة جديدة من موجات العنصرية ضد السود عندما وثق عدد من الأشخاص بالفيديو مقتل رجلين من السود على أيدي الشرطة ثم تم قنص عدد من رجال الشرطة البيض واندلعت مظاهرات عارمة تطالب بحقوق السود في بلد يحكمه رجل أسود!..
وهي حادثة متكررة وتكشف عن أزمة واسعة في المجتمع الأمريكي الأبيض وهي عدم قبوله للسود حتى الآن رغم أنه قبل الكثير من العرقيات الأخرى بداخله ولو على مضض إلا أنه وقف أمام السود بالتحديد كعرق وظلت هناك الكثير من الحواجز بينهما…
الرجل الأبيض في الغرب يشعر بمزية خاصة عن غيره من العرقيات سواء ذكر ذلك بلسانه أو لم يذكره ولكنه يمارسه بالفعل في حياته العملية وما تزايد الانتماء لمجموعات اليمين المتطرف المنتشرة الآن في الغرب إلا دليل بسيط على ذلك الأمر…المشكلة ليست فقط في المواطنين العاديين ولكن تتعداها للسياسيين فهناك ظاهرة تتنامى بقوة وهي وجود زعماء سياسيين ينتمون لهذه الأفكار وفي داخل الولايات المتحدة نفسها التي تقدم نفسها للعالم على أنها “واحة الحريات والتنوع العرقي”! فقد ظهر دونالد ترامب كرجل عنصري بامتياز وتصدر قائمة المرشحين للرئاسة عن الحزب الجمهوري وها هو يتنافس بقوة على الوصول للبيت الأبيض…
قد يتساءل البعض فما بال الرئيس القابع منذ 8 سنوات في البيت الأبيض وهو من السود؟! والحقيقة أن أوباما جاء في هذا الموقع من أجل التستر على العنصرية وليس من أجل إزاحتها عن الطريق فالمجتمع الأمريكي من كثرة التضليل حول هذه القضية يحاول إخفاءها بعيدا عن الأعين بشتى الطرق ولو باختيار رئيس أسود للكذب على نفسه وعلى العالم بشأن زوال الأزمة القائمة منذ عشرات السنين بين الببيض والسود في المجتمع…الأمريكيون يعرفون أن الأزمة قائمة داخل النفوس ولا يستطيعون إزالتها بسهولة فهناك حواجز دينية وثقافية ونفسية تمنعهم من التعامل مع الأمر ببساطة ولكنهم يخافون من مواجهة أنفسهم ويفضلون الهرب مما جعل الأمر يتفاقم وينفجر بين الحين والآخر فالأمريكي الأبيض لا يريد أن يعترف بكراهيته للسود خوفا من اتهامه بالعنصرية وعدم التحضر كما أن السود يعلمون جيدا أنهم لم ولن يحصلوا على حقوقهم كاملة من هذا الرجل الأبيض الذي أذاق أجدادهم العذاب أصنافا في يوم من الأيام واستعبدهم واستحل نساءهم….
جزء من العنصرية ضد السود في أمريكا هي الاختلاف الديني والثقافي وهي نفس النظرة التي أصبحت توجه ضد المسلمين الآن في أمريكا فالرجل الأبيض لم يعد مقتنعاإلا بثقافته ودينه هو فقط ويعتريه الشك في أي دين أو ثقافة مغايرة وأصبحت أمريكا التي كانت تعد من أكثر البلاد في إتاحة الحريات الدينية تمنع بناء المساجد أحيانا أو تضع عراقيل أمام بنائها وتضيق على المحجبات في مجال العمل بل وتفصل بعضهن وبعض الملتحين أيضا لأنهم يبرزون هويتهم الدينية…هل هي انتكاسة تشهدها أمريكا؟ أم أنها مشاكل راسخة كانت في أعماق المجتمع وظهرت على السطح الآن نتيجة لسخونة الأحداث الجارية؟..
الأرجح أنها الإجابة الثانية حيث يؤكد الكثير من الأمريكيين البيض أنهم يعانون كثيرا في التعامل مع السود وبعض الأعراق الأخرى مثل أهالي أمريكا الجنوبية مثلا كما يشير البعض إلى توجسهم خيفة من المسلمين خصوصا مع ما تشهده بعض المناطق من هجمات تنسب دائما للمسلمين…
تصاعد شعبية ترامب العنصري المتطرف في أمريكا جزء أساسي في تأكيد تنامي الأزمة وزيادتها بل وبحثها عن مشروعية قانونية وهو ما يشير إلى إمكانية حدوث زلزال داخل المجتمع الأمريكي قد يؤدي إلى تفتيته والعبث بقوته الظاهرية التي كانت قائمة على شعارات وعبارات رنانة مع مرور السنوات تبين أنها لا مدلول لها في الواقع….فهل تكون العنصرية والأزمة مع السود القشة التي تقصم ظهر الطغيان الأمريكي؟!