مقالاتمقالات المنتدى

العطايا في البلايا والمنح في المحن وفي الكربات كرامات

العطايا في البلايا والمنح في المحن وفي الكربات كرامات

 

بقلم أ. د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ وقال ﷺ: {عَجَبًا لِأَمْرِ المُؤْمِنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيْرًا لهُ وَإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا لَه}

أيّها الإخوة المسلمون القابضون على الجمر في زمن التّحدي: إنّ مثل البلاء الذي نعيشه اليوم هو كعابر سبيل وهو بإذن اللّه الجليل علی وشك الرّحيل وسحابة صيف ستنقشع عمّا قليل! ولو اطّلعتم أحبّتي على الغيب لاخترتم الواقع فما قدّره اللّه وقضاه حتم ليس له دافع!

وأقسم باللّه الرّحيم الرّحمن الملك الدّيّان التّواب المنّان: إنّ الخيرة فيما اختاره اللّه لنا هو مولانا وقد أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ومنه لم نقطع رجاءنا وما دام ذلك كذلك: فلنصبر علی البليّة ولنستغفر من المعصية ولنشكر علی العطيّة! ولولا البلاء نسأل اللّه المعافاة لوردنا يوم القيامة فقراء من الحسنات لأنّ بضاعة كثير منّا من الخيرات مزجاة ولا حول ولا قوّة إلا باللّه! ولا جرم أنّ هذه الدّنيا لا تدوم على حال ودوام الحال من المحال فسبحان اللّه الكبير المتعال! وصدق من قال: ( ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها : فرجت وكنت أظنّها لا تفرج )!

وقد سئل الإمام الشّافعيّ: ما الأفضل للمؤمن الابتلاء أم التّمكين؟ فقال: لا يمكّن إلا بعد أن يبتلى! لقد ابتلى اللّه عز وجلّ يوسف ﷺ بالإلقاء في غيابة البئر ثمّ أصبح بعد الابتلاء سيّد القصر وحاكم مصر! وحين رجع موسى ﷺ من مدين وإذا صحّ التّعبير من المنفى أكرمه اللّه بمعجزات أهمّها العصا التي أصبحت حيّة تسعى!

وابتلی اللّه نبيّه يونس ذا النّون ﷺ ثمّ فرّج عنه وتاب على يديه مائة ألف أو يزيدون! وقالت مريم عليها السّلام حين جاءها المخاض: ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ وأكرمها اللّه ﷻ بعيسى ﷺ صدّيقا نبيّا! ورجع الرّسول ﷺ سيّد البشر والقائد المظفّر من المهجر فاتحا مكّة المكرّمة طائفا بالكعبة مستلما الحجر! ونشر أصحابه الكرام دين اللّه في بلاد العرب والعجم والبربر! ولولا الصّبر على البلاء ما امتاز الأتقياء عن السّفهاء والسّعداء عن الأشقياء والعلماء عن الجهلاء!

إنّ من أسماء اللّه تعالى الحسنى: الصّبور والغفور والشّكور الصّبور: الذي لا يعجل بعقوبة المسيئين والغفور: الذي يقبل توبة المنيبين والشّكور: الذي يزيد من فضله الحامدين! فتفاءلوا بالخير تجدوه أيّها المؤمنون: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى