بقلم د. سلطان العميري.
كثيرا ما ينسب مذهب أهل السنة والجماعة إلى الحنابلة , ويربط بينهما عند المتأخرين ربطا مباشرا , حتى أضحى يعبر عن مذهب السنة بمذهب الحنابلة .
ومقتضى هذا التصوير والربط أن مذهب أهل السنة اصطبغ بصبغة مذهب فقهي محدد , وليس له امتداد حقيقي ومؤثر في المذاهب الأخرى .
وقد اتخذها كثير من المخالفين من أتباع الفرق الأخرى تكأة لذم مذهب أهل السنة ,بحجة أنه ليس مذهبا للأمة وإنما هو مذهب الحنابلة فقط .
والربط بين مذهب أهل السنة والحنابلة غير صحيح , وهو مخالف لمجريات التاريخ العقدي , ولطبيعة مذهب أهل السنة وانتشاره في الأمة .
ويمكن إثبات بطلان ذلك الربط بطرق كثيرة , ومن أهمها : رصد أهم المؤلفات في مذهب أهل السنة وتحديد المذهب الفقهي لمؤلفيها .
ولو فعلنا ذلك سنجد أن المذاهب الفقهية الأربعة كلها اشتركت في التأليف في مذهب أهل السنة وشرح منهجه وعقائده .
وبالرجوع إلى كتاب واحد من الكتب التي رصدت المؤلفات في عقيدة أهل السنة , وهو كتاب (تاريخ تدوين العقيدة السلفية) عبدالسلام برجس .
نجد أن المؤلفين من العلماء المجتهدين الذين لا ينتسبون إلى محدد بلغ عددهم (73) , والمؤلفين من الحنفية (4) ومن المالكية (14) .
ومن الشافعية (26) , ومن الحنابلة (28) , ولو رجعنا إلى طبيعة تلك الكتب ومقدار قوتها وأثرها في مذهب أهل السنة .
نجد أن من أكثر تلك الكتب تأثيرا في مذهب أهل السنة وأشدها حضورا في البحوث التداول السلفي = الكتب التي ألفها الشافعية .
ككتاب الصابوني والكناني والدارمي وابن خزيمة واللالكائي والسمعاني وقوام السنة الأصفهاني , وكل هؤلاء شافعية , ومنزلتهم في المذهب الشافعي عالية جدا .
ومن خلال الاستعراض المختصر السابق نكتشف بأن أتباع المذهب الشافعي لا يقلون عن أتباع المذهب الحنبلي في العدد والتأثير .
فضلا عن أن العلماء المؤلفين في عقيدة أهل السنة من أهل الاجتهاد أكثر عددا وأقوى تأثيرا .
وكل ذلك يدل على أن لمز مذهب أهل السنة بأنه مذهب للحنابلة أو أنه صنيع أتباع المذهب الحنبلي =غير صحيح وهو مجافٍ للحقيقة العلمية .