بقلم د. سلام عمر
الظلم هو من أسوأ ما قد يتعرض له الإنسان في حياته. وهو التعدي على حقوق العباد، لذا فهو يدمر العلاقات الإنسانية وينشر الحقد والكراهية بين الناس.
الظلم ظلمات يوم القيامة،عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا” (رواه مسلم).
فالظلم هو مخالفة الإنسان للفطرة البشرية التي فطرنا الله عليها من حب العدل والرحمة والمساواة والتسامح بين العباد. فالأصل في هذه الحياة هو وجود العدالة في الأرض، لذا فإن انعدامها يعني انتشار الظلم والذي يؤدي بدوره إلى نشر نتائج سلبية لا تحمد عقباها. فالمظلوم قد يصل إلى مرحلة يبدأ فيها بالتفكير في إيذاء من ظلمه بطرق مختلفة ليدفع عن نفسه الأذى، كذلك الظالم لا يأبه لأحد وقد يقوم بأي عمل كان حتى يحقق هدفه، متناسياً أنه يظلم الناس ويعتدي على حقوقهم أو أموالهم أو خصوصيتهم أو أي شيء يمتلكونه.
للظلم صور وأشكال عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: من يظلم غيره حباً للسيطرة والشعور بالقوة، وهناك مثلاً من يدلي بشهادة زور فيظلم الآخرين لإرضاء دوافعه الشخصية، وهناك من يظلم الآخرين بمساعدته للظالم ومساندته له في ظلمه بدلاً من ردعه عن الظلم. وآخر يظلم الناس إرضاءً لجشعه وحبه الشديد للمال، فلا يأبه من أي طريق يجده ولا يهتم إن أخذ مال أحد بالباطل ولكن كل ما يهمه هو كم سيبلغ رصيده في البنك متناسياً أن الرصيد الحقيقي هو ما يجمعه في بنك الآخرة من أعمال صالحة حث عليها ديننا الحنيف.
من أشكال الظلم المنتشرة أيضاً هو ظلم النفس باتباع الشهوات ووسوسة الشيطان، مما يؤثر على نهج حياة الإنسان وقراراته، فتراه يودي بنفسه إلى التهلكة ببعده عن دينه أو بسبب سوء أخلاقه، وكم هو مسكين هذا الظالم لنفسه فهو لا يقدر نعمة صون النفس وحمايتها ووقايتها من الحرام لتفوز في النهاية بجنان النعيم.
أما ظلم الإنسان للآخرين فأمرّ وأدهى. مسكين من مات ظالماً دون رد المظالم إلى أصحابها. مسكين من سيرى كل خصمائه يوم القيامة يأخذون حقوقهم منه. مسكين أنت أيها الظالم فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
غالباً ما نجد الظلم أينما كان هناك جهل، فالجهل هو أفضل بيئة يترعرع فيها الظلم حيث لا يشعر الظالم بأدنى مسؤولية تجاه الآخرين، فهو لا يستطيع التمييز بين الحق والباطل بل ويتمادى في ظلمه ويتفاخر به ظناً منه أنه الأفضل لمجرد شعوره بالقوة، غير واع أنّ جميع الناس متساوون وأن أفضلهم عند الله أتقاهم.
الظلم هو من أفظع الأمور التي ينال بسببها الظالم العذاب الشديد من الله سواء أكان الظلم بالقول أو بالفعل ولا بد للظالم من يوم تدور عليه الدوائر ويتذوق من نفس الكأس التي أذاقها لمن ظلمهم فالمولى عز وجل يمهل ولا يهمل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء” (رواه مسلم). ولكن لا ننسى أن رحمة الله سبحانه وتعالى واسعة فهو يقبل التوبة من عباده جميعاً. قال عليه الصلاة والسلام: “إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها” [رواه مسلم]. ولكن علينا أن نعلم أن التوبة لا تقبل إلا بأربعة شروط:
• الإقلاع عن الذنب.
• الندم على ما فات.
• العزم على أن لا نعود للذنب.
• إرجاع الحقوق إلى أهلها.
وفي الختام لنتذكردائماً ما قيل في الظلم ونتعظ: “إن دعتك قدرتك لتظلم أحداً فتذكر قدرة الله عليك”.
(المصدر: موقع بصائر)