بقلم أسامة زيد بن سليمان الدريهم
“قاء” أحرفه قبيحةَ اللون، سيئة الطعم، كريهة الرائحة؛ حتى غلب “النَّجَس” لونَ حديثه وطعمه ورائحته!
سقط القناع، وهوى إلى القاع؛ لما قال: إنَّ (العلمانية سبيل التعايش، وملاذُ العقلاء من هذا الخراب والإرهاب، اغترفوا من صفاء العلمانية الحقَّة؛ فهي مصير حتميٌّ لبلداننا لتجنُّب الكوارث)!
هذا الأسلوب (المموَّه المخادع) من أساليب العلمانية – لم يكن أسلوبًا جديدًا؛ بل سبقه لذلك أسلافه من قريش لما قالت: ﴿ إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ﴾ [القصص: 57]؛ فإن الحارث بن عثمان بن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّا لنعلمُ أن قولك حقٌّ، ولكنا نخاف إن اتبعنا الهدى معك، وآمَنَّا بك أن يتخطَّفنا العرب من أرضنا، ولا طاقة لنا بهم، وإنما نحن أَكَلَةُ رأسٍ)؛ أي: إنَّ جمْعَنا يشبعه الرأسُ الواحد من الإبل.
سمَّوه في ظاهر الأمر: هدًى، مع عدم إيمانهم!
وما منعهم من ذلك الهدى إلا خشيةُ أن تُنكر العرب عليهم رفض الأوثان، وفراقَ حكم الجاهلية، فتتخطَّفهم من أرضهم!
واليوم يزعمون أيضًا بأن الإسلام والعلمانية سواء، وأن الأخذ بها لم يكن إلا مخافة أن يتخطَّفنا العالم الدوليُّ!
﴿ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [البقرة: 118].
قال ابن عاشور رحمه الله: (هذه بعض معاذيرهم، قالها فريق منهم ممن غلبه الحياءُ على أن يكابر ويجاهر بالتكذيب، وغلبه إلفُ ما هو عليه من حال الكفر على الاعتراف بالحق، فاعتذروا بهذه المعذرة(.
ثم قال جل ذكره: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 57]، (أن تلك نعمة ربانية، ولكن أكثرهم لا علم لهم؛ فلذلك لم يتفطنوا إلى كُنه هذه النعمة، فحسبوا أن الإسلام مفضٍ إلى اعتداء العرب عليهم؛ ظنًّا بأن حرمتهم بين العرب مزية ونعمة أسداها إليهم قبائلُ العرب)[1].
وأتْبَعَ سبحانه ذلك بقوله: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص: 58]، (لما أخبر تعالى أنه قادر على التأمين والإنجاء والتمكين مع الضعَفَة، أتبعه الإعلام بقدرته على الإخافة والإهلاك مع القوة؛ ترغيبًا لهم – إن آمَنوا – بإهلاك أضدادهم، وترهيبًا – إن أصروا – من المعاملة بعكس مرادهم)[2].
وقفة:
قال د. فهد بن صالح العجلان:
(إشكالية الفكر الإسلاميِّ مع العلمانيين لم تكن في الأساس لأنهم لا يؤمنون بالله، أو يقتلون من يصلي، ونحو هذا، فهؤلاء خلافنا معهم في الإسلام، وأما العلمانية، فخلافنا معهم في حكم الإسلام وتفسيرهم للإسلام، فلا معنى لأن يقول بعضهم: ثمَّة علمانية ملحدة وغير ملحدة؛ لأن الخلاف مع الملاحدة في شيء أخطر من الفكرة العلمانية).
(المصدر: شبكة الألوكة)