العلمانية وصناعة الفقر
بقلم عبد المنعم اسماعيل
قال تعالى : قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا .
العلمانية مذهب فكري، يقوم على أساس فصل الدين عن الحياة، والعمل على حاكمية الأهواء لعقول الجماهير ،من خلال الدفاع عن رؤية أوروبا للدين أثناء الثورة الصناعية التي ظهرت في أوروبا حيث نظرا لجهل وجاهلية الكنيسة الغربية التي نصبت العداء للعلم بصفة عامة والنظريات العلمية بصفة خاصة
ومن ثم كررت أوروبا الكفر بالدين مرتين مرة يوم أن انحرفت النصرانية ومرة اخرى يوم ان كرهت عموم الدين قياسا على ضلال الكنيسة ورهبانها .
العلمانية وآلياتها :-
تعتمد العلمانية على ترسيخ التبعية في شتى المحاور لتصبح الأنظمة الوظيفية الفاسدة بالرشوة والمحسوبية القائمة جزء من مخطط صناعة الفقر وتوظيفه لاستلاب العقول والتمكين للتبعية الاقتصادية عند شعوب المنطقة لتصبح عضوا استهلاكيا في منظومة الكيان الدولي.
فمنعت العلمانية الدول من السعي لامتلاك الرؤية طويلة الأمد أو قصيرة الأمد ومن ثم سقطت في تيه التجاذبات العشوائية التي تستنزف مقومات الأمة فيما يجعلها تابعة وسوق للدول الكبار فكان فقر أو إفقار العالم العربي والإسلامي له خطة مرسومة ومسار تسير عليه الشعوب طوعا أو كرها بالسلم أو بالحروب الخادمة لعجلة الاقتصاد للدول الكبار .
العلمانية تسعى بمكر عالي الى ترسيخ الخلل في المنظومات الفكرية والتعليمية من خلال تجريف المعرفة وأدوات صناعتها في واقع الحياة.
العلمانية تسعى بعمق لإدارة المشهد داخل الدول المحتلة ثقافيا وعلميا من خلال طابور من حراس التبعية للغرب ومدارسه التغريبية .
العلمانية تخطط بمكر نحو استدراج عقول الشعوب الفقيرة نحو الصدام الاستهلاكي للجميع.
العلمانية تؤسس لحراسة استمرار الانحدار المعرفي لدى أجيال الشعوب العربية والإسلامية من خلال دعم الحكم الشمولي والأحادية الديكتاتورية .
العلمانية تؤسس كياناتها في بلاد الغرب على قاعدة استيعاب العقول المهاجرة داخل البلاد العربية وتوفير محاضن علمية لمنع هجرتها العكسية نحو بلادهم.
العلمانية تؤسس لحراسة فكرة جيل الإمعة وهى الفكرة التي تجعل من الجيل العوبة في أيدي أصحاب رؤوس الأموال ومن ثم يصبح أسيرا يحكم فيه الأعداء حين يسقط في بحر التقليد في الضياع وليس تتبع سبيل نهضة الغرب ماديا أو علميا.
تؤسس العلمانية للقضاء على الهدف والطموح عند الأجيال المعاصرة وجعلها أدوات لمسح النهوض العلمي والعقلي في حياة الأجيال حتى يستثمر الأغنياء في انتكاسة الفقراء حين يفقدون الهمة والهدف والطموح وحراسة نجاحاتهم .
جيل الدهماء والتقليد والبطالة هو مادة بقاء جاهلية العلمانية الفاشية المتحكمة في الأجيال المعاصرة وكلما امتلكت الأمة والجماهير المسلمة الرؤية العلمية الرشيدة انحسرت العلمانية وقلت مظاهر الفقر والبطالة داخل المجتمع والأمة.
الاشتراكية صنم تأليه الحكومة والدولة وأداة ظالمة للشعوب لأنها تمنع الحقوق الفكرية والمادية لحق التملك عند الأفراد الذين تنظر الدولة لهم على أنهم أدوات خادمة لفكرة النظام القائم بصورته الاشتراكية.
ثم عمدت العلمانية إلى الترسيخ والتمكين للرأسمالية الفاشية التي جعلت البشرية تروس خادمة للشركات والمؤسسات العابرة للقارات وأصبح فقر أو إفقار بعض الشعوب وحرمانها من المعرفة أحد أهم أدواتها لصناعة الفقر الموظف لخدمة فئة على حساب البشرية عامة والمسلمين خاصة.
إن السعي لامتلاك العلم والفكر الناقل لواقع الأمة من التبعية إلى التحرر يمثل احد اهم التحديات وهذا الذي لم ولن تسمح به أمريكا والغرب .
البطالة والفراغ وتيه الإعلام والسطحية المتحكمة في عقول وسائل الاجتماعي تمثل البيئة الحاضنة لفكرة صناعة الفقر في الأمة.
إذا أرادت الأمة الحياة حتما تمتلك الفكرة الناقلة للواقع من التبعية إلى الريادة ثم الرؤية التي تصنع المنهجية لإعادة تربية العقول وإصلاحها نحو ملازمة حراسة التنمية العقلية، ووعي التدرج ،وتأسيس الشراكات بين الهيئات العلمية والكيانات والاقتصادية والاجتماعية.
إن الوعي بأهمية الاقتصاد لا يقل عن الوعي بأهمية سلامة الاعتقاد وكلاهما أهم أدوات الاستقرار الاجتماعي لأي أمة.
إن امتلاك الأمة لسيادتها فرع عن استقلال الأمة في عقيدتها الدينية والاقتصادية والاجتماعية .
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)